الأربعاء الموافق 15 - يناير - 2025م

إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين الإيرانيين في أواسط صيف عام 1988،

إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين الإيرانيين في أواسط صيف عام 1988،

احمد عناني

أكبر جريمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانيةبين مأساة وملحمة، اختبار أيديولوجي سياسي كبير

تعتبر إبادة جماعية طالت السجناء السياسيين في إيران في أواسط صيف 1988، أكبر جريمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. تلك الجريمة التي شاركت فيها كافة العصابات الداخلية للنظام الإيراني تمثلت في شلالات دم عمّد بها الخميني نظامه المشؤوم.
ووفق وصايا الخميني، كان مسؤولو نظام الملالي بينهم «مير حسين موسوي» رئيس الوزراء للنظام و«ولايتي» وزير الخارجية في حينه، قد رفضوا الاحتجاجات الدولية على ما ارتكبوه من تعذيب وإعدام في سجون النظام قائلين «إنه ليس لدينا سجين سياسي في إيران!». ونصحهم الخميني بأن يصفوا أعضاء منظمة مجاهدي خلق وسائر السجناء السياسيين بالإرهابيين وأن لا يتكلموا عن وجود «سجين سياسي» في إيران مع أي طرف حقوقي أو سياسي في العالم. لأن مفردة «السجين السياسي» عبارة تضع خطوة بعد خطوة شرعية النظام الحاكم تحت علامات الاستفهام.
وكانت تمهيدات ارتكاب المجزرة بحق السجناء السياسيين، خطة واسعة تم تخطيطها مسبقا في أعلى مستويات قياديي النظام الإيراني الذين كانوا قد هدفوا إلى ارتكاب هذه الجريمة منذ زمن بعيد. لذلك بادر عناصر النظام الإيراني قبل سنة من وقوع المجزرة إلى فتح ملفات مفبركة بحق السجناء السياسيين وتفكيكهم طبقا لانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية وكذلك وفق مدى مقاومتهم أمام ممارسات التعذيب. وفي غضون ذلك تم نقل العديد من السجناء المقبوعين في محافظات إيرانية أخرى منها «كرمانشاه» و«مشهد» منذ ربيع عام 1988 إلى طهران لتنفيذ الإعدام بحقهم.
وكان الهدف هو إزالة مقولة «السجين السياسي» «بصفتها السياسية» لدى النظام نهائيا.
والآن قد مضى أكثر من ربع قرن من هذه الجريمة ضد الإنسانية لكن قادة كل أجنحة النظام الإيراني مازالوا لم ينبسوا ببنت شفة عن ارتكابهم هذه المجزرة الجماعية خائفين من أي إشارة ولو جزئية إليها فيما أن الأمواج الهادرة للدماء الزكية لهؤلاء الشهداء الأبطال قد أصبحت «سرا لا يكشف» لدى النظام العائد إلى عصور الظلام.
وأصبح اتخاذ الموقف بشأن هذه المسألة سواء أكان سلبيا أو ايجابيا، معيارا لتحديد أعداء وأصدقاء هذا النظام. ولا داعي للقول إن انكار أبعاد هذه الجريمة اللاإنسانية أو الصمت عنها أو التقليل من حجمها أو تحريف هوية شهدائها الأبطال، تعد أمرا يثير الإشمئزاز ويظهر مدى العلاقة المنحطة مع عدو الشعب الإيراني.
ويمكن اختبار كل حركة أو شخص يرتبط بهذا النظام داخليا أو خارجيا من خلال هذه الحقيقة التأريخية المأساوية.
ومنذ يوم مجزرة عام 1988 وما تلاه، لم تعد حركة أيديولوجية أو سياسية في إيران إلا أنها قد اضطرت إلى اتخاذ موقف بشأن الدماء الطاهرة للشهداء الذين قد عروا صدورهم بوجه فتوى صادرة عن الخميني المصاص بالدماء.
وتعتبر فتوى الخميني حينما قال: «يجب إعدام كل من يصر على موقفه» وجها يتيما لعملة الحقيقة لكن الوجه الآخر يتحلى بأسماء الشهداء الأبطال الذين قد ألحوا على هوياتهم السياسية والأيديولوجية حتى الرمق الأخير منتصرين ومرفوعي الرؤوس سياسيا وأيديولوجيا وتأريخيا وبذلك مرغوا أنف الخميني في الوحل والتراب.
ولم يكن يبقى منزع في قوس صبر الشهداء الأبطال في أروقة السجون وخلف غرف الموت حتى أن يصلوا لحظة الاختبار المصيرية بينما كانوا تواقين إلى أعواد المشنقة لتكريس وتحقيق«حق حرية الاختيار» و«حرية الفكر» لشعبهم. نعم إنهم كانوا عماد المستقبل ورسامي صورة رائعة من إيران الغد الحرة.
وكان الشهداء الأبطال في مجزرة عام 1988 قد لعبوا في غاية الوعي والمعرفة دورا مصيريا وقدموا حياتهم تضحية لاعلاء كلمة سياسية وأيديولوجية واحدة جاعلين المجزرة التي ارتكبها الخميني، ملحمة تأريخية عريقة في البلاد.
إن هؤلاء الشهداء الخالدين الذين ضحوا بكل غال ونفيس من أجل إعلاء كلمة الحرية، يجعلوننا مخيرين بين الاختيار والاختبار. وتجدر الإشارة إلى أنهم قد حولوا بجوهر منقطع النظير لحق «حرية الاختيار» من كارثة إنسانية إلى ملحمة إنسانية جبارة رائعة ليسجلوا رصيدا لدى كل إيراني يتكلم عنها باسم «حرية الفكر» و«حرية الاختيار».
وينحني كل إنسان شريف إكراما وإجلالا لهذه الملحمة الصامتة…

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79173277
تصميم وتطوير