كتبت/ ريهام الزيني
لا يخفي عن أحد خطورة وجود الفتنة الطائفية بكل أشكالها في حياتنا ، والدور الرئيسي التي تلعبه في تشكيل واقع مجتمعاتنا ،ولهذا فإنه إيمانا مني بأهمية هذا الملف الشائك، سأترك قلمي يكتب معبرة عن الأفكار التي تدور في عقلي ومخيلتي تجاه هذة القضية .
من أول يوم دخل الإسلام مصر من أكثر 1400 سنة ونحن المصريين نضرب أروع الأمثلة في الوحدة والتعايش والأخوة والوفاق المبني على الإحترام المتبادل والحب ، و دائما يد واحدة تضرب أي عدوان يحاول أن يبث الفرقة والخلاف بيننا.
حصلت التفجيرات الأخيرة ، ومصر كلها مسلميها ومسيحيها حزنوا وتعاطفوا ،ووضعوا أيديهم في أيدي بعض، وإتفقوا على أنهم يقفوا يدا واحدة في وجه كل عدو يتربص بهم من الداخل والخارج .
و السؤال …بما إننا شعب واحد وليس شعبين، فلماذا إذن إنطلقت كلمات التعازي للأخوة المسيحيين ؟!
قولا واحدااا …
“إن مجرد قيامنا بالتعزية للأخوة المسيحيين هو جزء من طائفيتنا ، هو جزء من تقسمنا داخل المجتمع ، وبدون وعي وثقافة جعلوا منا جزءا يتقدم بالعزاء ، وجزءا أخر يتقبل العزاء” .
إن الأخوة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين في مصر ، تفرض علينا أن نشعر بمسؤوليتنا جميعا ، فالعزاء الحقيقي لنا جميعا ،فقد إستشهد مصريين ،وأصيب مصريين، وتضرر مكان عبادة يذكر فيه إسم الله ، فلا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي..
فلماذا نبدأ التفرقة الأن، ونحقق رغبة أعدأنا بأن يفرقونا ؟!.
فنحن شعب أصبحنا نعرف جيدا اليوم كنيسة وغدا مسجد، والشيطان قاعد ينفخ في النار، ولذلك عليكم الأن أن تثبتوا للعالم بأنكم على قدر من الوعي والثقافة، بعيدا عن الأحضان الفارغة ،والمصافحات الزائفة، والإبتسامات البلاستيكية سواء بين الرموز الدينية أو بين أفراد الشعب من الطرفين التي لم تحل مشكلة حتي الأن .
إن الفتنة الطائفية ماهي إلا جهل ديني وثقافي من الطرفين بسبب عدم وعي المصريين ،حيث إن حب السيد المسيح والسيدة مريم متأصل في قلوب المسلمين ، والقضاء علي الجهل هو الحل الأمثل لمواجهة مثل هذة الفتن الطائفية وصد الإستعمار الفكري وتنمية وعي وثقافة المصريين .
والطائفية تنشأ عندما يوجد شرائح متعددة داخل المجتمع، وهذا لا يعني أن نحاربها أو نتصدى لها، بل يجب أن نحترمها، فلكل شخص تفكيره ومبدؤه الذي لا يجب أن يتعارض مع الوطنية، والتعامل مع الأخر يجب أن يكون بالإنسانية النابعة من ديننا، دون الإلتفات لديانة الغير أو كيف يفكر ويرى الأمور التي أثرها لا يمتد لأي طرف غير الشخص نفسه.
ونأسف عندما نقول أن إعلامنا هو أول من يخلق الطائفية داخل المجتمع ، وعلى الشعب المصري أن يتصدي لمثل هذه الأمور بتبني معركة الوعي الشعبي ،وأن يتعاملوا مع الشخص كفرد وعقل بعيدا عن لونه ودينه وطائفيته وجنسه “كلنا مصريين فقط ،ولا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي أثناء الحرب التي تخوضها الدولة المصرية .
وللأسف نحن المصرييون طائفيون في السلوك، لكن وطنيون في المضمون ، فتداول التراشقات الطائفية هو من يضخم المشكلة ويحدث البلبلة والفرقة بين الشعب الواحد، وتعليقاتنا الطائفية جزء من عنصريتنا ، وتعزيتنا للأخوة المسيحيين أيضا جزء من طائفيتنا ،وعلي سبيل المثال عندما نتداول النكت والسخرية عن أي طائفة ونساعد على إنتشارها نكون بذلك أحييناها، وما يجب علينا هو أن نمنع نشرها وأن نجعلها تقف عندنا.
إن دستورنا لا يفرق بين أي طائفة من الطوائف أو قبيلة من القبائل أو أي منطقة من المناطق، ولأسف إن الخلل الحقيقي في ثقافة ووعي هذا المجتمع الذي خلق هذه التفرقة والشحنات وتدعمها الرموز الدينية في مصر دون وعي ،وذلك من خلال تقديم التعازي في كنيسة أو مسجد ، ولذلك عند حدوث أي واقعة وينتج عنها ضحايا لابد أن تكون التعزية بإسم المصريين في مكان يجمعهم بعيدا عن أي مكان خاص بطائفة أو مذهب .
وعلينا جميعا الأ يفرقنا أي تصنيف ،وفكرة التعامل مع الشخص بحسب تصنيفه أو مذهبه أو دينه لأنه بالنهاية هذا يخصه وحده، ويجب أن نتعامل معه بأخلاقياتنا فقط، خاصة وأن الوطنية تجمعنا ولا يجب أن يفرقنا أي تصنيف كان ، ونتعامل مع الجميع بالتساوي، وأن نقدم الوطنية قبل أي تصنيف فكري أو طائفي .
ولا أحد ينكر أن الفجوة الحاصلة والتي تزداد يوم بعد يوم خلقتها شبكات التواصل الإجتماعي ،من خلال أطراف مجهولة، تحركها أطراف سياسية وقوي عظمي،فلا تمنحوا للمترصدين والمتآمرين مساحات لإشعال النيران، بل حاصروهم فى حدود ضيقة،وذلك بأن نتصدى لهم وألا نغذي مثل هذة الفتن ونكون لها أشبه بالوقود .
حققت لسنوات الماضية الكثير من قصص ووقائع الخلاف بين مسلمين ومسيحيين، والكل يعرف أن هذة الفتن لا علاقة لها بالدين ، ورغم ذلك ودون قصد يصرون على توصيفها بفتنة طائفية لأسباب دينية، وينسون أن هذا مقصود لأن يروج عن مصر ،وحتى تكون وصمة عليها فى كل مكان بالعالم، ولو أردنا معالجة مثل هذة الأمور، فلا بد من مواجهة حقيقية بعيدا عن أسباب دينية.
فهناك من يسعى لإرباك المشهد السياسي ، ومثال حي على هذا، فتوقيت إثارة مثل هذة الفتن يبدو للعيان أنه مفتعل، وحجم الأحداث ينبيء عن تضخيم مقصود، فهناك من يريد الزج بالملف الطائفي في خضم هذا الوضع المتأزم لمصر والمنطقة، لإحداث فتنة طائفية، وهو من ضمن آليات الثورة المضادة التي تدبر لنا في الخارج ويتم تنفيذها في الداخل ، وفي الوقت الذي تخوض فيها مصر حرب وجود حقيقية.
ولذلك يجب أن يعي الجميع أن التفريق في أي بلد أو كيان يبدأ بمحاولة إضعاف اللحمة الوطنية ،ليتمكن أعداء الإنسانية وضعاف النفوس من تحقيق أهدافهم وزعزعة أمن وإستقرار البلاد، كما أن وسائل الإعلام الإلكترونية غير المراقبة أعطت مجالا واسعا لهؤلاء في زرع التشنجات والمساهمة في ولادة الأفكار المغلوطة.
وعلينا أن ننتبه جميعا بأن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة أبناء وطن واحد وهذة حقيقة ،”بمعني لا المسيحيين فترة ويتركوا البلد ويأخذون خلافاتهم معاهم، ولا المسلمين ضيوف خفاف وهيروحوا لحال سبيلهم ،والإثنين مع بعض يشكلون ثلاث حروف فقط (م – ص – ر)،الإثنين في أتوبيس واحد، وأطفالهم فوق بعض في كل مكان في الفصل ،شبابهم الإثنين على القهاوي لا يجدون شغل دون تمييز،والأسعار كرباج على ظهور الجميع دون تفرقة،بمعني أخر لايوجد فرق بين مسلم ومسيحي.. ”
فلماذا إذن نبدأ التفرقة في مثل هذة المواقف الأن ؟ !
إن مصر تمر بأهم وأخطر مرحلة في تاريخها الحديث، فإنتبهوا يامصريين ،ولا تعطوا الفرصة لأهل الشر وأعداء الإنسانية أن يفرقوا بيننا بأي طريقة وتحت أي مسمي أو ثقافة مغلوطة .
وبعيدا عن نظرية المؤامرة والكلام كتير كلنا حافظناه ومللنا من الكلام فيه، ” العدو الخارجي كلنا طبعا نعرف من هو ،وما هي أساليبه الشيطانية القذرة ،وتكشف عن وجهها القبيح كل يوم ،لكن الخطورة الحقيقية في العدو الداخلي الذي يمثله المتطرفون والعملاء والخونة من الطابور الخامس وكل أدوات الماسونية والصهيونية العالمية الذين يسعون دائما لبث الفتنة وإثارة المصريين، فضلا عن التهييج الإعلامي الذي تمارسه بعض الصحف ونوافذ الإعلام، ويساهم فيه أيضا تطرف الخطاب الديني أو التدين المنقوص في كثير من الأحيان ” .
كلنا أخوة ” قضية الصراع الدائر بين الأديان، والتي يسعى البعض إلى إثارتها من أجل إقامة نزاع بين مختلف الطوائف لابد أن تتوقف بالوعي والثقافة.
ويجب أن تكون الرسالة الأسمى التي نحملها جميعا هي التعايش بين البشر، وليذهب كل المتعصبين إلى الجحيم، أنا كمسلم أفضل المسيحي المتسامح على المسلم المتعصب، وأنا كمسيحي أفضل المسلم المتسامح على المسيحي المتعصب.
“إن الدين لله والوطن للجميع، كلنا نعبد الله وكلنا لازم نحب بعض .. لأن الدين محبة وكمان الدين تسامح .. فلا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي ،وحتى يهودي فهناك فرق بينه وبين الصهيوني … لأن ربنا أمرنا إننا نحترم جميع الأديان.”
إن المجتمع المصري مجبول على الخير والمحبة ولا مكان للطائفية فيه ،ولا بد أن جميع الإعتبارات تنصهر أمام اللحمة والوحدة الوطنية ،و ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث مؤسفة لابد أن يجعل أهل مصر أكثر تلاحما.
فأرض مصر تجمعنا على ضحكة واحدة وعلى دمعة واحدة، نعيش معا في تسامح ومودة، ونتقاسم كل شيء حتى أننا نتقاسم الفرح ونتقاسم الحزن، نقف معا ضد أي عدو يحاول أن يعتدي على وطننا ندافع عنه معا ونفديه بأرواحنا ونعيش مسلمين ومسيحيين في ترابط وفي سلام وطني وفي محبة وذلك منذ أن دخل الإسلام مصر تحت شعار ” الدين لله والوطن للجميع ” وتحت هذا الشعار ترابطنا وسالت دمائنا دفاعا عن هذا الوطن ،ووقفنا معا في كل شيء، وفي كل لحظات الفرح والحزن .
ولا أنسي أن أشد علي أيدي أسر الضحايا وأقول لهم ،”نحن الشعب المصري جميعا معكم بمشاعرنا وأحاسيسنا ، تأكدوا أنكم لن ولم تكونوا وحدكم أبدا، الفقد واحد ،والحزن واحد ،ولن نقول إلا ما يرضي الرب، ونحن لفراقهم لمحزونون ،وأي عمل إرهابي خسيس لا يستطيع أبدا تفكيك وحدتنا، وتأكدوا أن المقصود من هذا العمل الإرهابي التفكك الشعبي وعدم الإستقرار السياسي والإقتصادي ، و كما يهدف إلى الإساءة وتشويه مصر أمام المجتمع الدولي ،وكل هذا لتحقيق هدف واحد وهو إسقاط الدولة المصرية .
و إننا نعزي أنفسنا جميعا في شهداء وضحايا مصر الغالية إخوتي وأولاد خالي “مسيحيوا مصر”ولا نعزي طائفة بعينها عن مثل هذة الجرائم الغاشمة و الإنفجارات الأليمة الذى راح ضحيتها عدد من إخواتنا الأبرياء الذين لا ذنب لهم ،و سنظل متكاتفين و متحابين ،وسنظل أخوة مهما فعل أعداء الإنسانية في الداخل والخارج ، “وزي ما تربينا على أن الخال والد والتاريخ يثبت ذالك ،فلابد أن نعلن التحدي حتى في القصاص ”
الي كل من يشارك في تصعيد الفتنة وتأجيجها من كتاب وداعمين ومنظرين ومعتذرين ممن يريدون الخير والصلاح للأمة أقول لكم :-
“إتقوا الله في كل كلمة تقولونها أو خطوة أو عمل تصنعونه ،مما قد يتسبب في إراقة الدماء المعصومة ، وإعلموا أنكم بفعلكم ذلك ،لستم مشتركين في قتل الأنفس فحسب ،بل إنكم لتشاركون في تفريق الشمل وإعانة العدو من حيث تشعرون أو لا تشعرون ،فإتقوا الله وقولوا قولا سديدا.
فلا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تفصل وتعكر صفو العلاقة والمحبة الخالصة التي في الجينات بين مسلمي مصرو اقباطها .. انهما روح وجسد في كيان الأمة المصرية الواحد ولا ينفصلان ابدا برغم محاولات الخونة والفاسدين وتجار الدين من إثارة الفتنة بينهما.
والي كل الرموز الدينية وممن يريدون الصلاح لهذة الأمة أقول لكم :-
” قضية الصراع الدائر بين الأديان، والتي يسعى البعض إلى إثارتها من أجل إقامة نزاع بين مختلف الطوائف لابد أن تتوقف بالوعي والثقافة، وأن تتوقف ثقافة تقديم التعازي بين مسلم ومسيحي لأنها جزء من طائفيتنا و تقسمنا داخل المجتمع ، وبدون وعي وثقافة جعلوا منا جزءا يتقدم بالعزاء ، وجزءا أخر يتقبل العزاء ،ولذلك عليكم بالتوقف عن مثل هذة العادات المغلوطة وتغيير هذة الثقافة بنشر الوعي ورفع شعار “كلنا أخوة.. كلنا واحد”،وأن يكون تقديم العزاء بإسم كل المصريين في مكان يجمع كل الطوائف دون تمييز .
وهنا يمكنني القول ،إن الطائفية ما هي الإ حرب سياسية كبيرة تديرها قوي عظمي خارجية ،و لا يجب أن نستسلم لها ،ولا مجال للحديث عنها الأن ، وعلي الشعب المصري أن يتبنى أفكار محاربة الطائفة المخالفة ، فلو وجدت الثقافة الصحيحة الواضحة لكل الشعب بكل طوائفه لما وقعنا في مثل هذة الأخطاء الكارثية، ولما إنجرفنا خلف هذا التيار .
معركة الوعي هي الأساس ،والثقافة هي الركيزة الأساسية في التخلي عن ثوب الطائفية والعنصرية ، فلابد من التمسك ببعض الأساسيات التي تجعل الوعي أكبر من الإنجراف خلف أي تيار كالتربية والإيمان والوطنية .
وحدتنا الوطنية هي صمام أماننا ،و شعارنا ” الدين لله والوطن للجميع” ، وسيظل شعارا لكل أبناء الشعب المصري الواحد بعنصرية المسلم والمسيحي.
عاشت مصر في رباط إلى يوم القيامة ، فلن نهاب الموت ولن نخشى أي جرز إرهابي شيطاني خسيس ،ونحن جميعنا فداءا لهذا للوطن،مصر مهبط الرسالات والأديان،مصر بالله وبنا ستظل في أمان،وسيعاقب كل خائن وعدو جبان .
..مسلم أو مسيحي نحن أخوة في النهاية ولن يفرقنا أحد..
وفي الختام..أحب أن أوجه سؤالي لكل مصري مسلم أو مسيحي ،”يا ترى ياشعب مصر إنتوا شايفين إن الحادث الإرهابي الأخير كان فرصة يرجعنا تاني كمصريين صف واحد عشان نقدر نعرف أعداءنا الحقيقيين بره البلد وجواها ، أم مازلنا مغيبين عن الحقيقة ؟!
يردونها فتنة كبري ،والشعب يريد الإستقرار ،فمن ينتصر ؟!
تلك هي معادلة الغد !!.
التعليقات