الخميس الموافق 09 - يناير - 2025م

سؤال الدبلوماسية المصرية

سؤال الدبلوماسية المصرية

بقلم: بهاء الصالحى

يعد تصريح 28فبراير 1922 هو بداية خلق الدبلوماسية المصرية ولكن المأزق التاريخى ارتبط بوجود نمط من انماط الحكم الاوتوقراطى متمثلا فى حكم الملك أحمد فؤاد علاوة على غياب مفهوم الاستراتجية وقتذاك إما لمأزق ثقافى متمثل فى الطبيعة الخاصة بالحكم وكذلك غياب وعى الطبقة القائدة وهى طبقة الاقطاعيين الذين مثلوا قدرا كبيرا حتى من رموز ثورة 1919 ويذكر التاريخ لسعد زغلول أنه نجح فى خلق ثورة سياسية ذات مسحة أجتماعية ، وبناء على ماسبق فأن ضعف اداء الدبلوماسية نابع من طبيعة الحاكم المكلف والذى لايعى وانعكاس عدم الوعى على سوء الاختيار لأن فاقد الشئ لايعطيه.
ولايمنع ذلك من ظهور رجال أفذاذ مثل عزام باشا الذى قاد مسيرة العمل فى جامعة الدول العربية كقمة للدبلوماسية وقتذاك ، والتى تعد أيضا أحد أنماط العمل فى ظل الاستراتجية البريطانية فلم تظهر للوجود إلا بعد التصريح الشهير لوزير الخارجية البريطانى وقتذاك.
ولكن وجود شخص بأداء متميز مثل عزام باشا يعود الى وجود مدرسة متميزة فى الوطنية المصرية يعود الفضل فيها الى عزيز باشا المصرى الذى تربى وبرز فى العسكرية التركية وقت الثورة على الخلافة وأنماط الحكم القديمة علاوة على قيادته للمقاومة الاسلامية للطليان عام 1911 وقت غزوهم لولاية برقة ( ليبيا حاليا ) ، خاصة مع تنامى الروح القومية التى تم بذرها مع الثورة العرابية وان كان جنى ثمارها وقت 1965 .
لم تعدم مصررجالا ورموز دافعوا عن قضيتهم المصرية فى الامم المتحدة منذ 1947 وحتى 1952 ولكنهم جميعا من أبناء الطبقة الوسطى التى عانت ولم يكن لديهم إمتداد طبقى يمتد لاروقة الحكم ، وجاء النحاس باشا كأحد ابناء الطبقة الوسطى ليعطى نكهة خاصة لأداء الدبلوماسية المصرية من خلال مواقفه الوطنية بداية من توقيع معاهدة 1936 وحتى الغاءها عام 1951 وان جاء ذلك فى اطار الحركة الوطنية بعيدا عن وجود استراتجية شاملة للعمل الخارجى ورحلات دبلوماسية للخارج ولكن الدوران كله كان فى فلك خط سياسى واحد وهو مركز لندن السياسى والشكوى لدى الامم المتحدة التى يحنفظ فيها المملكة المتحدة بحق الفيتو وبالتالى لاجدوى.
وإن كان هناك ملمح تاريخى لابد من ذكره وتنميته ألا وهو الدور الدبلوماسى التاريخى الذى قام به مصطفى كامل ومحمد فريد من بعده فى سعيهم الحثيث للتأثير على الرأى العام الاوربى وكتابات مصطفى كامل فى الصحف الفرنسية مما أدى الى احراج المركز الدولى لبريطانيا مما أدى الى تغيير اللورد كرومر عن حكم مصر ، وكان ذلك السعى الدبلوماسى أداة من أدوات ومؤسسات التحرر الوطنى من خلال رموز التفاوض الوطنى مثل عزمى باشا وغيره من مندوبى مصر الدائمين فى الامم المتحدة والذين برهنوا من خلال أداءهم المشرف ليثبتوا للعالم أن مصر ليست محمية بريطانية.
من أبرز ملامح الدبلوماسية المصرية قبل 1952 :
غياب التوجه الاستراتيجى من القيادة العليا وذلك لافتقادها بالفعل لرؤية سياسية وذلك لانها قامت على الاملاء من قبل المستعمر البريطانى من سعيد حتى فاروق.
غياب الشكل السياسى الذى يتيح لوزارة الخارجية لان الصلاحيات المعطاة المعطاة للملك وفق دستور 23 مما كبل يد الحكومة المصرية فى امكانية تحقيق سياسة خارجية تليق بمقام مصر خاصة مع تمتعها بعدد من الكفاءات التى لو وجدت فى دولة اخرى لسادت العالم .
ومع حركة 52 التى اطلق عليها طه حسين اسم الثورة وصارت فى الادبيات السياسة ثورة 23يوليو لم تتبلور سياسة خارجية متميزة الا مع عام 55/56 وذلك لعدة اسباب :
انشغال القيادة السياسية فى صراع داخلى تمثل اقصاه فى أزمة مارس 54 والحديث حول استفتاء السودان وكذلك مفاوضات الجلاء وهى امور كلها مرتبطة بالنظام السابق على 52 .
الاصلاحات الجذرية من اصلاح زراعى وغيره من اصلاحات مست شكل الحياة اليومية مما أدى الى تثبيت اقدام ذلك النظام والتمدد الطبيعى للخارج مما ادى للاستعانة بخبرات وطنية متميزة مثل فتحى رضوان فى الثقافة ومحمود فوزى فى الدبلوماسية وهو صاحب المدرسة الجديدة فى البلوماسية المصرية.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79049331
تصميم وتطوير