الإثنين الموافق 23 - ديسمبر - 2024م

قصيدة “بريفان” : رسالة حب يقدمها الشاعر مشعل البياتي لشعب كردستان

قصيدة “بريفان” : رسالة حب يقدمها الشاعر مشعل البياتي لشعب كردستان

د. انسام المعروف

قصيدة “بريفان” للشاعر العراقي مشعل البياتي، التي ألقاها في مهرجان الثقافة العربية الكردية الأول في السليمانية في فبراير 2023، تتميز بالرمزية والصورية فتقدم صورة مثالية للفتاة الكردية، حيث تتميز بعينيها الجوهرتين التي تعبّر عن روح الكرد، وكذلك عن طيبتها وعذوبة حديثها.

تُعبر الأزهار البيضاء المُشرّية بالحمرة على خديها عن صفاء القلب وجمال الروح.

ويظهر الشاعر في القصيدة عمق علاقة الكرد بالطبيعة، حيث يستخدم اللوز الجبلي كرمز لجبال كردستان، والشلال للإشارة إلى جمال الطبيعة الخلابة في تلك المناطق

تأتي القصيدة برموزها المهمة كاعتزاز بأرض كردستان والنساء الكرد، حيث يستخدم الشاعر لغة الغزل في وصف جمال الكردية وتفوقها على نساء الأرض الأخريات، وذلك من خلال الإشارة إلى أنها لا تخشى شيئًا، وتستطيع أن تواجه الصعاب بشجاعة، وتتمتع برفض الواقع.

ويعتمد على الرمزية بشكل كبير لما للرموز من اهمية في اذكاء روح المعاني الشعرية كما يؤكد ذلك الشاعر الايطالي ايميليو بونافيا في مقولته: “الرمزية تتيح للشاعر التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتمنح القارئ فرصة لفهم وتفسير النص بمختلف أبعاده .

يتألق الشاعر في استخدامه للغة الشعرية والأساليب البلاغية، حيث يستخدم الألفاظ المتقنة والصور الجمالية التي تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني. ويظهر ذلك من خلال استخدامه لألفاظ مثل “النّوروز” و”الحُسْنَ” و”الصّبرَ” و”الأزمانِ” وغيرها من الكلمات الشاعرية الجميلة.

بشكل عام، تعبر القصيدة الشعرية “بريفان” عن حب الشاعر لأرضه وشعبه في العراق جميعه ويخص بالذكر شعب كردستان، وتشكل مدحاً للجمال والشجاعة والقوة التي يتميز بها الكرد.

يتجلى الجمال الشعري في التركيب المتقن والجماليات البلاغية المتنوعة التي استخدمها الشاعر للتعبير عن هذه المشاعر والافكار.

علاوة على ذلك، يُمكن تحليل القصيدة من حيث اللغة والصورة والتركيب، حيث تعتبر اللغة العربية في القصيدة غاية في الجمال والعذوبة، حيث يمزج الشاعر مشعل البياتي بين العربية الفصحى والكردية المتمثلة بالاسم، ويتضمن التركيب الشعري على توظيف الألفاظ الشعرية والمجاز والتشبيه والتعريف بالأشياء والأماكن، كما أنه يتميز بالنغمة الرنانة والإيقاع الشعري الذي يجعل من السهل على القاريء الاستمتاع بالقصيدة وفهم معانيها المرادة.

فبحسب الشاعرة الامريكية سيلفيا بلاث فان “الرمزية في الشعر تساعد على إيصال الرسالة بأسلوب فني جميل، وتجعل النص أكثر عمقاً وتعقيداً، ما يؤدي إلى إثراء الثقافة والفن والأدب.”

 القصيدة مكتوبة في إشادة بالفتاة الكردية بريفان، التي تتمثل في رمز الشعب الكردي ونضاله من أجل الاستقلال. تتميز القصيدة بعدد من الرموز والصور المتكررة.

أولها عيون بريفان، التي وصفت بأنها جواهر ثورة الكرد. وهذا يرمز إلى أهمية الرؤية والإدراك في نضال الكرد من أجل الحرية.

بِرِيفانُ

 فتاةٌ كُرديّةْ

ثوراتُ الكُردِ بعينيها الجوهرتينِ

وبعينيها..

طيبةُ كُلِّ الكُرديّاتِ

وعذوبةُ ماءِ الشّلالِ

دافئةٌ ضحكتُها تبقى

كطفولةِ قلبٍ بدَلالِ ،

رمز آخر متكرر هو شجرة اللوز، التي وصفت بأنها مصدر ابتسامة وصمت بريفان.

اللوز يرمز إلى المناظر الطبيعية الكردية، ويمثل المرونة والقدرة على التحمل للشعب الكردي. الصورة الخاصة بزهرة اللوز على خدي بريفان أيضًا مهمة، حيث تمثل الجمال والحيوية للشعب الكردي على الرغم من الصعوبات التي واجهوها. 

هيَ كانت مذ كانَ اللوزُ

جبليَّ البسمةِ والصّمتِ

أزهارُ اللوزِ على خدّيها

كأغانيِّ صبايا الكُردِ

في ليلةِ حنّاءِ عروسٍ

بثيابِ ” النوروزِ “

إيهٍ ياكُرديّاتُ بلادي الغِزلانيّاتُ

ياأجملَ مِن كُلِّ نساءِ الأرضِ

لا أقصرَ مِن عُمُرٍ يمضي

لم يعرفْ مِنكنَّ بِلاداً

تؤويهِ مِن بردِ الشّيبِ

وذئابِ الوديانِ ،

تستخدم القصيدة أيضًا صورًا للطبيعة، مثل الشلالات والزهور، لترمز إلى نقاء وجمال الشعب الكردي وثقافته. وتعكس الرمزية والصورية في “بريفان” أهمية الثقافة والهوية والنضال في تجربة الشعب الكردي، 

بِرِيفانُ ….

سيعودُ ” النّوروزُ ” قريباً

لأُغنّيكِ … وأُغنّيهِ

فتُغَنّي بدمي الأشجارُ

لنهدّمَ ليلَ الأسوارِ

كي أُعلنَ أنَّ الحُسْنَ

والصّبرَ على الأزمانِ

كرديُّ النّظرةِ والعنوانِ

كامرأةٍ خضراءَ المعنى

تعني الصّبحَ القادمَ حتماً

والثّورةَ والأشعارَ إذا

ما ابتسمتْ

أورادُ الشّفتينِ السّكّرتينِ

كربيعٍ طفلتهُ أنتِ

يا بِريفان !!

بقناعةِ حلوىً إذ أرضى

عن كلِماتٍ

تأخذني منّي بيقينٍ

إلى الغيماتِ وللنّجماتِ

لتُغنّي مابينَ يديكِ

ويتساءل الشاعر عن موعد يتمناه الكرد كالفجر والصباح. 

متى الإصباحُ

متى الإصباح ؟؟؟

ذبلتْ أجفانُ المصباحِ

فهل تدرينَ. بأنَّ الأرضَ

على مسراكِ تدور

ياحُلُماً قد صارَ قريباً

وسريعاً يسري بي

نحوَ الصّبحِ كما العصفور !!

يرمز الشاعر تفاؤله بالحمائم التي يقارنها بالغربان والليل في نهاية القصيدة

وحمائمُ نبضي

تعبرُ بي كُلَّ حدودٍ

لأُعيدَ لِذاتي ما سلبوا

منها مِن فرحٍ ونشيد

ياقيةٌ أنتِ ….

كمجدِ الشّمسِ

على الأوطانِ

لن يغلبَها أو يمحوَها

جندُ الليلِ

مِن الغربان.

وتحتفل القصيدة في ختامها بالمرونة والجمال للشعب الكردي في مواجهة الصعاب.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78684902
تصميم وتطوير