لقد قست الحياة الدنيا علي قلوب آل خيرالله بفراق شقيقان للاستاذ الإعلامي السيد خيرالله خلال سته اشهور من نفس العام عام الحزن ومن قبلهم اخ ثالث والأم التي هى منبع النور والبركه
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقهم ((لمحزونون )) ولا نقول إلا ما يرضي الله «إنا لله وإنا إليه راجعون» رغم إيماننا بالقضاء والقدر وأن الموت حق على كل حي فإن الفراق صعب ويكون أصعب عندما يكون الرحيل متلاحق لأعز الناس
فالفراق حديثه الصمت وعندما يفيض بنا يكون لسانه الدموع لا ندرى أنبكى عليهم أم نبكى على أنفسنا القلب كان ملكاً لهم هم ولكن عند فراقهم يصبح القلب فارغاً باهتاً كأنما هو متعلق بهم وحدهم وكأن الأرواح كانت متصلة بحبل من الوداد فانقطع ذاك الحبل فجأة فتمزقت قطعة من روحك فتتقيد بألم كبير وحزن لا يفارقك أبداً حتى وإن تظاهرت بعكس ذلك تغيب شمس الأحبة عن سمانا فيصبح الكون كلّه ظلام دامس يصبح الكون كله من دون أي ألوان وملامح أو أصوات لم يعد سوى صدى أصواتهم ترن في أذاننا لم نعد نرى سوى صور وجوههم لم نعد نتذكر سواها لم نعد نتذكر سوى نظرات أعينهم عند وداعنا
لا يعرف الشوق الا من يكابده ولا يعرف مرارة العلقم الا من يتجرعه وما أقسى هذه الحياة التي تسرق منا فرحتنا وتقتل أحلامنا وتخطف من بيننا أعز الناس علينا
في زمن تتجدد الأحزان ويخفت بريق الأيام فتصبح بلا طعم كثيرون هم الذين لوعتهم الأيام بمحنها وكروبها فسرقت منهم الفرح وأحالت لحظاتهم الى دموع ساخنة لا تتوقف عن الجريان يقتل فيهم الفرحه بموت أعز الأحبة فما أقساك ايتها الحياة لو أنني أملك سيفا سحريا لقطعت أوصالك ولأذقتك طعم المرارة التي لم يسلم من شرورها الإنسان ألهذا الحد انت قاسية ولا تعرفين الشفقة أخذت منا أعز أحبتنا وأطفأت قناديل بهجتنا وحطمت أشرعة سفننا وتركتنا نهبا للأمواج وفريسة للرياح العاتية أيتها الدنيا التي لا آمان لك ولا مأمن لمن يثق بك كيف تنامين على فراش الراحة وتسهرين على ضؤ القمر وقد سلبت منا خفقات القلوب وزفرات النفوس و ما أقسى قلب أيها الموت كم هو مرعب أنت وما أقبح وجهك مخادع و غدار خصم ماكر تأتي على غفلة و ما أشد بأسك كما لئيم أنت أيها العدو المشترك للجميع حينما تمزق الأجساد و تطحنها طحناً و كم جريء للغاية أنت عندما تنتشل أعز الناس من لذة الحياةوتخطفه على مرأى محبيه وحراسه دون أن تحسب لهم وزناً كم أنت عنيد في صراعك مع الحب و الحياة للفرح عدو أنت و للسعادة ألد الخصوم وحدها التعاسة من صميم عملك و تجلب معك الحزن و العويل إلى كل بيت تدخله لا يصدك سد الأبواب و كل المنافذ حتى القلاع الحصينة تعجز عن ردعك بلطجي أنت و سفاح ولاؤك ليس للمال و المناصب أو التبعية للطغاة تبيع الأرواح بالمفرق و الجملة مقابل وجع القلوب و عذاب النفوس وفجيعة رحيل عزيز لا لقاء بعده موجعة للغاية و لاذعة كرش الملح على الجرح و أمواج الحزن على القلوب تتهيج و الحزن للروح يتأجج و العذاب يستفحل بعجالة ينطفئ نور العين فجأة ليسود الظلام و كأن وجود الفقيد على قيد الحياة كان لعبة في اللحظات الأولى من سماع نبأ الرحيل يصبح طعم الحياة مراً كالعلقم لحظات رهيبة و مرعبة و أنت تصارع أعاصير الحزن تداهمك موجة البكاء التي قد لا تجدي البتة لكنها ربما تخفف اجترار الوجع
نعم بفقد العزيز تنفطر القلوب و النفوس تشتعل حسرة و ألماً ولاسيما إذا كانت العشرة الطويلة تجمعك به و كان مميزاً بشمائل ارتفعت به و في مجتمعه كان عالي المقام و مسيرة حياته كانت عامرة
و تاريخه حافلاً بالجوانب الحميدة و الحديث عن صفاته الطيبة لا يقفل بابه و بصماته طبعت في كل مكان تاركا خلفه جرحاً في كل القلوب و له مرتبة أسمى فنكاد نسمع أنين كل فراغ تركه و الكثير من الناس اجتمعوا على محبته و برحيله أحرق قلوبهم قد يكون غادر من أمام أعينهم للأبد غير أنه لم يفارق تلك القلوب المكسورة و لن يخرج من أعماق الأرواح المجروحة لذا فكتابة مقالة في رثائه لا تعالج جروح القلب و لا ترمم تصدعات النفس و لا حتى إن اعترتنا نوبة بكاء
ماذنب المرء أن يتخم قلبه بوجع لا يفارقه حينما يصله خبر خطف أعز الناس كالصاعقة فلا يفيق من هول الصدمة إلا بصعوبة من زيارة الموت المشؤومة تلك
عن صهوة الحياة يترجل الأحبة بصمت ليتركوا غصة مرة في الأحلاق في وقت يعصرنا كابوس البعد و التشرد نغمض أعيننا كي نراهم على شاشة الذاكرة بعد أن خذلونا برحيلهم الأبدي و على حين غرة العيون تقطر دماً لا دمعاً و الروح تذوب وجعاً أما الحزن فيغدو ظلنا لوقت مديد فنشعر بالضعف فجأة حتى و إن كنا أشد الأشخاص قوة و ناهيك عن الرحيل في غير أوانه الذي يجعل اللسان يتلعثم
و القلم في تسطيره للكلمات يتعثر ثم تثير الشجون و تفتح الجروح و الكثير من الآمال تندثر
اللهم أزل هم المحزونين وفرج كرب المكروبين وأنزل الصبر على كل أسرة فجعت بعزيز عليها
يارب انت وحدك المالك للقلوب المتصرف بها ثبت قلوبنا على طاعتك وألهمنا حبك وارحم ضعفنا واجبر كسرنا في أيام الجبر هذه .
التعليقات