السبت الموافق 11 - يناير - 2025م

اليوم قبل الغد…”وزير مصر للشئون الأفريقية”!!

اليوم قبل الغد…”وزير مصر للشئون الأفريقية”!!

الدكتور / رضا عبد السلام يكتب

 

 

طالبت بوزير شغله الشاغل أفريقيا منذ أكثر من 15-عام، في ملفاتي ومقالاتى لاعتبارات استراتيجية واقتصادية وتجارية واستثمارية وثقافية ودينية في غاية الخطورة.

 

 

الكثير من الدول سبقتنا في تلك الخطوة، وكان آخرها منذ أشهر المملكة العربية السعودية بأن عينت وزير لشئون أفريقيا!!!…

 

فالموضوع مهم وخطير ويستحق، خاصة بعد تعقد الوضع بعد التعنت الأثيوبي ومشاكل منابع النيل وبناء موقف افريقي داعم لمصر…الخ.

 

 

يا سادة، أفريقيا محط أنظار العالم الآن…كافة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تؤكد على أن الفرص الواعدة هي في أفريقيا…أعلى معدلات النمو السكاني عالميا تسجلها أفريقيا، بمعدل يتراوح ما بين 3 و 4%…كما يشهد متوسط دخل الفرد الأفريقي ارتفاعا ونموا ملحوظا

 

 

عدد دول أفريقيا 54 دولة، يتحدث أغلبها اللغة الانجليزية ثم الفرنسية، ويبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، يمثلون حاليا 17% من سكان العالم…من المتوقع أن يشكلوا بحلول عام 2050 ربع سكان العالم أو أكثر، وذلك وفقا لما خلصت إليه أحدث التقارير العالمية.

 

 

رغم سنوات الاستعمار والنهب للقارة السمراء على يد الغرب، إلا أن أفريقيا لا تزال تختزن مواردها الطبيعية والمعدنيه…ولهذا ليس غريبا أن تكون الصين (وليس الولايات المتحدة) هي أكبر لاعب في القارة الإفريقية، باستثمارات تتعدى ال 250 مليار دولار!!

 

 

آسيا، بقيادة الصين والهند وسنغافورة وماليزيا وكوريا وعدد من دول الخليج، وضعوا أقدامهم بقوة في أفريقيا خلال العقد المنقضي، من خلال مشروعات كبرى في مجال البنية الأساسية من طرق واتصالات وصناعات غذائية وإنتاج زراعي.

 

 

الصين على سبيل المثال، تستثمر كل تلك المليارات في أفريقيا لإشباع نهم مصانعها في الصين عبر تغذيتها بالمواد الخام القادمة من افريقيا، وفي المقابل تعكف على تنفيذ مشروعات كبرى بالقارة السمراء، مثل سد مروي الذي تم تشييده على النيل في شمال السودان وقد وقفت شخصيا على هذا السد عام 2008 ورأيت بعيني خلية نحل قوامها 10 آلاف عامل وفني وخبير صيني….الخ.

 

 

الصين وغيرها من الدول الغربية والشرقية والعربية أولت عناية خاصة جدا بأفريقيا من خلال إنشاء وزارة ووزير، شغله الشاغل هو توطيد أواصر العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية مع أفريقيا، وكان اخر هؤلاء ملك المغرب الذي عين الشهر قبل الماضي وزير للشئون الأفريقية.

 

 

مصر، في أوضاعها الراهنة، وفي ضوء طموحاتها التنموية المشروعة، ومشاكلها المعقدة خاصة في منابع النيل، أولى من كل هؤلاء بأفريقيا…كما أن أفريقيا أولى بمصر…ولكن كيف يتحقق هذا؟!

 

 

فرغم الروابط التاريخية التي تعود إلى العصر الفرعوني ثم العصر الإسلامي، ثم في عهد أسرة محمد على، وأخيرا في العهد الناصري، والتي شهدت فيها العلاقات المصرية الأفريقية عمقا كبيرا، فإن المؤشرات الراهنة، سواء المؤشرات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية لا تعكس هذا التاريخ العظيم.

 

 

خلاصة القول أننا اهملنا أفريقيا خلال العقود القليلة الماضية…فكان طبيعيا أن يحل غيرنا، وان تعطينا أفريقيا ظهرها…فالعلاقات الدولية لا تحكمها إلا المصالح.

 

 

اهملنا أفريقيا عندما لم نجارى غيرنا ولم نتابع التطورات التي شهدتها هذه القارة الواعدة…

اهملنا أفريقيا عندما فرغنا السفارات والقنصليات المصرية بالقارة السمراء من الكفاءات التي تجسد طموحات وإمكانات مصر وما ينبغي ان تكون عليه العلاقة مع الأشقاء.

 

 

من المفترض أن تكون السفارة المصرية في نيجيريا مثلا أو في تشاد أو في أنجولا خلية نحل، تتولى دراسة وتحليل الأوضاع هناك، واحتياجات السوق في انجولا -مثلا- من السلع والاستثمارات والقطاعات الواعدة هناك واحتياجاتهم التعليمية والثقافية. ..

 

 

ثم تتم ترجمة كل الأمور اعلاه في صورة مشروعات في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتعليمية والثقافية…..

 

 

السؤال الصادق:

 

هل حقا أرسلنا خلال العقود الماضية خيرة عقول مصر للعمل بتلك المكاتب والسفارات؟!

لو كانت الإجابة بنعم، فلما هذه المؤشرات المخجلة لمبادلات مصر مع افريقيا؟ مقارنة بابتلاع الصين بل عدد من الدول الخليجية الصغيرة لأفريقيا!! لدينا أخطاء متراكمة، وان شاء الله يتم تصويبها.

 

 

خلاص القول مرة اخرى، أفريقيا تحتاج عناية واهتمام خاص جدا، من خلال وزير عالي التأهيل، يكون شغله الشغال وهمه الكامل هو توطيد أواصر العلاقات مع أفريقيا، على أن يخول كافة الصلاحيات الممنوحة لكافة الوزراء المعنيين في حدود قارة أفريقيا.

 

 

ان تأتي متأخرا خيرا من إلا تأتي…

 

مطلوب على وجه السرعة هذا الوزير المؤهل…

 

ليتولى هذه المهمة التي يمكن تغير وجه اقتصادنا بل ستسهم في حل الكثير من مشكلاتنا وتحدياتنا الاستراتيجية، وفي نفس الوقت ستعيد الحياة لعلاقات تاريخية عادلة مع أشقائنا في أفريقيا. ..

 

 

سيعمل هذا الوزير من خلال رؤية بأهداف محددة وواضحة، كما سيتولى هذا الوزير المعني بأفريقيا اختيار ممثلي المكاتب التجارية والثقافية والتعليمية….الخ،

بحيث يمثلنا فيها خيرة عقول مصر، تماما مثلما يفعل باقي خلق الله، عندها سنضمن قيام علاقات في غاية “العمق والمودة والتعاون والندية” بين مصر وأشقائها الأفارقة…

 

دمتم ودامت مصر بألف خير.

 

 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79089319
تصميم وتطوير