السبت الموافق 08 - فبراير - 2025م

عاشوراء تأصيلا لزمالة الأديان !!

عاشوراء تأصيلا لزمالة الأديان !!

كتبت/ريهام الزيني

 

 

 

 

إن من نعم الله على عباده أن يوالي عليهم مواسم الخيرات على مدار أيام السنة،ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله،فما أن إنقضى موسم الحج إلا وتبعه شهر كريم،هو شهر الله المحرم.

 

 

 

يوم بعيد جدا عنا في هذا الزمن،ذلك اليوم الذي تاب الله فيه على آدم،وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة،وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود،وفيه رد الله يوسف الى يعقوب،وفيه غفر الله لنبيه داود،وفيه وهب سليمان ملكه،وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت،وفيه رفع الله عن أيوب البلاء،وفيه كانت غزوة ذات الرقاع،وفيه قيل أنه قتل فيه حفيد النبي وثالث ائمة آهل البيت الإمام حسين بن علي في كربلاء،وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى الله تعالي فيه سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل،ونصر الله فيه سيدنا موسى عليه السلام،على الطاغية فرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعا،ومع ذلك فرح رسول الله “صلى”به،وعندما رأى اليهود يصومونه أمر بصيامه،وقال “أنا أحق بموسى منكم” فرحا بنجاته،هكذا كان يوم عاشوراء علي مر عصور تاريخ البشرية.

 

 

 

 

عاشوراء عند أهل السنة والشيعة في الإسلام:-

 

 

عاشوراء عند أهل السنة :​-

 

هو يوم صوم مستحب،أختلفت الرويات في أصل صوم عاشوراء ووفقا للحديث النبوي فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت:كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية،وكان النبي محمد يصومه،فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه فلما فرض رمضان قال “من شاء صامه ومن شاء ترمه”.

 

 

 

وتنقل بعض كتب أهل السنة والجماعة أن النبي محمد صامه عندما علم أن يهود المدينة يصومونه فقال”فأنا أحق بموسى منكم” كما جاء في حديث ابن عباس قال: قدم النبي المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: “ما هذا” ؟ قالوا: “هذا يوم صالح،هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى”،قال: “فأنا أحق بموسى منكم.

 

 

 

مظاهرالإحتفال بهذا اليوم عند السنه:​-

 

 

يقوم أهل السنه فى هذا اليوم بالصوم.

 

عاشوراء عند الشيعه:​-

هو يوم ذكرى حزينه،فبحسب العقيدة الشيعية،فإن عاشوراء هي ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي بن ابي طالب،حفيد النبي محمد من إبنته فاطمة،الذي لقي حتفه سنة 680 ميلادية،كفي معركة على السلطة،كانت إحدى أهم نقاط الإنقسام بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية.

 

 

وفي معركته مع يزيد بن معاوية،خليفة المسلمين آنذاك،قرب مدينة كربلاء،كان الحسين يواجه جيشا يفوق قدرته،وكان معه بضع مئات من أقاربه وأتباعه إضافة إلى عدد من أشقائه، أبناء علي بن أبي طالب،رابع الخلفاء المسلمين،بعد وفاة النبي محمد،ولقو مصرعهم جميعآ فى ذلك اليوم.

 

 

 

والرأي المشهور لفقهاء الشيعة و منهم آية الله العظمى السيد علي السيستاني هو أن صوم يوم عاشوراء لا يحرم بل يكره ـ بمعنى كونه اقلٌ ثوابا،و مجرد الإمساك فيه حزنا الى ما بعد صلاة العصر ثم الافطار آن ذاك بشربة من الماء هو الأولى

 

 

مظاهر الإحتفال عند الشيعه:​-

 

 

ويحتفل الشيعة كل عام بذكرى مقتل الحسين،وتتوج الإحتفالات بيوم العاشر من شهر محرم حسب التوقيت الهجري،ورغم أنهم أقلية في العالم الإسلامي،إلا أنهم أغلبية في العراق وإيران،ويخرج مئات الآلاف منهم في عاشوراء.

 

 

وفي مدينة كربلاء،يحدث أكثر مشاهد عاشوراء دراماتيكية، حيث يحتشد الشيعة،في مظاهر رمزية لتأنيب الذات والتكفير عن إخفاقهم في نصرة الحسين أثناء ثورته ضد الخليفة يزيد بن معاوية.

 

 

 

من الشعائر التي يقوم المشاركون هي زيارة ضريح الحسين وإضاءة‎ الشموع،وقراءة‎‎‎ قصة الامام الحسين،والبكاء عند سماعها،و اللطم تعبيرا عن أسفهم على الواقعة،وتوزيع الماء للتذكير بعطش الحسين في صحراء كربلاء،وإشعال النار للدلالة على حرارة الصحراء،ويقوم البعض بتمثيل الواقعة و ماجرى بها من أحداث أدت إلى مقتل الحسين بن علي فيتم حمل السيوف والدروع،ويقوم شخص متبرع بتمثيل شخصية الحسين،ويقوم شخص أخر بتمثيل شخصية القاتل الذي قام بقتله،ويقوم بعض الثقافات الشيعية بالتطبير آي ضرب أعلى الرأس وعلى الصدر بالسيوف والخناجر أو ما شابه ذلك من الآلات الحادة ضربا خفيفا،ثم يجلدون أنفسهم بالسياط في حركات متناسقة.حتى يخرج الدم على أثر ذلك مواساة للحسين!!.

 

 

 

فقد رأينا في زماننا من يقال عنه : إنه سم،ومات مسموما،من الملوك وغيرهم،ويختلف الناس في ذلك،حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك،والقلعة التي مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر.

 

 

 

وهنا لابد من القول في هذا الصدد.. أنه لأمر مغيب لا يعلمه إلا الله،فكيف يحملونه،بغير بينة،على أحد من خلقه،في زمان متباعد لم نثق فيه بنقل ناقل،بين أيدي قوم ذوي أهواء،وفي حال فتنة وعصبية،ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي،فلا يقبل منها إلا الصافي،ولا يسمع فيها إلا من العدل المصمم ” .

 

 

ما يفعله الشيعة في عاشوراء من الأمور المنكرة نهى عنها النبي”صلى”كما أنه لم يشرع لأمته أن تصنع شيئا من ذلك أو قريبا منه،لموت عظيم،أو فقد شهيد،مهما كان قدره ومنزلته

 

 

الحسن والحسين إبنا علي رضي الله عنهم،وحفيدا رسول الله “صلى”،من أهل بيت النبوة،ومن الصحابة الكرام الأطهار نتقرب إلى الله تعالى بمحبتهما وموالاتهما – دون مغالاة،كما يفعل أهل البدع”الشيعة” – ونبرأ إلى الله ممن يبغضهما ولا يحبهما

 

 

فضل صيام عاشوراء:-

 

 

فقد سمى النبي المحرم “شهر الله”دلالة على شرفه وفضله، فإن الله تعالى يخص بعض مخلوقاته بخصائص ويفضل بعضها على بعض،فهو أحد الأشهر الحرم الأربعة،لما له من مكانة كبيرة لدى المسلمين،حيث يشتمل على يوم من الأيام التي رغب النبي”صلى”في صيامها وهو اليوم العاشر من المحرم”عاشوراء”،والصوم حين يقع في شهر حرام فإن الفضل يقترن فيه بالفضل فيتأكد بشرفه في ذاته،وبشرف زمانه.

 

 

يوم عاشوراء تم شموله في الآيات القرآنية التي تتحدث عن “أيام الله”دون تصريح به،فيما تطرق المفسرون أيضا إلى بيان وتوضيح هذه الأيام إستنادا إلى السنة النبوية.

 

 

فقد ثبت عن النبي “صلى” أنه كان يصوم يوم عاشوراء،ويرغب الناس في صيامه،لأنه يوم نجا الله فيه موسى وقومه وأهلك فيه فرعون وقومه،فيستحب لكل مسلم ومسلمة صيام هذا اليوم شكرا لله عز وجل،وهو اليوم العاشر من محرم،ويستحب أن يصوم قبله يوما أو بعده يوما، مخالفة لليهود في ذلك،وإن صام الثلاثة جميعا التاسع والعاشر والحادي عشر فلا بأس،لأنه روي عن النبي “صلي”أنه قال : “خالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده”وفي رواية أخرى :”صوموا يوما قبله أو يوما بعده”وصح عنه “صلى” أنه سئل عن صوم عاشوراء فقال : “يكفر الله به السنة التي قبله”.

 

 

 

وقد جاء في فضل صيام عاشوراء عن أبي قتادة أن رسول الله “صلي” سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: “يكفر السنة الماضية” رواه مسلم والمراد أنه يكفر الصغائر،وهو على نصف فضل يوم عرفة،لأن يوم عرفة سنة المصطفى”صلى”،ويوم عاشوراء سنة موسى عليه السلام،فجعل سنة نبينا “صلى”تضاعف على سنة موسى في الأجر

 

 

ولعل فضل صيام عاشوراء وغيره من أيام الله هي فرصة للتدبر لمن أطاع الله،ولمن عصاه بالوعد والترغيب والترهيب،ولما له من ميزة وفضل عظيم،وهناك أحاديث نبوية تحث على صيام عاشوراء مع التذكير بصوم يوم قبله أو بعده.

 

 

ومخالفة الرسول “صلى” لليهود في صيام عاشوراء،هي مثال عملي لما ينبغي أن يكون عليه المسلم،فلا يقع تحت تأثير غير المسلمين،ورؤية عاداتهم وتقالدهم،والتي ربما تكون مخالفة للشريعة الإسلامية،فالرسول”صلى”خالف اليهود في صيام هذا اليوم وسن للمسلمين صوم يوم معه،ولم يكن صيامه”صلي”تقليدا لهم،بل شكرا لله علي نجاة سيدنا موسي.

 

 

ومن هنا نذهب لطرح سؤال ربما يشغل البعض”كيف نستغل نفحات وبركات هذه الأيام بالطاعات والتى نرجو الله أن يقبلها منا وكيف تحقق السعادة بهذه الطاعة إلى الله؟”.

 

 

 

تعالوا معا نفكر سويا في كيفية الإستفادة من نفحات يوم عاشوراء،من خلال نظرة واقعية تقربنا أكثر من إسلام ديناميكي مضمونه رسالة مفادها أن”الدين بكل ما يحوي هو عبارة عن فكرة حضارية لبناء المجتمع وعمارة الأرض”.

 

 

 

في القرن الحادي والعشرين،نحن بحاجة إلى قراءة متجددة ليوم عاشوراء وكل ما يرتبط بها من قيم،نحتاج إلى قراءة عميقة توظف تراجيديا يوم عاشوراء في محاربة الأفكار السلبية وتحدي الطواغيت وتغيير واقع الإنسانية إلى الأفضل ونتطلع نحو مستقبل الرفاه،كل ذلك ليس مجرد تنظير،وإنما ببرامج وبتطبيقات عملية.

 

 

 

إذن لماذا نبحث عن الجديد في عاشوراء؟

 

 

ما نبحث عنه وندعو إليه هو أن نربط واقعنا الجديد المتغير بأهم ثمار من فضل هذا اليوم المبارك،ولكن بعد أن نعي أهدافه جيدا.

 

 

لقد “قام الأنبياء والمرسلين والتابعين علي مر التاريخ في هذا اليوم في سبيل إحقاق الحق ونشر العدالة الإلهية والحرية الحقيقية،ومحاربة الباطل وأهله،وليكون لنا درسا للحق يقتدى به،فجميع ما عمله من بذل حياتهم،وأهلهم شيء في الدنيا،كل هذا إبتغاء مرضاة الله تعالى،وتطبيقا لأوامره”.

 

 

من هنا ينبغي أن يكون إحياء هذا اليوم عبر شعائرها المتنوعة إحياء لا يخلو من ذلك الوعي بالأهداف التي حققوها،فتخيلوا قيمة ما سوف نجنيه من ثمار هذا الوعي.

 

 

وينبغي لنا هنا أن نستحضر أمرين مهمين قام لأجلهم الأنبياء والمرسلين،وهما: “مرضاة الله تعالى” و”تطبيق أوامره”،عندها سيكون الأمر مختلفا عن أي إحياء عادي،إنه إحياء مسؤول،يشعرنا بمسؤوليتنا تجاه الله وأنفسنا ومجتمعنا.

 

 

والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه،هو كيف يمكن أن نستثمر هذه النعمة النازلة من السماء عبر هذا الحدث السنوي علي مدار العشر الأوائل من شهر المحرم ؟

 

 

هنا أقدم لكم جملة من الرؤى والبرامج الحضارية النافعة في إستثمار عاشوراء .

 

 

عاشوراء والإصلاح السياسي:-

 

 

فيما يرتبط بالواقع السياسي،إن ثقافة عاشوراء والأحداث التي وقعت فيها،والتي مر بيها الأنبياء والمرسلين علي مر تاريخ الإنسانية،خير من يخلص الأُمة من الأزمات السياسية المتراكمة التي تعاني منها الأُمة والإنسانية الأن والتي منها:

 

 

أولا :مشكلة الإستبداد والدكتاتورية السائدة في العالم،وفضح الذين إتخذوا عباد الله خولا وماله دولا ودينه دغلا.

 

فمن الضروري جدا لأي ثورة أو مطلب إصلاحي أو مشروع تغييري في أي مكان من دول العالم،أن يضع أمامه أولا تطلعات الشعوب،إلى جانب تطابقها مع المبادئ التي نادى بها الأنبياء والرسل “صلي” في يوم عاشوراء،وإن لم تكن كذلك، فإن بإمكان القادة السياسيين أن يوجهوا بوصلة الجماهير نحو هذه المبادئ ليكون النصر حليفهم إن شاء الله تعالى.

 

عاشوراء وتحقيق التكافل الإجتماعي:-

 

وما أؤكد عليه في هذا الصدد هو توظيف هذا الحماس فيما يرتبط بالشعائر الدينية والإنفاق الذي يواظب عليه محبو أهل الخير في تحقيق التكافل الإجتماعي وقضاء حوائج المؤمنين من إخوانهم وعدم الإعتماد على الحكومات وحدها في هذا الجانب.

 

 

فهناك ثلاثة جهات بإمكانها القيام بمهمة التوجيه العقلي وتغيير السلوك الإنساني في قضاء حوائج الناس وإنجاز الخدمات الفردية والعامة للإستفادة من عاشوراء،وهذه الجهات هي:

 

 

1- الخطيب: بتوجيه الناس وإرشادهم إلى أهمية التكافل الإجتماعي،وإلى أعمال الخير،وذكر القصص المشوقة،وسرد الآيات والروايات التي تحث على ذلك.

 

2- هيئة أمينة ومخلصة تتشكل في كل مسجد ومدرسة و… وتنبثق منها لجمع التبرعات وقضاء حوائج الناس وفق سلم الأولويات.

 

3- مساهمة الناس الخيريين والتجار الأثرياء في التبرع والتمويل.

 

 

بناء المستشفيات والمدارس:-

 

ويمكن أيضا عبر الهيئات الدينية المنتشرة في شتي بقاع الأرض تأسيس مائة ألف مؤسسة خلال كل عام من: مدرسة، ومسجد،ومكتبة،ومستشفى،ومستوصف،ودور الأيتام، وإذاعات،وتلفزيونات،ومراكز للدراسات،وإصدار المجلات والجرائد،وليس ذلك بالأمر المتعسر،إذا إمتلك الإنسان إرادة قوية وعزما راسخا وهمة عالية،ولربما كان بمقدور الفرد الواحد أن يصنع الكثير.

 

 

التغيير الثقافي المنشود:-

 

 

بالإمكان الإستفادة من موسم عاشوراء أيضا في بناء وتنمية الإنسان،على أن يكون تحديد الفئات حسب الأولوية والأهمية القصوى،فمثلا لابد ونحن نشهد هذه الأيام إتساع دائرة الإلحاد والتيارات الفكرية المنحرفة أن نهتم بتحصين الشباب،إلى جانب فئات أخرى”،وعلى المؤسسات الدينية الإهتمام بالشباب والنساء والعجزة والأطفال”.

 

 

التوصيات:-

 

إن أمام المؤسسات الدينية والهيئات الخدمية والعامة مهام كبيرة،و ينبغي أن يعوا جيدا فضل هذا اليوم المبارك،ويتأتى ذلك من خلال عدة نقاط وهي على النحو الآتي:

 

1-قيام الخطباء على إلقاء أفضل التحليلات النفسية والإجتماعية والتاريخية والعقيدية و.. وهذا من أفضل الطرق لشد الناس إلى الإيمان ولغرس معالم الدين والفضيلة في حياتهم.

 

2- دعوة أفضل الخطباء القادرين على أداء هذه المهمة،فإن تقويم وإصلاح المجتمع أو الفرد الواحد لا يثمن بشي‏ء،وقد قال الرسول (ص): “لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك مما طلعت عليه الشمس”.

 

3- المساهمة في تدوين ونشر المحاضرات التي تلقى في مراكزهم وتوزيعها بين الناس.

 

4- الإهتمام بالعائلة عبر حثها دائما على أن تكون حاضرة وبقوة في المناسبات الدينية وعلى رأسها إحياء يوم عاشوراء وتعلم فضل هذا اليوم.

5- إصطحاب الأطفال والنساء للمجالس الدينية مع حفظ الموازين الشرعية.

6- التركيز على مشاريع التغيير والإصلاح والشورى والحرية ومكافحة الفساد في الأرض.

7- العمل المشترك مع كافة الشرائح المستعدة للمشاركة والمساهمة في هذا الموسم.

8- يجب أن تكون المجالس الدينية منبعا للفكر والوعي والتحليل العلمي والعمل الجماعي.

9- أن يكون الماضي الذي يستحضر في ما حدث يوم عاشوراء علي مر تاريخ الإنسانية باعثا لمستقبل أفضل ولتجاوز المشاكل المحيطة بهم.

10- تشجيع الناس على تأسيس المنظمات والمؤسسات العلمية والتعليمية والثقافية والإعلامية والخدمية ومراكز الدراسات من أجل إيجاد نهضة حضارية شاملة للإنسانية.

11- توسيع الخطاب الديني وتطويره حتى يكون عالميا،وإيصال رسالة عاشوراء الإنسانية إلى كل العالم ومختلف اللغات.

12- التركيز على قيم الوحدة والتسامح واللاعنف ونبذ التطرف والعنف والتعصب،وبيان إن القيم الدين الأديان السماوية هي قيم تدعو إلى السلام والرحمة والإعتدال والأخوة والتضامن الإنساني،في مواجهة الحرب والفقر والإستغلال.

وهنا لابد من القول،إن حدث يوم عاشوراء يعد تأصيلا لزمالة الشرائع السماوية،وتفعيلا للإخاء الديني في صورة عملية تطبيقية،ودلالة واضحة على أن الإسلام ما جاء ليهدم ما قبله من شرائع منسوبة إلى السماء،بل جاء للتعايش معها،قال الله تعالى:” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا”وقال الله عز وجل،”ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها”.

وبهذا فالإسلام ينتزع عوامل الصراع،والحقد والتهاجر، والتنافر،والتدابر بين بني البشر،فإذا كان يوم صوم عاشوراء إحتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام وبني إسرائيل من عدوهم،والرسول محمد “صلى”، آثر أن يحيي هذا اليوم بشعيرة دينية،تعد معلما من معالم شرع الله تعالى،فإنه يؤكد بهذا الصيام مدى إحترامه لإخوانه من النبيين والمرسلين عليهم السلام،وأحسب أن الإسلام يتفرد بهذا.

فإذا كان الرسول “صلى”يشغل بحدث كان فيه نجاة للمؤمنين مضى عليه عشرات مئات السنين،بل بأكثر من ذلك،فكيف يغفل عن هذا بعض المسلمين الأن،ولا يعبأ بما يحدث لمسلم آخر أصابته شدة،ولا يعبأ بالمسلمين أصباهم خير أم شر،في حين يغضب بعض النصارى في عدد من دول أوروبا ويندد بما يحدث في فلسطين أو في العراق أو في غيرهما،في نفس الوقت الذي قد يبخل بعض المسلمين على إخوانه بنصرة أو صدقة أو دعم أو دعاء،فمن أولى بالمسلم وأحق به.

الفرح للمسلم والحزن علامة من علامات المسلم وصفة من صفاته،في الحديث: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى” متفق عليه.

إن التأمل في هذا اليوم المبارك يبعث في النفس أملا كبيرا،وكلما تدبر المسلم آيات القرآن الكريم التي تحكي لنا الشدة التي كان فيها موسى عليه السلام وقومه،وكيف نجاهم الله تعالى في مشهد عظيم،ينشرح صدره ويطمئن إلى وعد الله تعالى الدائم بنصر المؤمنين،ونجاتهم من عدوهم،قال تعالى_: “ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِين” يونس : 103.

إن يوم عاشوراء يوم شكر لا نياحة كما يفعل أهل البدع،فهو رسالة إنسانية لكل البشر وكل الأديان،فهو يوم غير مختص بمذهب من المذاهب أو دين من الأديان أو فئة محدد،بل هو يوم يضم جميع الأديان والمذاهب والفئات على مختلف أنواعها،وهذا ما تعلمناه من عاشوراء التي رسمت لنا أسمى الأهداف،لنجعلها منطلقا لحياتنا،فكيف لا تكون رسالة إنسانية وتأصيلا لزمالة كل الأديان السماوية؟!.

 

 

 

عاشوراء كقطرات المطر التي تنزل من السماء تحيي الأرض بعد موتها،إذا ما إستثمرت بالشكل الصحيح،سوف تعطي ثمارا طيبة تنتفع بها البشرية،وكلما إستثمر المزيد من هذه القطرات كلما ملئت الأرض زهورا وريحانا.

 

 

وأرجوا من الله الا يفوت خير هذا اليوم على أحد

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79666378
تصميم وتطوير