كتب دكتور :رضا عبدالسلام
سبق وأن قلت مرارا، وقال من قبلي العقلاء ومن ينتمون حقا لهذه الامة، بأن عدونا الأبدي هم الصهاينة وليس الايرانيين او غيرهم…ومن يبحث عن دليل عليه مراجعة كتاب الله الذي ما من سورة فيه الا وتتحدث وتحذر من مكر ودهاء بني اسرائيل.
لندخل في الموضوع، واضح تماما اننا مقبلون على ازمة كبرى ومشكلات يعلم الله حدودها ومداها وتحديد بخصوص حرب المياه!
نعم…حرب المياه…ففي الوقت الذي أدرنا فيه ظهرنا لأفريقيا، وتحديدا بعد حادث اديس أبابا ومحاولة اغتيال حسني مبارك…أعطت اسرائيل كل ما لديها لأفريقيا…وعقدت اتفاقات واستراتيجيات بعيدة المدى تحديدا من دول حوض النيل وخاصة كينيا واثيوبيا..
للأسف نحن ندفع ثمن أخطاء كارثية وفاتورة أخطاء نظام مبارك، ومن سبقوه.
تاريخيا كانت هناك روابط متينة بين مصر واشقائها الافارقة وخاصة دول حوض النيل، وروابط ثقافية وتعليمية وسياحية واقتصادية وتجارية…كل هذا بمرور الوقت تبخر واختفى لمصلحة الكيان الصهيوني وتوابعه من امثال قطر، الذي تغلغل في كافة جنبات الحياة في دول حوض النيل.
لمن لا يعرف اسرائيل من أفضل دول العالم في تقنيات المياه رغم انها ليست لديها بحار او انهار!!…ولمن لا يعرف: اسرائيل تصدر سنويا تقنيات مياه بأكثر من ٢ مليار دولار….هل وصلت المعلومة؟
لو ركزنا على العلاقات المصرية الاثيوبية والاسرائيلية الاثيوبية سنجد ان علاقاتنا معهم كانت عظيمة ومحترمة…
ليس هذا فقط: فقد أعلنت اثيوبيا مقاطعتها لإسرائيل ومن يعاونها في حرب أكتوبر ١٩٧٣ ومعا ٢٠ دولة أفريقيا….
هكذا كانت علاقتنا بإثيوبيا الى من يستهينون بعلاقتنا بالأشقاء، وخاصة من انشغلوا بالسب والنباح في فضائيات الدمار الشامل دون ادراك لتبعات هذا السخف والتخلف!! تركونا ننبح ونولول وأكملوا السد ووضعونا في موقف لا نحسد عليه.
ولمن لا يعرف، فإن مشروع سد النهضة يتم التفكير فيه والاعداد له منذ الستينات من القرن الماضي، ولكن بعد ان ادارات مصر ظهرها لإثيوبيا وتحديد بعد ١٩٩٢ تحديد، بدأت اسرائيل في توطيد علاقاتها الاقتصادية والتعليمية والثقافية والسياحية مع اثيوبيا وبدأت بإمدادها بالكفاءات واستقبال الكفاءات الاثيوبية للدراسة بارقى الجامعات الاسرائيلية.
أعلنت اسرائيل على لسان رئيس وزرائها نتن ياهو بان العلاقات بين البلدين هي علاقات قائمة على الندية والاحترام المتبادل…ليست علاقة تعالي واستهانة وتكبر كما فعلنا منذ حادث اديس ابابا ، الذي دبرته اسرائيل كي نقطع رجلنا عن منابع النيل ليعيثوا فيه هم.
لو كنا حقا مؤمنون بالثورة وباحلامها لحاكمنا مبارك ورجاله (الذين عادوا بسحناتهم من جديد ) على ما فرطوا فيه، ومن بين ما فرطوا فيه هو ملف منابع النيل وتدمير علاقتنا مع دول كانت تربطنا بها علاقات وطيدة من الندية والاحترام.
الحصاد مرعب للغاية ويكفي ان يتحدث مسئول في “مصر النيل” بأننا سنقيم محطات لتحلية مياه البحر!! كارثة ما بعدها كارثة.
لقد انتهت اثيوبيا من التصميم النهائي لسد النهضة في سبتمبر ٢٠١٠ اي قبل الثورة بأشهر وسنوات، وذلك بعد تعاونها مع كافة الاطراف الدولية وعلى رأسها اسرائيل التي تقود العالم في تكنولوجيا المياه كما ذكرنا.
ثم بدأت في التنفيذ وفقا للجدول الزمني المقرر بدءا من مطلع ٢٠١١ وهاهي بدأت عمليات التخزين خلف السد ضاربة بهمومنا ومخاوفنا عرض الحائط.
هناك اتفاقية دولية وقعت بين مصر ودول حوض النيل برعاية بريطانيا عام ١٩٢٩ تلزم دول المنبع بعدم اقامة سدود او موانع من شانها التاثير على حصة مصر الكاملة من مياه هذا النهر الدولي الحر.
كل هذا تم تجاهله تماما، وأوشكت اثيوبيا على الانتهاء بل تفكر في بناء سدود اخرى لتوفير الكهرباء والاسماك…الخ.
ماكان لاثيوبيا ان تفعل مافعلت الا لضعفنا وتجاهلنا وغيابنا خلال العقود الغابرة…ماكان لاثيوبيا ان تفعل مافعلت الا بدعم كامل من عدونا الابدي وهم الصهاينة الذين عرفوا جيدا كيف يضربوننا في مقتل.
لقد طالبت منذ سنوات بأن نعدل وان نطور من علاقاتنا مع الأشقاء في اثيوبيا وكينيا وغيرها من دول المنبع لتعود كما كانت…إنها مسألة مصير وبقاء بالنسبة لمصر…
سبق وان طالبت وزير التعليم العالي بتخصيص الف منحة للطلاب الاثيوبيين للدراسة على نفقة الدولة المصرية بالجامعات المصرية لبناء جسور المودة والانتماء لمصر…وكذلك بالنسبة للأزهر وغيرها من الوزارات والمؤسسات…الخ.
لقد تأخرنا كثيرا على أثيوبيا ولا ادري اذا كان هناك مجال او وقت باقي للإعادة اواصر المودة بيننا وبينهم ام لا…ولكن المؤكد أن الشيطان الاكبر وهو اسرائيل فعل فعلته…وأخشى كثيرا من القادم.
لذا علينا، اليوم قبل الغد…التحرك بكل قوة تجاه اثيوبيا وحفز كافة المؤسسات والوزارات على التعاون والتنسيق وفق جدول زمني…فإثيوبيا ومعها اسرائيل وقطر يدفعون بمصر الى مستقبل خطير للغاية…ادارة هذا بعيدة جدا عن مستوى الخطر.
جميل جدا اهتماما بالملف العسكري وتطوير قدراتنا للدفاع عن بقائنا ولكن هذا الحل لابد وأن تسبقه وأن تدعمه حلول مدنية وناعمة كثيرة تأخرنا فيها كثيرا…اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
التعليقات