بقلم _ محمد ربيع
عندما جاء القرار بإستعادة الحق الضائع ، الروح التي سُلِبت من بين أضلعنا ، لم أكن أتخيل هذه الفرحة التي تغمرني .. سأُقاتل عدوي الذي تمنيت أن أُقاتله منذ ستة أعوام ..
أتَذَكر عندما انسحبت .. أحسست بوجع في نفسي ، انكسار بالغ رغم أنني لم أواجهه ، نظرات الناس كانت تقتلني بأني قد تخليت عن هذه الارض المقدسة ، تجرعت مرارة الهزيمة التي لم تكن من بين حساباتنا .
منذ ذلك اليوم .. لم يجف عَرقي من فوق سلاحي ، منتظرًا تلك اللحظة التي أنتزع فيها من أعدائي روحي الضائعة..
دقت الساعة الثانية ظهرًا ، ونحن جميعًا متشوقين
نترقب الضربات الجوية التي دمرت حصون العدو ، وانطلقنا في أحضان القناة حتى نصل إلى الساتر الترابي ، وأخذت بيدي حفنة من الثّري المعطرة بعَرقنا ودمائنا الطاهرة اُقبلها و أشُم رائحتها التي طال إليها شوقي ، صعدنا بعزيمة الأبطال لا نخشي الموت الذي يحيط بنا من كل إتجاه ، قوتنا تزداد رغم شدة الانحدار ، ترتفع صيحاتنا (الله أكبر) ، تَقدمنا مهاجمين أعدائنا كهجوم الأسود على الفرائس ، يفرون أمامنا كما تفر الفئران إلى الجحور ..
أتَذَكر عندما رأيت صديقي قد أُصيب في إحدى قدميه ، و مازال مستمر في القتال ، لم يكن يشعر بالألم أو يطلب مساعدة من أحد .. يقاتل بعزيمة جبارة .. تهتز الأرض من تحت قدميه ، قاتلت بجواره حتى نفذت الزخيرة ، وكانت الحصيلة من القتلى كبيرة ، نظرت خلفي رأيت صديقي قد يرتكز علي الارض بعد أن أُصيب مرة أخرى إصابة بالغة وقال لي وهو يبتسم .. أُتركني وحدي و أذهب مع الكتيبة للأمام ، فإني الفظ أنفاسي الأخيرة .. خذ ماتبقى معي من زخيرة و أكمل مهمتك أنت فأنا سعيد للقاء ربي وكم تمنيت الموت فوق هذه الأرض الطاهرة ، نظرتُ إليه في فخر وعزة شديدة قائلاً له..
أبتسم أيها البطل ، فإن مِت فأنت شهيد ، وإن كتبتْ لك الحياة فأنت سبباً في حياة الآخرين ، أنت فخر للجميع .
تقدمت بكل قوة من دون أن أتهاون أو أتراجع ، كلما تقدمنا زادت غنائمنا وحصدنا أرواحًا وزخائر وأسرى ، نرفع أعلامنا ونمزق أعلام عدونا الغادر ..
مرت ست ساعات وأصبحت أرضنا تحت أيدينا ، ودخلت الإمدادات إلينا ، ورجعتُ كي أري صديقي الذي أُصيب ، رأيته ملقي على الأرض وقد كتب على صخرة بجواره بدمائه ..
أنا المصري الذي لم يرضي بالذل يومًا .. وعزيمته أقوى من عزم الجبال
فإن متُ برصاص الغدر بطلاً .. فقد مات بطلاً من مصنع الرجال
التعليقات