السبت الموافق 11 - يناير - 2025م

خبير تنمية زراعية يرسم خارطة الطريق إلي الأمن الغذائي في ضوء المتغيرات الدولية المعاصرة

خبير تنمية زراعية يرسم خارطة الطريق إلي الأمن الغذائي في ضوء المتغيرات الدولية المعاصرة

كتبت بوسي جاد الكريم

أكد الدكتور علي إبراهيم – استشاري وخبير التنمية الزراعية وأستاذ مركز البحوث الزراعية – أن المتغيرات الدولية المعاصرة، تلقي بظلالها علي مستقبل الغذاء في مصر والعالم، حيث شهدت نهاية القرن العشرين العديد من التحولات والتغيرات الاقتصادية الهامة التي من أبرزها انهيار الاتحاد السوفيتي وانضمام العديد من الدول الي المعسكر الراسمالي بزعامة الولايات المتحدة ، وقيام المنظمة العالمية للتجارة وتحول العالم الي التكتل والاندماج ومثل هذه التغيرات سوف تلقى بظلالها على جميع دول المنطقة العربية فهي بحكم موقعها الجغرافي وأهميتها الاستراتيجية ليست ببعيدة عن هذه التغيرات من حيث أنها سوف تتأثر بها وتؤثرفيها وفي الواقع فإن الآثار المتوقعة لتحرير التجارة العالمية على الواردات العربية بصفة عامة والغذائية منها على وجه الخصوص تعد من اهم الاثار الاقتصادية الناشئة عن المتغيرات الدولية خصوصا وأن الدول العربية تعد حاليا من من أهم مناطق العالم استيرادا للمنتجات الزراعية وأكثرها اعتمادا على الخارج في توفير احتياجات سكانها من الغذاء .

وأشار د. علي إبراهيم إلى أن هناك العديد من الدراسات التي حاولت تقدير الخسائر التي تتكبدها الدول النامية والدول العربية على وجه الخصوص من جراء تحرير التجارة العالمية للسلع الغذائية حيث من المتوقع أن تتحمل مصر أكبر قدر من الخسائر (حوالي 172 مليون دولار /سنة) تليها الجزائر (91 مليون دولار/ سنة) ثم سوريا (37 مليون دولار / سنة) ثم تونس (25 مليون دولار / سنة) يليها الأردن (14 مليون دولار / سنة) والسودان (10 مليون دولار / سنة) في حين المتوقع أن تكون دولة البحرين من أقل الدول العربية ضرراً حيث لن تتعدى خسارتها الكلية من جراء تحرير التجارة العالمية 2 مليون دولار في السنة .

وأوضح أن التأثيرات السلبية لقيام منظمة التجارة العالمية على المنطقة العربية لن تتوقف عند هذا الحد ، بل أنه كنتيجة لسريان اتفاقية حماية الملكية الفردية فإن الدول العربية سوف تعاني من صعوبات شديدة في الحصول على التكنولوجيا الحديثة اللازمة لتطوير وتحديث وسائل الإنتاج مما سوف يزيد من خطورة المتغيرات العالمية على اقتصاديات الدول العربية بصفة عامة وعلى أمنها الغذائي على وجه الخصوص ، ما لم تتخذ الوسائل والأساليب اللازمة لكي تواجه الدول العربية مجتمعة مثل هذه المتغيرات الدولية ، وتعمل على تقليل الأخطار المحتملة سعياً وراء تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي .

وفيم يتعلق بمقومات تحقيق الأمن الغذائي في مصر والوطن العربي أكد إن مصطلح الأمن الغذائي يعني بصفة عامة ضمضان توافر احتياجات المجتمع من متطلبات الغذاء في أي فترة من الزمن بشكل منظم في حدود دخول الأفراد .

بالتالي فإنه لتحقيق الأمن المستقبلي للغذاء في الوطن العربي فإن الأمر يتطلب أن تقوم الدول العربية بإجراء إصلاحات داخلية تتوائم مع المتغيرات الدولية في إطار استراتيجية عربية موحدة تعمل على خفض الفجوة الغذائية بها من ناحية وزيادة قدرتها على المنافسة الخارجية .

من ناحية أخرى طالب بوجوب الأخذ في الاعتبار أن قضية الأمن الغذائي ليست قضية قطرية تخص قطر دون الآخر فالمشكلة تواجه جميع الدول العربية فالتكامل الزراعي العربي أصبح ضوروة ملحة يجب الإسراع في خطواته لحماية الأمن الاقتصادي والغذائي العربي مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى غير العربية (الاتحاد الأوروبي) .

مشيرا إلي إن تحقيق الأمن الغذائي لأي مجتمع لا يقضي بالضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من جميع السلع والمنتجات الغذائية التي يحتاجها ، فهذا نادراً ما يتحقق لكثير من الدول وخاصة النامية لذا فإن على الدول العربية أن تكون قادرة على إنتاج النسبة الكبرى من الأغذية الأساسية لها ثم تقوم باستيراد باقي احتياجاتها من الخارج بشرط أن يكون لها القدرة (المالية – وليس قضيه الدعم للاستهلاك بل الانتاج) على تمويل وارداتها ذاتياً دون اللجوء إلى الاقتراض من الآخرين وهذا يتطلب تنمية وتنويع الصادرات العربية والاستفادة من الجوانب الإيجابية المرتبطة بمنظمة التجارة العالمية وتصدير السلع والمنتجات العربية وخصوصاً الخضر والفاكهة إلى أسواق الدول المتقدمة .

وشدد علي إن قضية الغذاء تعد الجانب المؤثر من قضية الزراعة فلو واكب الإنتاج الزراعي التزايد في الطلب عليه لما كان هناك ما نسميه بأزمة الغذاء فالدول العربية مجتمعة تملك كل المقومات التي تمكنها من بناء قاعدة زراعية قوية تكفل لها تحقيق نسب عالية للاكتفاء الذاتي من العديد من السلع الغذائية التي تحتاجها .

كما أن الوطن العربي لديه من الموارد الكثير في الإنتاج الحيواني من مراعي وأعداد كبيرة من الحيوانات المنتجة ، وكميات لا بأس بها من موارد الإنتاج السمكي ، ومثل هذه الموارد الزراعية العربية تتطلب ضوروة حسن استغلالها بما يكفل تحقيق الأمن الغذائي للسكان العرب .

وأوضح إن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحاً لتغير وجه الزراعة العربية بشكل جذري والاستفادة من التقدم التكنولوجي في مختلف المجالات (الهندسة الوراثية ، تكنولوجيات الري الحديث والزراعة المحمية ، التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا الميكانيكية والكيميائية ) وغيرها في تطوير وزيادة الإنتاج الزراعي العربي ، وفي هذا الصدد فإن الأمر يتطلب ضرورة العمل على إنشاء وتطوير المعاهد البحثية العربية حتى يمكن تكوين قاعدة تكنولوجية عربية تساهم في الإنتاج الغذائي عامة والزراعي منه خاصة.

وأكد إن تحقيق الأمن الغذائي العربي يتطلب ضرورة الإسراع في إصلاح السياسات الاقتصادية في القطاع الزراعي العربي ومع ضرورة تشجيع إقامة المشروعات الزراعية الكبيرة المشتركة بين الدول العربية حيث يعد أسلوب المشروعات المشتركة أداة فعالة في تهيئة المناخ لكي يقوم القطاع الخاص العربي بدور فعال في هذا المجال وتيسير انتقال عناصر الإنتاج وخاصة عنصري العمل ورأس المال ، وإزالة القيود والعوائق التي تحول دون انتقال هذه العناصر بين بلدان الدول العربية بحرية كاملة .

وربط د. علي إبراهيم بين الأمن الغذائي وبين الأمن المائي الذي يعاني حالياً الوطن العربي من عجز في الموارد المالية ولا تكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية وكما يعاني أيضاً من تهديدات من خارج الحدود السياسية لأقطار الوطن.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79090673
تصميم وتطوير