«حين يصبح الوفاء إثماً»..  هذا المشهد الإنساني.. أين الخطأ؟

ليس كل مشهد يحتاج إلى تفسير، وليس كل تصرف يستحق العقاب. لكن في بعض الأحيان، يبدو أن الإنسانية نفسها أصبحت جريمة، وأن أبسط المواقف يمكن تفسيرها بعيون لا ترى إلا التجاوز، حتى لو كان المشهد لا يحمل أي خروج عن النص.

مدير مدرسة، عاد إلى عمله بعد غياب طويل بسبب عملية قلب مفتوح، ومع اول يوم بين زملائه وطلابه تواجد ليستعيد انفاسه، وبعد أن استقبله الجميع بمشاعر الفرح والاحتفاء، ووسط هذا المشهد الإنساني، تتقدم وكيلة مدرسة مجاورة، تحمل في يدها بوكيه ورد، تُقدمه له بصدق وحب، واحترام وتقدير، المشهد طبيعي تمامًا، لولا أن وكيلة المدرسة ليست مجرد زميلة، بل هي زوجته!!

فجأة، يتحول المشهد من لفتة إنسانية إلى “مخالفة إدارية”، ويجد الزوجان نفسيهما أمام قرار عقابي قاسٍ، بنقلهما من مدرستيهما، وكأنهما ارتكبا جريمة لا تُغتفر.. والسؤال هنا: ما الخطأ؟ وأين الجريمة؟ وما العيب في أن تحتفي زوجة، بعودة زوجها بعد محنة صحية كادت أن تودي بحياته، لا سيما وسط أبنائهم من الطلبة لتكون بمثابة درس عملي يشرح تقديس الزوجه لزوحها ؟

القرار المتسرع.. وأثره القاتل

معالي وزير التربية والتعليم، والسيد محافظ الشرقية، هل تدركون أن ما اتخذته مديرية التربية والتعليم بالمحافظة من قرار قد يكون أقسى من المرض ذاته؟ إن الرجل الذي أُجريت له عملية قلب مفتوح مثلما زعم زملائه، يحتاج إلى دعم نفسي ومعنوي، لا إلى كبت وغيظ قد يدفعه إلى أزمة صحية جديدة. هذا ليس قرارًا إداريًا، هذا قرار يمس قلبًا نابضًا بالحياة والمشاعر.. ومن يدري؟ قد يكون قراركم سببًا في توقف هذا القلب مرة أخرى، ولكن هذه المرة بلا عودة!

إلغاء القرار.. هو الأكثر نبلاً وإنسانية

إن إعادة المدير والوكيلة إلى مكانهما، ليست مجرد خطوة تصحيحية، بل هي رسالة بأن الإنسانية لا تزال موجودة في مؤسساتنا، وأن القرارات الإدارية يجب أن تكون أكثر حكمة ورحمة. وإذا كان هناك من يستحق بوكيه ورد جديد، فهو أنتم، حين تعيدون الأمور إلى نصابها، وتمنحون هذا المدير فرصة لاستكمال رسالته في مدرسته، دون أن يكون الخوف والظلم رفيقيه في رحلة العودة..

وأخيرًا.. قبل أن نصدر قراراتنا، فلننظر بعيون الرحمة.. قبل أن نحاسب بعيون القانون!

وكيلة مدرسة تقدم بوكيه ورد لزوجها