الأربعاء الموافق 05 - فبراير - 2025م

أحمد الحداد يكتب: سد الحنك

أحمد الحداد يكتب: سد الحنك

بقلم/ أحمد الحداد
حقيقه لا تستدعى الشرح او الاستفاضة …إن أردت التعبير في جملة واحدة عن أزمة مصر المائية مع اثيوبيا فلن أسميها سد النهضة لأن تلك الترجمة المحرفة والتى تلائم النمو الاثيوبي لا تعبر عن الواقع المصرى العاجز بغير إرادته عن التفاوض او المقاومة إلا بأدوات دبلوماسية مهادنة أهم سماتها تبادل القبلات السياسية وإيماءات الصمت المستضعف التى نصفها فى قاموسنا الشعبي بالسكوت الذى يؤكد الرضا ….واحيانا بالذهول والبلادة التى تصيب المتخم عندما يأكل طعاما دسما كسد الحنك..

يبدو أن العالم تغير من حولنا ونحن فقط من يعيش فالماضي …الآن وبعدما كان المد القومي والعربي هو أهم منابع استقاء القرن الافريقي وبالأخص المد الناصري فى الخمسينيات والستينيات في عهد عبد الناصر داعم التحرر والتنوير لتلك الشعوب والذى جعل من مصر قبلة وقلب لتنمية المجتمعات الافريقية …ابتعدت عنا نتيجة سياسات التعالي والتكبر في عهود السادات ومبارك لترتمي في أحضان الكيان الصهيوني ليرسم لها محاور تنميتها ويقايضها على ضرب أمن مصر المائي…

الأمه الحبشية تصعد في مقابل الأُفول المصرى كان ذلك في أعقاب ثورة يناير مباشرة وبقرارهم بناء سد النهضة العظيم بتمويل قطري تركي صيني سعودي يهودي …في ظل غياب قيادة مصرية تزود عن حقنا في ضمان حصتنا المائية وأمننا القومي المرتبط بأى خطر جسيم يصيب السد…..

أنجزت اثيوبيا وهى أحد أهم دول المنبع مايقارب 45% من الانشاءات خلال أربع سنوات من الصراع المصرى الداخلى على قيادة الدولة المترنحة حتى في قمة تبؤ محمد مرسى للسلطة كان الترهل الرئاسي في أزهى أوقاته ما طمأن الجانب الاثيوبي للسير قُدُما بثبات وقوة منحتها إياها دعم دول المنبع قاطبة وميوعة الموقف السوداني وترهل الدولة المصرية….

الخلاف ليس على حقهم فالتنمية أو فى بناء سدهم لكن على كونهم دولة متقدمة جغرافيا على مصر وأى تصدعات بجسم السد ستكون وبالا على مصر والسودان وهما دول المصب ونهاية امتداد المياه القادمة من بحيرة فكتوريا مصدر جميع المياه المقسمة إقليميا على دول حوض نهر النيل…الكارثة ستكون فاجعة فمصر ستغرق وستنهار فى لحظة وضحاها فالإنفجار المائي سيكون توسونامى كاسح للبنية التحتية والفوقية …..
تقدر طموحات الاثيوبين لإحتياجات ملء خزانهم بالمياه بما يقارب 75مليار متر مكعب من المياه وهى سعة مخيفة تتجاوز سعه سد اسوان العالى و تعتمد فكرتهم الاستثماريه على توليد 6 الاف ميغاوات من الطاقه الكهرومائية المعدة للتصدير لدول الجوار كالسودان وغيرها لتحقق ربحا يقدر بمليار دولار سنويا يغطى تكلفة بناء السد البالغة 5مليارات دولار بعد 5سنوات من تشغيله ….

هنا تكمن مشكلة أخرى فالتشغيل يتطلب امتلاء تام للسد بالمياه وهو ما يعني أن حصة مصر البالغة 55 مليار متر مكعب سنويا ستتأثر خلال فترات ملئه وكلما قصرت مده ملء الخزان كلما تعرضت مصر لعجز مائي وعليه مصر تطالب ألا تقل تلك الفترة عن سبع سنوات في الوقت الذى تخطط فيه اثيوبيا أن تشغله وتملأه خلال ثلاثة سنوات لا أكثر….

اثيوبيا تعتمد في التفاوض مع الجانب المصري على التسويف والمماطلة وفي المقابل تستمر في البناء والتقدم فالإنشاء ..هى لا تناقش حصة مصر المائية المبرمة باتفاقية ١٩٢٥ والمؤكد عليها دوليا عقب الإستقلال عام ١٩٥٩…..

ولا تناقش دراسات التأثير والتأثر من الجانب المصرى …وتعلن انها تعتمد دراستها الآمنه وعلينا تصديق ذلك….

بعد تلك الأعوام من الصمم الاثيوبى احتضن مؤتمر دعم الاقتصاد المصري عشرة من قادة دول افريقا شديدة الفقر ما كان مدعاة لسخرية البعض …غير أن عقلية الإدارة المصرية كانت صائبة في إحداث فرصة للتفاوض المباشر …

الثمرة كانت اتفاقية إعلان مبادئ بين مصر واثيوبيا والسودان ربما لمن يهلل مسبقا هى ليست اتفاقية نهائية لأنها في قمة التوقعات ليست إلا إطار مبدئي لحسن النية المصري الداعم لتنمية اثيوبيا والمعترف بالسد وحقها فيه …وغير ملزم ببنود واضحة إلا في قواعد عامة كحق احترام الحدود والتعاون والإستخدام العادل للمورد المائي …..

الرئيس السيسي أصاب بالخطوة و ربما سيتحمل مسؤلية تاريخية لانفراده بالقرار في ظل غياب البرلمان الممثل لرأى الشعب …لكن الحقبة خطيرة وتحديات الأزمة خرجت عن السيطرة وأوراق اللعبة في يد أمريكا والكيان الصهيوني المؤجج للفتنة والمنتصر زيفا لحق تنمية افريقا وشعوبها …

الشعب المصرى يثق برئيسه وبشرفه العسكري لذلك فلننتبهه للمؤامرة التى تُشعل أعواد ثقابها بحدودنا مع ليبيا وفي سيناء وحتى ما بين الحين والآخر مع السودان….
أُحذر من المساس بالحصة المائية المصرية أو بإلغاء اتفاقيات سابقة تتعلق بذلك فمصر حينها ستدخل عهدا من الفقر المائي…

إن السد حقيقة واقعة فلنتعامل معها بالإحتكام الدولي بعد ظهور نتائج المكتب الاستشاري الذى ألزمت الأطراف أنفسها على احترام الإلتزام بنتائجه وليس الالتزام بتنفيذها …

وها هى مصر أثبتت بزيارة الرئيس السيسي للبرلمان الاثيوبى أنها في مصاف داعمي تنمية القرن الافريقي ……

بعيداً عن ماسبق …نجحت اسرائيل أن تزرع قنبلة سهلة الإنفجار على حدودنا وامتلكت زر التفجير هذا هو أهم خطر استراتيجى ستواجهه قواتنا المسلحة في حالة الحرب فإثيوبيا دولة هزيلة لا تملك قرارها وسدها هدف حربي اسرائيلي ستحسن استخدامه وقت الحرب …..

باختصااااار….
(ما لا يدرك كله لا يترك كله….وتوقعوا أن جميع دول حوض النيل لن تصبح شريكتنا في الحدود بل في السدود )

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79615486
تصميم وتطوير