الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

السيدخيرالله يكتب : “مجلس الشيوخ والرهان الاخير ” هل سيتحول مجلس الشيوخ فرصة لاعادة الملف الاقتصادي .. والانتعاشة السياسية .. الأيام تحكم ؟

السيدخيرالله يكتب : “مجلس الشيوخ والرهان الاخير ” هل سيتحول مجلس الشيوخ فرصة لاعادة الملف الاقتصادي .. والانتعاشة السياسية .. الأيام تحكم ؟

بدأت الخطوات التنفيذية نحو إنتاج كائن سياسى لطالما حظى بالاحترام الكبير فى النظم الديمقراطية المعتبرة، لما ينهض به من مهام غاية فى التأثير على حركة الدول على مقياس ما يحكمها من دستور وأعراف وتقاليد، وما تمتلكه من خبرات تراكمت عبر عهود متتالية. أحدثك عن مجلس الشيوخ. ذلك الوافد الجديد على حياتنا السياسية، والذى يستحق حديثًا لا يخلو من الصراحة، ولا تغادره الموضوعية.

ولخطورة اللحظة التاريخية التى سيخرج فيها مجلس الشيوخ إلى حياتنا، أجدنى شديد اللهفة على تحصينه، بغية حمايته من سوء المنقلب؛ إذ تحفل المرحلة الراهنة بكثير من المبررات التى يمكن أن تُساق لتبرير أى انتقاص قد يحدث لقيمة وقدر مجلس الشيوخ الجديد، سواء كانت جائحة كورونا، أو التحديات الخطيرة المحيطة بمصر من كافة جوانب جغرافيتها السياسية، لأول مرة.

إلا أننى أرى أن كل ذلك ينبغى أن يشكل دوافع حقيقية للإجادة، ولا يصح أن نتخذ منه ذريعة لتبرير خروج مجلس شيوخ لا يحقق المطلوب منه، وهو كثير، بل شديد الأهمية. ومن هنا أقول، وبإيجاز:

■ من الاسم، الشيوخ، نتبين أننا بصدد تشكيل المجلس من الحكماء، أصحاب الرؤى الوطنية العميقة؛ ومن ثم أرجو أن يخلو السباق الانتخابى من الصغائر التى طالما أساءت لحياتنا السياسية على نحو أصاب المواطن بالنفور من المشاركة فى العملية الانتخابية، وطعنت فى مصداقية حياتنا البرلمانية؛ فلا سبيل إلى استمرار ممارسات سلبية، لا تخلو من موروث ردىء، حافل بشراء الأصوات، والقبلية، واختراق القواعد القانونية المُنظمة للانتخابات.

■ على أرضية وطنية بحتة. لا أرى إلا الكفاءة معيارًا صحيحًا يمكن الارتكاز عليه لينطلق مجلس الشيوخ المُقبل بجدية صوب مهامه. من هنا أخشى ما أخشاه من عملية التوازنات التى ستُجرى بين القوى السياسية للتوصل إلى قائمة موحدة فى انتخابات مجلس الشيوخ. ذلك أن الظرف الحرج الذى تمر به البلاد لا يسمح بذلك، وإلا نكون قد رجحنا كفة المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية.

■ رأيت بعينى وسمعت بأذنى، البعض يسعون إلى الترشح لمجلس النواب الجديد، ولما وجدوا الطريق صعبًا، «وافقوا» على الترشح لمجلس الشيوخ، باعتباره أسهل!!. على هذا النحو يبدو للبعض أن «كلها مجالس والسلام»!!. ومن ثم هل ننتظر من أصحاب هذا النهج أن يكونوا على إدراك حقيقى بمقتضيات عضوية مجلس الشيوخ؟!. أبدًا والله، ولا بمقتضيات عضوية مجلس النواب أيضًا!!. فهؤلاء تجار انتخابات، ممن يُقال عنهم إنهم يعرفون «من أين تؤكل الكتف». وأظن أن عهد الرئيس السيسى الذى أتى بإرادة شعبية جارفة، تخلو من المزايدات السياسية، لا يمكن أن يسمح باستمرار تواجد أمثال هؤلاء قى ساحتنا السياسية.

■ مجلس الشيوخ، بحكم الدستور، له مهام محددة وواضحة، وتختلف تمامًا عن مجلس النواب؛ ومن ثم فإن «تخليص» مصالح أهل الدائرة لا يصح أن يلتصق بشيوخ فاضت حكمتهم لتستوعب المصالح الوطنية؛ وبالتالى فإن مفهوم «نائب الخدمات» لا ينبغى أن يكون له وجود فى مجلس الشيوخ، كما أتمنى أن يختفى كذلك من مجلس النواب بعد تشكيل المحليات الجديدة، وهنا تكون مصر قد تخلصت من أكثر الأوبئة السياسية التى كثيرًا ما أرهقت حياتنا السياسية وحملتها مالا تطيق، وأبعدتها عن مهامها الحقيقية، وشوهت صورتها الذهنية لدى المواطن.

كل الأمل أن تحظى مصر بمجلس للشيوخ يتناسب وحجم المخاطر والتحديات التى تحيط بنا، ليتفرغ مجلس النواب للتشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية؛ ومن ثم تتضافر جهود الشيوخ والنواب فى دعم وتعزيز مسيرة الوطن نحو تعميق وترسيخ قواعد بناء الدولة المدنية الحديثة التى نرجوها جميعًا.

هذا رأيى، قلته مُخلصًا بصراحة، والصراحة راحة دائمًا.

الاختصاصات الاقتصادية لمجلس الشيوخ تسمح بخلق عقل حر محلق ينظر بعينين صافيتين إلى مستقبل مصر خلال العقود القادمة. رؤية مصر 2030 والرؤية التى نحن فى حاجة إليها اليوم فى 2040 تخلو بعض أركانها من محطات واضحة يتوقف عندها صانع القرار لتقييم الجهود والإنجازات. تخلو من أدوات ناجعة للمتابعة، والربط العضوى بين أجزاء القطاعات الإنتاجية فى الدولة على أساس من التكامل لا المنافسة، أو المجموع الصفرى بحيث تأتى إنجازات قطاع بعينه خصما قاسيا من منتجات قطاع آخر.

مجلس الشيوخ هو فرصة لإعادة ترتيب الأوراق، ووضع الملف الاقتصادى على مسار طويل الأجل، عابر للخلافات الوزارية، والمكاسب القطاعية، واتفاقات المؤسسات الدولية، ومقتضيات الضرورة السياسية والأمنية. الملف الاقتصادى فى هذا السياق ليس مجرد حقيبة وزارية أو حتى مجموعة من الوزارات… بل هو مدخل approach لقراءة المشهد العام بمختلف تفاصيله، ورسم رؤية التنمية الشاملة المستدامة بحروف لا تعرف التزييف أو المجاملة، وبلغة الإحصاءات والبيانات والنماذج التى لا تكذب ولا تتجمل وإن كانت تحتمل التأويل، ولهذا حديث آخر.

من هنا جاءت أهمية مجلس الشيوخ وهو ماظهر مع بداية الإعلان عن العملية الانتخابية ، إنتعاشة واضحة للحياة الحزبية والسياسية ، ترتيبات وتجهيزات ووجوه جديدة تظهر على السطح في عالم السياسة ، ومساحة جديدة واسعة تفتح الباب لمشاركة سياسية أكبر لمختلف الفئات التي ستكون ممثلة داخل مجلس الشورى سواء من الشباب أو المرأة او ذوى الإحتياجات الخاصة بشكل يجعل من مجلس الشيوخ بجانب مهامه التشريعية ساحة تفرز قيادات ومشاركين جدد لدعم الممارسة السياسية .

وهو مايجعل مجلس الشيوخ ضمانة جديدة  لزيادة التمثيل المجتمعى وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء، وضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية والمعاونة فى إنجاز العملية التشريعية وسن القوانين بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة، والاستفادة المثلى بمخزون الخبرات المصرية .

كما أنه سيكون بابا جيدا لإختبار العديد من الأسماء والكفاءات والجوه الشابة ، خاصة وأن مجلس الشيوخ لن يكون المجلس الذى يعتمد على نائب الخدمات ، فهى مقاعد للخبرات والكفاءات لأن ضوابط الترشح نفسها تضمن ذلك وبالتالي فإن أعضاء المجلس يكونون من الكفاءات المختلفة والمتنوعة. مع وجود خبراء من كافة المجالات، بشكل نأمل أن يكون محفزا للأحزاب السياسية أن تقدم أفضل مالديها من خبرات ووجوه تسطيع أن تملأ الحياة السياسية بشكل يليق بما تستحقه مصر خلال الفترة المقبلة .

بالأمس صدر تقرير مهم من» الاتحاد العربى لمكافحة الجرائم الاقتصادية وغسل» حول حجم الأموال التى تم إنفاقها فى الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 بمرحلتيه الأولى والثانية، وقدر التقرير حجم هذه الأموال بحوالى 20 مليار جنيه..! وهى تقديرات ليست نهائية قد تزيد عن هذا الرقم بكثير، فحجم الأموال التى يتم صرفها لا تظهر بالشكل الحقيقى، بسبب عدم وجود رصد ومتابعة حقيقية وآلية للرقابة على حجم هذا الأموال، وابتكار أشكال جديدة من الدعاية لم تظهر من قبل فى الانتخابات المصرية.

على سبيل المثال أحد المرشحين لجأ إلى حيلة ووسيلة جديدة فى الدعاية حيث استأجر طائرة هليكوبتر تطوف فى سماء دائرته لإلقاء الهدايا والبيانات والدعاية الانتخابية على أهالى الدائرة..! ومرشح آخر اصطحب أسدا داخل قفص حديدى فى جولته الدعائية وسط حراسة أمنية، ومرشح أعلن عن تحمله تكلفة إجراء عمليات جراحية مجانية لحوالى 500 شخص، وأحد المرشحين أعلن تحمله تكلفة العمرة لحوالى 500 شخص من أبناء دائرته.

كل ذلك بالإضافة إلى المال المباشر الذى يتم توزيعه مقابل التصويت للمرشح وهى الظاهرة المستمرة من المرحلة الأولى ومن الانتخابات السابقة، وإن كنا نتوقع أن الانتخابات الحالية لن يظهر فيها المال السياسى بهذا الحجم.

الأرقام مزعجة وتثير تساؤلات كثيرة حول هذ الأموال ومن أين تاتى هذه الأموال ولماذا تنفق بهذا الشكل وما النوايا الخفية من إنفاقها. هذا جرس إنذار مبكر للدولة بأجهزتها التنفيذية خاصة أجهزتها الرقابية حتى لا يتحول البرلمان المقبل إلى وسيلة فساد جديدة من قبل الذين أنفقوا 20 مليار جنيه فى الانتخابات. لابد أن تعلن الدولة عن كيفية محاسبة النائبة ومطالبته بتقديم إقرار ذمة مالية لحظة دخوله البرلمان وفى كل عام، وإعادة النظر فى مسألة الحصانة بأنها لصالح النائب داخل المجلس وتحت القبة فقط ولا يصطحبها معه إلى خارج المجلس فى المصالح الحكومية وغيرها لتحقيق مصالحه الشخصية ومحاولة «تعويض» ما خسره وأنفقه فى الانتخابات البرلمانية.

القضية خطيرة أيضا وعلى الحكومة دراسة ظاهرة المال السياسى بعد انتهاء الانتخابات وكيفية تحجيم هذه الأموال العشوائية وتوظيفها لصالح مشروعات قومية وليس لصالح أغراض خاصة. فهناك حجم سيولة مهولة داخل الدولة والحكومة ليس لديها الوسائل لتوظيفها داخل القنوات الشرعية لها وليس فى سراديب الاقتصاد الأسود والمال السياسى الحرام. مجلس الشيوخ سيظل تحت المنظار والمتابعة والمراقبة والنواب سيتم مراقبة سلوكهم وتصرفاتهم خارج المجلس فهل ينجح النواب فى إجهاض المخاوف وإثبات أنهم أنفقوا هذه الأموال من أجل الصالح العام وخدمة أبناء الدائرة وخدمة الوطن ؟!
أم أنهم سيخيبون الظن بهم ويعيدون إنتاج فساد ماسبق من ظاهرة « نواب الأراضى» و« نواب القروض» ونواب المخدرات .. الأيام ستحكم .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79637517
تصميم وتطوير