الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

محمد فودة يكتب : ” كلنا جنودك يا وطن “

محمد فودة يكتب : ” كلنا جنودك يا وطن “

في وقت الخطر كلنا نقاتل من أجل أمن وأستقرار وتنمية هذا الوطن 

الأخطار تحيط بنا من كل مكان والمتربصون بنا يفكرون في هزيمتنا … لكنهم لن ينتصروا 

ثورة المصريين في ٣٠ يونيو ستظل الإنجاز الأكبر الذي لن يغفره لنا أعداؤنا 

 

مخطئ من يعتقد أن الخطر الذى يهدد الأمن القومى الليبى ويمزق مؤسسات هذه الدولة الشقيقة ويطمع فى ثرواتها ومقدراتها بعيد عنا، ما يهددهم يهددنا، وهو ما جعل القيادة فى مصر تنتبه لهذا الخطر وتعد العدة لمواجهته مبكرا جدا.

الراسخ فى يقين القيادة المصرية أننا نعمل من أجل السلام، لأن السلام هو وحده القادر على تمكيننا من التنمية والبناء والمحافظة على مؤسسات الدولة قوية وقادرة على العمل والإنجاز، ولذلك عززته ووقفت وراءه على كل محاورنا الاستراتيجية.

من اللحظة الأولى ومصر تعلن بوضوح أنها مع الخل السياسى فى ليبيا، أن يجتمع الفرقاء هناك على مائدة تفاوض واحدة بعيدا عن كل الخلافات، وبعيدا عن أية تدخلات خارجية ليصلوا إلى حل يمكنهم من بناء بلدهم والتقدم بها إلى الأمام، بعيدا عن أطماع الغزاة المحتلين الدين لا يعملون الا من أجل مصلحتهم ومجدهم.

بدا هذا واضحا جدا بعد اجتماع مجلس الدفاع الوطنى الذى عقده الرئيس عبد الفتاح السياسى، والذى صدر عنه بيان يعتبر وثيقة سياسية تضاف الى وثائقنا التاريخية، وأعتقد أن كل من يريد قراءة فلسفة مصر الآن أن يعيد قراءة هذا البيان أكثر من مرة ليعرف كيف نفكر وإلى أن نمضى.

فى هذا البيان تأكيد على أن مصر متيقظة تماما لكل الأخطار التى لا تحيط بها وحدها ولكن تلك التى تحيط بالأمة العربية، ولذلك فهى تلوح بوضع كل امكانياتها لحماية أمن واستقرار ليبيا، مقدمة فى طريق ذلك كل الإمكانيات التى يمكن أن تحسم الوضع على الأرض، لكنها فى الوقت نفسه تتمسك بالحل السياسى للوضع فى ليبيا، واثقة من أن هذا الحل وحده هو القادر على المحافظة على مقدرات ليبيا وثرواتها، والقادر أيضا على الحفاظ على المؤسسات الوطنية الليبية.

لقد وثقت مصر موقفها القومى من القضية الليبية من اللحظة الأولى عندما أعلنت انحيازها الى الجيش الوطنى الليبيى بقيادة المشير خليفة حفتر، وأعلنت أنها ضد وجود المرتزقة على أرض ليبيا،وأنه لابد من تفكيك المليشيات التى تعيث على أرضها فسادا، وأنه ليس من حق أو أجنبى أن تكون له الكلمة العليا فى ليبيا.

دعمت مصر هذا الحل للأزمة الليبية فى كل المحافل الدولية، وكانت هناك جهود ملحوظة لفك حظر تسليح الجيش الليبى، فقد كانت الآية معكوسة تماما، ففى الوقت الذى كانت المليشيات المسلحة والمرتزقة يحصلون على السلاح الذى يواجهون به الجيش الليبيى، كان هذا الجيش نفسه عاجزا عن الحصول على السلاح لحماية نفسه والدفاع عن بلده، وللأسف الشديد كان هذا يحدث تحت سمع وبصر العالم كله.

تعاملت مصر بمنطق الدولة الوطنية التى ترى أن استقرار أى دولة يبدأ باستقرار مؤسساتها، ولذلك كانت تسعى لتأييد الجيش الليبى ليفرض سيطرته على بلده تمهيدا لتمكين المؤسسات الأخرى من العمل.

وعندما احتدم القنال فى ليبيا وتفوقت المليشيات بفضل تسليحها الغير شرعى وأعدادها التى تزايدت فى الشهور الأخيرة طبقا لتقارير دولية معلومة ومنشورة فى صحف عالمية، تلقفت مصر بيان مجلس النواب الليبى الذى طالب مصر رسميا بالتدخل لمساندة الجيش الليبى لحماية الأمن القومى الليبى الذى هو فى الوقت نفسه الأمن القومى المصرى.

تعاملت مصر بمنطق الدولة الكبيرة، فمصر ليست دولة معتدية، وجيشها كما قال القائد الأعلى للقوات المسلحة يحمى ولا يهدد، ولذلك استقبلت مصر وفد مشايخ وقبائل ليبيا واجتمع بهم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مشهد مهيب جرى فيه تفويض واضح وصريح للجيش المصرى بالتدخل لمساندة الجيش الليبى.

تابعت كما تابع المصريون جميعا الاجتماع التاريخي الذى جرى بين الرئيس وممثلى القبائل الليبية، استمعت الى ما قاله الرئيس معبرا عن موقف مصر، فنحن لا نظمه فى ليبيا، ولا نريد شيئا من ثرواتها لأن هذه الثروات حق أهلها، ونحن نساعد أهلها لأنهم أهلنا أمنهم من أمننا واستقرارهم من استقرارنا، وأن فى اللحظة التى ينتصرون بمصر وجيشها سيجدون أن مصر تنصرهم وتقف الى جوارهم، ولن تفعل مصر هذا منطلقة من البحث عن مصلحة خاصة بها، فهى لن تدخل ليبيا الا بطلب من الليبيين ولن تخرج منها الا بأمر منهم ، بل ان الجيش المصرى اذا دخل المعركة الى جوار الليبيين فلن يدخل الا تحت علم ليبيا والى جوا الجيش الليبى وابناء القبائل.

عندما تحدث ممثلو القبائل وضحت الصورة أكثر، فهم يفوضون مصر وبشكل مباشر لا يحتمل أى لبس لمساندة الجيش الليبى فى التصدى للغزو التركى الغاشم الذى يريد أن يقضى على الأخضر واليابس فى ليبيا، دون أن يترك أى خير وراءه لأولادها رغم أن هذا من حقهم وحدهم، وكم كان حفيد عمر المختار المجاهد الليبى الكبير بليغا ومعبرا عندما قال أن صاحب البيت ليس فى حاجة لأن يستأذن قبل دخول بيته، فى إشارة واضحة لا تخطئها عين أن مصر بالنسبة لليبيا ليست مجرد دولة شقيقة أو مجاورة ولكنها صاحبة بيت، وصاحب البيت عندما يرى بيته يتعرض للخطر لابد أن يتحرك.

لقد حاولوا التشكيك فى قيمة اجتماع القبائل مع الرئيس السيسى، وبدأ أعداء ليبيا فى التقليل من شأن هؤلاء الذين سعوا إلى مصر وهم يعرفون أنها قادرة على الوقوف بجوارهم، رغم أنهم فعليا كانوا يمثلون كل قبائل ليبيا جميعا، بما يشير إلى أن الجميع على قلب رجل واحد.

ما يطمئننا أن مصر تتحرك بوعى شديد فى مواجهة الأخطار التى تواجهها، وهى أخطار من كل اتجاه، ففى الوقت الذى تمد يدخل بالسلام، فإنها تمضى فى طريقها الدستورى، يجتمع مجلس الدفاع الوطنى ليقر رفع طلب الى مجلس النواب لطلب التفويض لحماية الأمن القومى المصرى بالتدخل الى جوار الجيش الليبى اذا لزم الأمر، فمصر تسعى إلى أن تكون كل الأوراق فى يدخا، ولا تترك شيئا أبدا للصدفة… ففى شئون الأمن القومى ومصائر الدول لا مكان أبدا للصدفة.

ما يلفت الانتباه فى المشهد الذى تكون على مهل على هامش الأزمة الليبية أن معدن الشعب المصرى الحقيقى ظهر دون مواربة، فالرسالة التى وصلت الى القيادة المصرية أن الشعب المصرى كله جنود وراء الجيش المصرى الذى يظل هو السند الوحيد والحقيقة لنا جميعا، وهو جيش يظل على العهد به دائما لا يفرط ولا يتخلى عن شعبه.

لقد حاول البعض لفتنا عن الأخطار الحقيقية الى تواجهنا وتهددنا، فحاولوا التقليل من شأن ما يحدث فى ليبيا، بل ادعوا أن مصر تتخلى عن معركتها فى سد النهضة لصالح خطر مزعوم قادم من ليبيا.

الذين يقولون ذلك يخططون جيدا لضرب الصف المصرى الواحد وزرع الفتنة فى أرضه وتأليبه على جيشه، لأن هؤلاء لن يغفروا أبدا للمصريين إنجازهم الكبير فى ٣٠ يونيو، هذه الثورة العظيمة الذى استطاع المصريون من خلالها أن يستردوا وطنهم ومستقبلهم من بين أنياب من لا يقدرون الوطن ولا يحترمون حدوده.

إننا نعيش ابآن زمن الفرز الحقيقى، لا مكان لمن يختارون اللون الرمادى ليكون تعبيرا عن مواقفهم، أو هؤلاء الذين يقفون على الحياد، مصر تحتاج الجميع الآن وهذا هو الوقت الذى لابد أن نصبت فيه جميعا أننا نستحق الانتماء لهذا الوطن العظيم.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79637269
تصميم وتطوير