السبت الموافق 18 - يناير - 2025م

مؤسسة التسامح والسلام تطلق مبادرة (وحدة الوطن وسلامة مصر أرض السلام )

مؤسسة التسامح والسلام تطلق مبادرة (وحدة الوطن وسلامة مصر أرض السلام )

كتب / محمد شبل

قامت مؤسسة التسامح والسلام بإطلاق مبادرة تحت عنوان ( وحدة الوطن وسلامة مصر أرض السلام ), على أن تتحمل الدولة مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لإيجاد البيئة المناسبة للتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع والوطن، لتقودنا نحو بناء وطن جديد على أسس لا تحارب التعددية ، ولا ترذل التنوع وحاجاته، بل تتعامل بوعي وحكمة مع هذه التعددية.

حيث قال حمدى قنديل رئيس المؤسسة : يجب أن نكون مع الاعتراف التام القانوني والسياسي بالتعددية , في الوقت نفسه ضد كل السياسات الطائفية التي تحول حقيقة التعدد من نعمة إلى نقمة، ومن عامل إثراء للسياسة والثقافة والاجتماع إلى مدخل للصراعات الطاحنة التي تدمر كل المكاسب والمنجزات.

التعايش السلمي بين ابناء المجتمع 
لا يمكن أن نمارس الطائفية بعضنا ضد بعض, بحيث إذا كان أحد منتميا لمذهب من هو بالسلطة فإن أبواب الوظائف والمناصب تفتح له، وإذا كان منتميا لمذهب مخالف فإن الكثير من الدوائر تغلق في وجهه.

“التعايش لا ينجز بدحر التعددية , بل بالوقوف بحزم ضد التمييز الطائفي، وبتوفير الفضاء السياسي والحضاري المناسب, لكي يمارس هذا التعدد دوره في بناء الوطن وتعزيز جبهته الداخلية”

لذلك فإن الخطوة الأولى في مشروع إعادة صياغة العلاقة بين أهل التعددية في الفضاء الوطني هي رفض الطائفية بكل مسوغاتها وتبريراتها, التي هي في المحصلة النهائية تسهم في تمزيق المجتمع وتفتيت الوطن.

فبدون محاربة الطائفية ونقد أسسها الثقافية والسياسية ومرتكزاتها العقدية والفكرية لن نتمكن من بناء العلاقة بين مكونات الوطن على أسس العدالة والاعتراف والاحترام المتبادلين.

كما أن التمييز لا يضر فقط الطرف الموجه ضده , بل يضر وحدة الوطن والمواطنين ويزيد من فرص الاحتراب الداخلي.
فالتعايش لا ينجز بدحر التعددية بل بالوقوف بحزم ضد التمييز الطائفي، وبتوفير الفضاء السياسي والحضاري المناسب, لكي يمارس هذا التعدد دوره في بناء الوطن وتعزيز جبهته الداخلية ومنها الالتزام بالآتي:

الاعتراف القانوني والسياسي بالتعددية المتوفرة في الوطن, وإعطاؤها المجال والفرصة لكي تمارس بحرية كل أعمالها وأنشطتها الثقافية والدينية والاجتماعية.

سن القوانين التي تجرم وتعاقب كل مواطن يمارس التمييز الطائفي، فلا يمكننا أن ننهي التمييز الطائفي من فضائنا الاجتماعي والوطني إلا بوجود منظومة قانونية متكاملة, تتعامل مع كل أشكال التمييز الطائفي باعتبارها جرما يعاقب عليه القانون.

تنقية المناهج التعليمية والتربوية والمنابر الإعلامية من كل العناصر والقضايا التي تبث الكراهية الدينية والمذهبية، فلا يمكن إنهاء المشكلة الطائفية إلا بإنهاء المصادر الثقافية والإعلامية التي تغذيها وتمدها بالأسباب والمبررات. ومن ذلك تنقية المناهج الدراسية من المفردات التي تطعن في المذاهب الإسلامية أو تطعن في عقائدها ورموزها التاريخية.

بناء ثقافة وطنية جديدة قوامها الوحدة واحترام التعددية والتنوع بكل مستوياته وصيانة حقوق الإنسان، إذ لا يمكن إنهاء المشكل الطائفي دون إرساء ثقافة اجتماعية ووطنية جديدة تعيد الاعتبار للوحدة على أساس احترام التنوع, وتتعامل مع تعدد الاجتهادات الفقهية والفكرية باعتبارها من الحقائق التي تثري المجتمع والوطن.

“التسامح السياسي” ينبغي أن يقود إلى التعايش الذي يضمن حقوق الجميع بدون تعد وافتئات من قبل أي طرف على الأطراف الأخرى، إلا أن ذلك لا ينبغي أبداً أن يترك لأهواء العامة يتحدثون عن قيم “التسامح السياسي” دون أن يمتد ذلك لتطبيق هذه القيم في الحياة المعاصرة.

لهذا فإن وجود مبادرات مؤسسية وطنية وقومية لحماية حقيقة التنوع الديني والمذهبي والقومي والنوعي يعتبر أحد المداخل الأساسية لصيانة وحفظ الأمن الوطني وتعزيز قوته وسد الثغرات التي قد ينفذ منها الخصوم الحقيقيون للوطن والذين يعملون على تحقيق أغراضهم ومصالحهم الخاصة.

”التسامح السياسي” لا يحتاج إلى الخطب الرنانة والمواعظ الأخلاقية المجردة، وإنما يحتاج لوقائع ميدانية ومبادرات مؤسسية تستوعب جميع أطياف الوطن وتحمي تنوعه بقانون وإجراءات دستورية.

ولم يقف الأمر عند ذلك بل تتطرق أيضا إلى بناء المؤسسات التي تكفل حماية هذه المبادئ وتلك القيم مثل المجلس الأعلى للمرأة الضامن لحقوق المرأة في مساواتها بالرجل أو الهيئات الإسلامية التي تحرص على تهيئة الأجواء لإقامة مناخ يساعد على “التسامح السياسي” والاعتراف به. ويحول دون بقاء الفجوات والهواجس المتبادلة بين مكونات التعدد والتنوع على المستوى الوطني.

ليس ذلك فحسب بل إن وجود مجتمع مدني قوي وفاعل ليؤدي إلى ذات النتيجة باعتبار أن للمجتمع المدني ركن أخلاقي وسلوكي محوري ينطوي على التسامح وقبول التنوع بين الذات والآخرين، وعلى حق الآخرين في أن يكوِّنوا منظمات مجتمع مدني تحقق وتحمي وتترفع عن مصالحهم المادية والمعنوية.. فهي منظمات تلتزم في إدارتها للخلافات داخلها أو في علاقاتها مع الدولة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى بالوسائل السلمية المتحضرة، أي بقيم المجتمع المدني وضوابطه المعيارية، وهي قيم الاحترام وقبول الآخر والتعاون والتنافس الشريف، يحويها ويؤطرها مفهوم “التسامح السياسي”.

لذلك .. فإن مجتمعنا لا يزال يعاني من غياب ثقافة “التسامح السياسي”. وهذا يمثل مسؤولية يجب أن يضطلع بها الجميع من قوى سياسية ومنظمات مجتمعية ومؤسسات ثقافية وحتى علماء دين. إن الاعتراف والإقرار بثقافة التسامح السياسي و”قبول الآخر” والاعتراف به هو أمر جيد ومقبول نظرياً ولكن يجب العمل من أجل ترسيخ قيمة هذه الثقافة وتطبيقها في الحياة اليومية بشكل يعود بالفائدة على الجميع دون استثناء.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79253950
تصميم وتطوير