الحملة على الإسلام وعلى البطل الفذ صلاح الدين الأيوبي لطمس الصراع مع بنى صهيون نرد عليها بمؤرخين منصفين من الغرب نشروا رسائل بين صلاح الدين وريتشارد قلب الاسد ورسائل مع خليفة الأندلس : من كتاب (السير جون دوانبورت) وعنوان هذا الكتاب (العرب عنصر السيادة في القرون الوسطى)، وقد أورد فيه وثيقة رائعة تتكلم عن واقع العلم ومكانته في المجتمع الإسلامي الأندلسي، من خلال بعثة رسمية بريطانية قصدت الأندلس للدراسة فيها، وقد حملت هذه البعثة رسالة من (الملك جورج الثاني) ملك إنكلترا والسويد والنرويج إلى خليفة المسلمين في الأندلس وكيف رد عليه الخليفة الاندلسى وهذا نصها: إلى الخليفة هشام الثالث الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير نفيدكم أننا سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الضافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة…، فأرونا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم…؛ لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من أركانها الأربعة، وقد وضعنا ابنة شقيقنا (الأمير دوبانت) على رأس بعثة من بنات الأشراف الإنكليز؛ لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف؛ لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وقد زودت الأميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص. الإمضاء خادمكم المطيع جورج الثاني وقد كان ردُّ الخليفة (هشام الثالث) – الذي حكم بين سنتي (416- 419هـ، 1037- 1040م)-: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه سيد المرسلين، وبعد: إلى ملك إنكلترا وإيكوسيا وإسكندنافية الأجلّ، اطلعت على التماسكم، فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن، وعليه؛ نعلمكم أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا لشخصكم الملكي. أما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد، وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية، وهي من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم وفيها المغزى الكافي للتدليل على التفاتتنا ومحبتنا والسلام. خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ديار الأندلس هشام الثالث إلى الصهيونى يوسف زيدان هذا صلاح الدين الأيوبي : رساله ريتشارد قلب الاسد من ريكاردوس قلب الأسد ملك الإنجليز إلى صلاح الدين الأيوبي ملك العرب أيها المَولَى.. حامل خطابي هذا بطل باسل صنديد، لاقى أبطالكم في ميادين الوغى، وأبلى في القتال البلاء الحسن، وقد وقعت أخته أسيرة، فقد كانت تدعى (ماري) وصار اسمها (ثريا). وإن لملك الإنجليز رجاء يتقدم به إلى ملك العرب وهو: إما أن تُعيدوا إلى الأخ أخته، وإما أن تحتفظوا به أسيراً معها، لا تفرِّقوا بينهما ولا تحكموا على عصفور أن يعيش بعيداً عن أليفه.وفيما أنا بانتظار قراركم بهذا الشأن، أذكِّركم بقول الخليفة عمر بن الخطاب ـ وقد سمعته من صديقي الأمير حارث ـ وهو: ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ ” انتهت رسالة ملك انجلترا رد صلاح الدين على ريتشارد من السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى ريكاردوس ملك الإنجليزأيها الملك: صافحتُ البطل الباسل الذي أوفدتموه رسولاً إليّ، فليحمل إليكم المصافحة مما عرف قدركم في ميادين الكفاح. وإني لأحب أن تعلموا بأنني لم أحتفظ بالأخ أسيراً مع أخته؛ لأننا لا نُبقي في بيوتنا سوى أسلاب المعارك، لقد أعدنا للأخ أخته. وإذا ما عمل صلاح الدين بقول عمر بن الخطاب، فلكي يعمل ريكاردوس بقولٍ عندكم: ” أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله”. فرُدَّ أيها الملك الأرضَ التي اغتصبتَها إلى أصحابها، عملا بوصية السيد المسيح عليه السلام انتهت الرسالة المؤرخ الانجليزى جون داونبرت من كتابه العرب عنصر السيادة فى القرون الوسطى قد انتهى تأريخ ذلك المؤرخ إلى أن قال في نهاية المطاف: لو لم تقم في جنوب أوروبا الحضارة الأندلسية العربية، لظلت هذه القارة تسبح مع شعوبها المختلفي الملل والنزعات في حلك من ظلمة الجهل ولما ظهر للمدنيّة الأوربية أثر . ومن هؤلاء المنصفين: الكاتبة الألمانية (زيغريد هونكه) في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب.. أثر الحضارة الإسلامية في أوروبا). فتقول في مقارنتها عن الواقع بين المجتمعين: “وبينما كان (شارل الأكبر) يجهد نفسه في شيخوخته لتعلم القراءة والكتابة، وبينما أمراء الغرب يعترفون بعجزهم عن الكتابة أو القراءة، وفي الأديرة يندر بين الكهنة من يستطيع مسك القلم، إلى درجة أنه عام 1391 ميلادي لم يكن في دير القديس جالينوس من الكهنة والرهبان من يستطيع حل الخط، بينما هذا كله يحدث في الغرب، كانت آلاف مؤلفة من المدارس في القرى والمدن تستقبل ملايين البنين والبنات يجلسون على سجادهم الصغير يكتبون بحبر يميل إلى السواد فوق ألواحهم الخشبية، ويقرؤون مقاطع من القرآن حتى يجيدوها، ويجودون ذلك معاً بلحن جميل عن ظهر قلب، ثم يتقدمون خطوة تلو الأخرى في المبادئ لقواعد اللغة. وكان الدافع إلى كل هذا هو رغبتهم الصادقة في أن يكونوا مسلمين حقاً كما يجب أن يكون المسلم، فلم يجبرهم أحد على ذلك، بل اندفعوا إليه عن رغبة وإيمان؛ لأن من واجب كل مسلم أن يقرأ القرآن. وهنا تتسع الهوّة بين الشرق والغرب أيضاً، فالكتاب المقدس لا يجد إليه سبيلاً إذا استثنينا الكهنة ورجال الدين، فهم وحدهم يستطيعون قراءته وفهم لغته. ولم تكن هناك حاجة تدعو الشعب في تلك العصور إلى تعلّم اللاتينية، بل لم تكن هناك أية رغبة في تعليم الشعب أو تثقيفه، وعلى خلاف ذلك كان الحال في العالم الإسلامي، لقد اهتمت الدولة بتعليم الرعية، ولم تلبث أن جعلت من التربية واجباً ترعاه”. وهكذا مضت (هونكه) فيما أشارت له من حديث شهادة الإنصاف في كتابها المذكور، في الفصل الثامن منه، والذي عنونته (شعب يذهب إلى المدرسة)؛ لتصف فيه واقع النهضة العلمية والتقدم الثقافي والتطور التربوي في المجتمع الإسلامي، في الوقت الذي كان فيه الغرب يعيش جهالة جهلاء، وأُميّة عمياء.
التعليقات