✍️ حسام الشريف
فنانات من الزمن الجميل هن كثيرات ومتميزات وتنفرد كل واحدة منهن بميزة خاصة ويشتركن جميعا في تعدد المواهب في مجالات الغناء والتمثيل، كما يشتركن ايضا في حلاوة الروح وجمال الشكل وروعة الأداء والتمثيل هن فنانات لن يتكررن كثيرا وقد لايجود الزمان بمثلهن ملئوا حياة الناس بالسعادة والحب والأمل في زمن مليء بالشجن والطرب والغناء الأصيل لعشرات السنين، وحتي اليوم مازلنا نستمع لهن ونتأثر بهن، نتمني لوكنا معهم او كنا عشنا زمنهم لقد تركوا بصماتهم علي كل مناحي الحياة فمثلوا لنا الذوق الجميل، وكانوا مصادر المشاعر الراقية ومنابع الرومانسية الفياضة عرفنا العالم بهم فكانوا القوة الناعمة لمصر، الحضارة هوليوود الشرق بكل مكوناتها.
لقد آن الاوان ان نتذكر بعضا من هؤلاء الفنانات ونلقي الضوء علي ابداعاتهم التي سجلتها السينما والدراما والغناء العربي والتي لا يمكن نسيانها او تجاهلها ولانه لايمكن حصرهم مقال واحد فليس امامنا الا ان نعرض لبعض منهن تباعا ونلقي الضوء عليهن حتي نذكر بهن الكبار ويتعرف عليهن الشباب والصغار.
* نجاة الصغيرة
من اروع ما تسمع الاذن و من اجمل ما تري العين الفنانة الجميلة المتألقة دائما نجاة الصغيرة، التي تعشقها الاذان قبل ان تسمعها تراها العيون فتاخذ بالقلوب تملك شجي صوتي وترانيم موسيقية غاية في الإبداع الذي لا نظير له بين كل المغنين والمغنيات العرب علي مر العصور، عندما تسمع صوتها تحس وكأنه يأتي من السماء قال عنها بعض الكتاب انها قيثارة السماء حتي انك لاتملك وانت تسمع تغريدها في بعض اغنياتها الا ان تتوقف عن كل شيء حولك كي تتفرغ لسماعها فهي تملك القلب وتسيطر علي الاذن وتاخذ بالعقل وتجذب العيون، فعندما تري نجاة الصغيرة في افلامها تتمني ألا تتوقف عن الغناء وروعة الأداء طوال الفيلم فهي تغسل الهموم وتذهب بالعقل في خيلات حلوة والي ابعد مدي.
جمعت نجاة، بين فن التمثيل وعزوبة الغناء وظلت لسنوات طويلة بمثابة البلسم الذي يداوي جروح العاشقين من اول مرة هي مبدعة في كل اغنياتها وافلامها الي اقصي مدي، تزوجت في بداية عمرها من المخرج المصري الشهير حسام الدين مصطفي، الذي فتح المجال امامها للتمثيل وادت احسن أدوارها في السينما المصرية، وتقلدت أدوار البطولة امام كبار الممثلين والفنانين المصريين، حيث مثلت فيلم “شاطيء المرح” “وسبعة ايام في الجنة” امام الفنان حسن يوسف، وتقلدت دور البطولة في فيلم “ابنتي العزيزة” امام الفنان رشدي اباظة، كما مثلت دور البطولة في فيلم “الشموع السوداء” امام الفنان ولاعب كرة القدم الشهير صالح سليم، ومثلت دور البطولة في فيلم “بنت البلد” وفيلم “هدية” امام الفنان محمود ذو الفقار، كما لعبت عشرات الأدوار في عدد من الأفلام الأخري.
ورغم كل افلامها تظل نجاة الصغيرة ملاك الغناء في كل العصور وقد غنت عيون القلب وقالت فيها.. عيون القلب سهرانة مابتنمشي.. لا انا صاحية ولا.. نايمة مبقدرشي، ومن اروع ما غنت ايضا اغنية انا بعشق البحر وكأنها تدعو من يشاهد او يسمع تلك الاغنية للنظر بعمق في عيونها ليري فيها عمق البحر وجماله وسكون الليل وعشاقه كما غنت بحلم معاك وانا بستناك واغنية فاكراه وفي كل اغنية وفي كل مرة تاخذنا الفنانة الرقيقة نجاة، الي عالم جديد وحلاوة صوت جديد واداء غنائي جديد لانظير له ولن يسبق لأحد ان سمع مثل صوت نجاة الصغيرة، او حتي حلم بسماعة، والفنانة نجاة هي الاخت الكبري للفنانة سعاد حسني وقد صنفها النقاد علي أنها من خوارق الزمن في الغناء والتمثيل ومن اشهر رموز الموسيقي العربية علي الاطلاق.
*سعاد حسني
سعاد حسني، فنانة من نوع خاص ربما لاتتكرر كثيرا أثرت الحياة الفنية في مصر، لاكثر من نصف قرن وتركت بصمتها في تاريخ السينما، بشكل فريد حتي اطلق عليها النقاد وقتها اسطورة السينما، وسندريلا الشاشة الكبيرة، فهي فنانة مشتعلة مليئة بالتجليات، ورقة الحب والمشاعر المتدفقة وحلاوة الرومانسية التي جسدتها باسلوبها الخاص، فصاغت المعاني بعمق وتفرد غير معهود ونطقت الكلمات بطريقتها الخاصة وضحكاتها الرنانة إنها الفنانة التي لم يعطها النقاد حقها ولم تستطع الاقلام ان تصوغ المعاني الكامنة في وجدانها والمرسومة علي ملامحها.
ولدت سعاد، في حي بولاق عام 1943، ورحلت في عام 2001، بعد ان تركت ورائها لغزا محيرا ما زال غامضا حتي الآن عن سبب وفاتها ورحل معها الكثير من اسرار حياتها التي رحلت معها انها الشمس التي غابت عن دنيانا فكانت ضحية شراسة الغدر وقسوة القلوب التي لاتعرف الرحمة رحلت اسطورة السينما في حادث مأساوي بعد ان سقطت من غرفتها في احدي بنايات العاصمة البريطانية، دون ان يكشف احد سر وفاتها حتي الآن ولم تكن قد تجاوزت الستين من عمرها بعد حياة حافلة بالعطاء.
كانت حياة السندريلا، مليئة بالاسرار والغرابة كما كان رحيلها ايضا سرا غامضا فقد كان لها 16 أخا وأختا حيث تربت في بيت مشتعل بالفن فقد كان والدها خطاطا وكانت شقيقتها الفنانة رائعة الغناء نجاة واختها سميرة فنانة تشكيلية، ومضت سعاد، كل حياتها لتخطف القلوب في معظم افلامها، وقد كانت ثمانية من افلامها ضمن افضل 100 فيلم في تاريخ السينما لتسجل اسطورتها مع الفن منذ نعومة اظافرها، وهي ما زالت في عمر السابعة عشرة سنة، وغنت في كثير من افلامها ولحن لها كبار الملحنين وردد البسطاء بعضا من اغنياتها التي اشتهرت بها مثل اغنيك “يا واد يا تقيل” و”هو “وهي، واغنية “بانو بانو” و”الدنيا ربيع” و”خالي البيه” وعشرات الاغنيات الاخري التي تميزت بها سعاد، وعكست خفة ظلها وجمال صوتها وروعة ادائها الغنائي.
ويمضي بها قطار العمر، وقد تزوجت اربع مرات واشاع البعض انها تزوجت من الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، ولم تؤكد هي او تنفي ذلك، وظلت علاقتها بالفنان عبد الحليم حافظ، تشبه اسطورتها وسرا من اسرار حياتها فلم يعرف احد ان كانت قد تزوجت به ام لا.
وتظل سعاد حسني، علامة من علامات الفن والإبداع في عصرها وفي كل العصور وقد توجت حياتها ومشوارها الفني بحوالي 91 فيلما وحصلت علي العديد من الجوائز وحصلت علي لقب افضل ممثلة في عام 1971 وكرمها الرئيس السادات عن مشوارها الفني عام 1979 وبعد سنوات سافرت الي لندن للعلاج وظلت هناك حتي حدثت فاجعة موتها لتطوي معها قصة واسطورة من اغرب اساطير الفن والحياة التي لن ينساها التاريخ ولن ينساها الفن ايضا.
*شادية
ظلت الفنانة القديرة شادية، طوال حياتها قبلة الجماهير العربية من عشاق الغناء والطرب واطلق عليها النقاد” معبودة الجماهير وصوت مصر” فكانت من اولي الفنانات المصريات التي شدت باغانيها الحماسية الوطنية والتي ظل الناس في كل انحاء الوطن العربي وفي مصر يرددون معها اغنية “ياحبيبتي يامصر” ولم تكن براعتها في مجال التمثيل تقل عن مجال الغناء فقد أدت عشرات الأدوار في السينما امام عمالقة التمثيل والغناء الكبار امثال الفنان عبد الحليم حافظ، وفريد الاطرش، وبرعت في أدوارها في العديد من الافلام امام كمال الشناوي، وشكري سرحان، ومحمود مرسي، وغيرهم.
كما برعت في اداء الدويتو الغنائي الرائع مع الفنان كمال الشناوي، والفنان فريد الاطرش، وفي مجال التمثيل المسرحي اضحكت الفنانة شادية جمهورها وهي علي خشبة المسرح وكشفت عن خفة ظلها وموهبتها المسرحية خاصة في مسرحية “ريا وسكينة” التي شاركها دور البطولة فيها الفنان احمد بدير، وعبد المنعم ابراهيم.
وظلت شادية، عملاقة الغناء والتمثيل تتربع علي عرش الفن في مصر لعشرات السنين ورغم رحيل الفنانة شادية ستظل في قلب ووجدان الجماهير فقد كانت “بومبوناية” السينما وصوت مصر، الذي نردد اغنياتها وتجذبنا افلامها وتضحكتنا مسرحياتها إنها الفنانة التي لن يجود الدهر بمثلها وتظل في ذاكرة ووجدان الامة ولن تنسي .
*هدي سلطان
هدي سلطان، فنانة شاملة وواحدة من أشهر الفنانات المصريات في مجالات السينما والدراما والمسرح والغناء احبها الجمهور وتعلق بافلامها واغنياتها، وقد جمعت بين الجمال النادر الاخاذ وحلاوة الصوت وروعة التمثيل فحازت شهرة كبيرة في عالم الفن ومدحها النقاد، وقال عنها البعض انها اعجوبة الفن العربي، وقد تقلدت أدوار البطولة المطلقة امام عمالقة التمثيل والنجوم الكبار، ولعبت معظم أدوارها امام الفنان فريد شوقي، وشكري سرحان، ورشدي اباظة، ومحمود المليجي، وتركت ورائها روائع الافلام العربية التي صنعت تاريخ السينما في مصر مثل فيلم “جعلوني مجرما” وفيلم “حميد” و”الاسطي حسن” و”رصيف نمرة خمسة” و”الفتوة”، والتي لعبت دور البطولة فيها امام الفنان الراحل فريد شوقي، الذي تزوج بها وعاش معها فترة طويلة وانجب منها بنتان ناهد، ومها فريد شوقي.
كما مثلت عشرات المسلسلات للتلفزيون وتعلق بها المشاهدون المصريون والعرب ومنها مسلسل “ارابيسك” ومسلسل “الوتد” ومسلسل “ليالي الحلمية” ومسلسل “الليل وآخره” ومسلسل “بين القصرين” ومسلسل “علي الزيبق” ومسلسل “عطفة خوخة”، كما مثلت للمسرح عدة اعمال منها “الملاك الازرق” و”دقة قلب” و”الوان الحب السبعة”و”بمبة كشر”، وبرعت هدي، في الغناء بصوتها الأسطوري وكان ضمن أشهر اغنياتها اغنية “من بحري وبنحبوه” واغنية “ابين زين” واغنية “ان كنت ناسي افكرك” واغنية “انا جاني جواب” كما غنت الاسكتش وهو لون سريع وخفيف من الغناء مثل تلك الاسكتشات التي اشتهر بها اسماعيل ياسين، ومحمود شكوكو، وغيرهم ومن تلك الاسكتشات اغنية “الحنطور” و”حبك كواني” و”رمان الجناين”.
تنتمي هدي، الي أحد العائلات الغنائية الشهيرة فهي أخت الفنان محمد فوزي، ولدت بمدينة طنطا بمحافظة الغربية عام 1925، وتزوجت خمس مرات، وتوفيت بالقاهرة عام 2006، عن عمر ناهز الثمانين عاما بعد رحلة من الفن والعطاء والإبداع المتميز وتركت ورائها تاريخاً حافلا بعشرات الأعمال الفنية المتنوعة التي ما زال الجمهور المصري والعربي يعجب بها ويتابعها حتي اليوم.
التعليقات