الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

أزمة الإعمار في العراق وانعكاسه في ذي قار

أزمة الإعمار في العراق وانعكاسه في ذي قار

 الشيخ عصام البوهلالة

 

لم اتفاجئ عندما نشر في وسائل الاعلام هذا الأسبوع عن مدرسة أم النخيل الابتدائية في محافظة ذي قار قضاء الدواية التي ادى طلابها الامتحان وهم يفترشون ارضها الجرداء ، وكان قبلها بأيام مضت نشرت وسائل الإعلام عن مدارس اخرى وهي الشاطيء الأخضر في نفس القضاء (الدواية ) ومدرسة اخرى تسمى ابطال العراق في ذات المحافظة بقضاء قلعة سكر تماثلها بنفس حالة السوء من الانشاء .

 

وهذه المدارس انشأت بعد عام 2003 ، ولو مررنا على المدارس المحافظة ذاتها لوجدنا اكثر من ٥٠% بنفس الحالة من السوء التي يرثى لها ، وكأننا في عصور ما قبل التاريخ ، بل قد تكون مدارس تلك العصور بالمقارنة افضل من مدارسنا الحالية ونحن في عام 2022 .

 

هذه مدارس محافظة ذي قار في العراق ، وما أدراك ما ذي قار ، فبالرغم من ثرواتها الطبيعية والمعدنية الهائلة المكتشفة والمستخرج جزء منها حاليا ، إلا أن ثرائها التاريخي والديني أعظم بكثير من تلك الثروات المادية ، فهي مهد الحضارات ، وأهمها الحضارة السومريين حيث تقع فيها مدينة { اور } قبلة العالم التاريخية والدينية انذاك وما زالت قبلة الموحدين ، وفيها مهبط أبو الأنبياء سيدنا ابراهيم عليه السلام ، ومن هذه الرقعة الجغرافية انطلقت أولى الحضارات البشرية ، حيث صدر شعبها ثقافاته المختلفة الى شعوب العالم أجمع ، وعلمهم أول الأحرف التي دونت بكتاباتها المسمارية ، وسنت قانون ( ايشنونا ) أول القوانين الوضعية التي عرفتها الانسانية ، وفيها من الثقافات المتعددة ما عجزت امهات الكتب عن تدوينها .

 

اما حاضرها القريب فهي ثرية بإرثها كماضيها ، بدءا من ثورة 1920 وما بعدها من ثورات خالدة ، كما أنها كانت حاضنة لإنبثاق الاحزاب الاممية والقومية والدينية بكل مسمياتها التي سادت في عموم العراق ، وهي من احتضنت مختلف المعارضات للأنظمة السياسية المتعاقبة ، ورجالها كانوا سباقين للمشاركة والتضحية بكل الثورات والتغييرات والتصدي لكل محتل ، لغاية عام 2003 حيث كان لها الفخر والاعتزاز بالتصدي للاحتلال الأمريكي ، وكانت اخر محافظة تمكن المحتل من دخولها ، وحينها

 


قدمت العديد من ابنائها شهداء في كل مرحلة ، واخرها قيادة العصيان المدني المستمر في العراق منذ عام 2019 لغاية الآن ، وفيه قدمت كوكبة من الشهداء في عمر الزهور خرجوا ليطالبوا بحقوقهم ، وايقاف الفساد والخراب الذي حل بمؤسسات الدولة بسبب الإحتلال وأجنداته .

 

بعد هذا السرد التاريخي والثقافي لهذه المحافظة والتضحيات التي قدمتها وجعلتها أما للشهداء ، إلا أنها ما زالت محافظة منكوبة تعرضت جميع مشاريعها للنهب والسلب واحتيال الشركات المحلية والاجنبية ، وسرقت معظم الأموال التي رصدت لميزانيتها بعد عام 2003 ولغاية الآن ، وعموم اهالي هذه المحافظة يعانون من الشقاء الأزلي ، بالرغم من أن أهم قيادة السلطة المركزية وقيادة الاحزاب الحاكمة منحدرين من هذه المحافظة ، وتسلقوا السلطة باسمها وتاريخها وتضحياتها ، وإن آخر رئيس وزراء الكاظمي ينحدر منها ، وكذلك الذي قبله عبد المهدي ، إضافة إلى كبار مسؤولي الدولة واصحاب القرار في الحكومة المركزية ، وبالرغم ذلك لم يقدم أحدا من هؤلاء المسؤولين أي شيء حقيقي يترك بصمة فيها ، ويسجل في تاريخه عمل مميز يذكر ، وهذا عكس ما فعله النظام السابق الذي بنى مدينته وقريته مسقط رأسه وطورها ، واحاطها بافضل الخدمات والطرق ومكن ابنائها من العمل بسهولة ويسر ، حتى جعلهم يدافعون عن اسمه في اقسى الظروف ..

 

وهنا نقول إن من لم يستطع بناء مدينته الصغيرة ويسعد اهلها ويتبنى شبابها ، لن يكون فيه خيرا لبناء باقي مدن العراق المدمرة وقيادة شعبه .

 

وسوف تبقى هذه المدارس وسواها من مؤسسات الدولة الأخرى في دوامة الكذب والتضليل الاعلامي الممنهج ، ووصمة عار بتاريخ هؤلاء المسؤولين ، وسيكون الإعمار في العراق أكذوبة في كل أرجاءه .

كلامنا هذا موجه لمن يريد إعادة تدوير المجربين الفاشلين لقيادة المرحلة القادمة وفي مقدمتهم مصطفى الكاظمي رئيس حكومة تسيير الأعمال ، واعذر من انذر .

 

سياسي عراقي

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79625808
تصميم وتطوير