الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

أحمد عماد يكتب  ” التطهير مقابل التنوير “

أحمد عماد يكتب  ” التطهير مقابل التنوير “

 

 

✍️ أحمد عماد

 

 

 

 

استدامة الحفاظ على مصر دون تعديات أو مخالفات أو خروقات لن تتم إلا بوجود نسبة معتبرة من المواطنين على علم وثقافة ودراية بمغبة المخالفات وآثارها المدمرة والقاتلة عليهم وعلى أبنائهم وأحفادهم. وهذا العلم وهذه الدراية تأتى فى مرتبة متطابقة ومرتبة قوة وحسم تنفيذ القانون على المخالفين.

تسير معها يدًا بيد، وتدعمها وتؤازرها، وفى حال وَهِنت أيهما (وبالطبع كلتاهما)، فإن المخالفات ستتحول من خرق للقانون إلى أسلوب حياة. وهذا تحديدًا ما جرى فى مصر على مدار عقود مضت. وكلنا يعلم ما جرى فى مصر فى عهد الرئيس الراحل مبارك من ضرب لعرض الحائط بمخالفات «الصغار»، ربما لتسهيل هضم مخالفات «الكبار». لكن البكاء على لبن المخالفات المسكوب الآن عديم الفائدة، وإضاعة للوقت، وإهدار للجهد.

والأكثر فائدة لنا التركيز على تقليل هامش الخسائر الفادحة، مع منع تكرارها من الجذور!.. ومنع التكرار من الجذور يحتم أن يكون منفذو القانون أنفسهم على دراية وعلم وإيماااااااان بقيمة القانون ومعناه. وأحب كثيرًا ضرب مثل بأمين الشرطة المطلوب منه توقيف التوك المارق غير المرخص الذى يقوده طفل أو شخص غير مؤهل للقيادة، رغم أن أمين الشرطة يعود إلى بيته مستخدمًا التوك توك نفسه، وهو ما يجعل تنفيذ القانون هنا أمرًا هيكليًا شكليًا منزوع الروح والقلب والمحتوى، شأنه شأن تدين الملابس والمظهر الذى ضربنا فى مقتل.

وبمتابعة مجريات إزالة التعديات تتأكد أهمية خلق ثقافة معادية للمخالفات ومزدرية للتعديات. وأشير هنا إلى أن فتح هذا الملف المزرى إجراء تمناه البعض على مدار عقود، لكنه تُرِك وأُهمِل حتى أصبح أسلوب حياة، وخرجت أجيال جديدة لا تعرف أصلًا أن هناك حياة أرقى وأنظف بلا تعديات أو مخالفات. واليوم، نرى جيل الوسط ممن وُلد فى كنف تجذير ثقافة التعدى، باعتبارها أسلوب حياة، يدشن صفحات ويحشد ويُجيّش من أجل الضغط على الدولة للتراجع عن تصحيح أوضاع هذه المخالفات والتعديات. وهم ليسوا إخوانًا بالضرورة أو من هذه الفئة الضالة الكارهة لبلدها، لكن أغلبهم يعتقد أن التعدى أسلوب حياة، وأن السير عكس الاتجاه أمر عادى لا غبار عليه، إما لأن القرآن لا ينص على عقوبة فى مسألة السير العكسى أو البناء المخالف (بحسب التفسيرات القاصرة المتداولة شعبيًا للدين منذ سبعينيات القرن الماضى)، أو لأنه تربى فى حضن ثقافة «وإيه المشكلة يعنى؟!» و«هى جت علىَّ؟!».. وفى هذا الصدد، أشير كذلك إلى جولات الكر والفر بين «الحكومة» و«المصيفين الشرفاء»، فهكذا ينعتها البعض على صفحات «التفاسخ» الاجتماعى. غرق العشرات فى مياه البحر المتوسط فى شواطئ تم تصنيفها بأن مياهها بالغة الخطورة لم يزعج كثيرين بقدر ما أزعجهم «الدولة الظالمة» التى تطارد «المصيفين البسطاء الذين جاءوا ليرفهوا عن أنفسهم فسلبتهم الدولة هذا الحق البديهى». الثقافة تحتاج إلى تطهير شديد وإعادة بناء على مياه بيضاء.

 

 التعليقات

  1. يقول عمر حسني:

    دائما ما تكون هناك ضريبة للتقدم و التطهير مقال أكثر من رائع

  2. يقول هيثم الدكروري:

    مقال اكثر من رائع الصراحة يعكس كم التناقضات التي أصابت مجتمعنا ومدى تأثيرها على الناس

  3. يقول أحمد الدكرورى:

    مقال رائع وموضوعى.. وأهم ما يتناوله قضية التعديات والمخالفات التى ترتبط ارتباط وثيق بالوعى وثقافة المواطن…. أتمنى لهذا الكاتب دوام التوفيق , وفى انتظار المقال القادم

  4. يقول احمد:

    من احسن المقالات الي قريتها
    بالتوفيق
    ومنتظر منك كل جديد

  5. يقول داليا الدكرورى:

    احسنت والله
    فعلا محتاجين ثقافه الناس تتغير للامور افه الشعب كلمه هى جت عليا واشمعنى انا .

  6. يقول جمال:

    من احسن المقالات في الجريدة

  7. يقول السيد العوضي:

    ربنا يحفظ مصر وتبقي ام الدنيا كلها بشعبها وقيادتها

  8. يقول عبير:

    مقال أكثر من رائع يمس جوهر المشكله

  9. يقول ماهر حماده:

    للاسف الشديد أصبحت مخالفة التعليمات والقوانين سمه من سمات غالبية الشعب المصري إنه يستمتع بالمخالفة سواء السير عكس الاتجاه أو الأخطر من جهة اليمين مما يزيد الطين بلة أنه يعتقد أنه على حق الأمر جد خطير ويحتاج إلى القدوه ومعاقبة الكبير قبل الصغير وبالبلدى كدا أضرب المربوط يخاف السايب

  10. يقول عصام احمد:

    للأسف الدولة تحاسب المواطنين وتترك المسئولين المرتشون بدون أى محاسبة أو عقاب .. اين العدل؟؟

  11. يقول السيد ألدكرورى:

    أحسنت النشر ياحمد

  12. […] (function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0]; if (d.getElementById(id)) return; js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = 'https://connect.facebook.net/ar_AR/sdk.js#xfbml=1&version=v3.2&appId=1579916012099419&autoLogAppEvents=1'; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); }(document, 'script', 'facebook-jssdk')); مصدر: https://www.elbyan.com […]

  13. يقول معتز منصور:

    تحياتي أ. احمد عماد مقال اكثر من رائع …
    قلمك ذو رأي صريح وجرئ … اختيارك للموضوع والكلمات ممتاز ماشاء الله
    تحياتي لك وللمؤسسة المتميزة جريدة البيان

  14. يقول بشرى فاروق محمد:

    مقال جيد ومتوازن جدا مزيد من النجاح وفى انتظار مقال جديد لهذا الكاتب

  15. يقول مريم عماد:

    مقال موضوعي وجيد جدا
    المزيد من النجاح والتوفيق

  16. يقول ياسر فاروق:

    تحياتي لك يا أستاذ أحمد
    كلام حضرتك جميل جدا ومحترم ولابد من وجود تعليم جيد وتوفير علاج للشعب ومن ثم يتم انشاء جهاز لمحاربة الفساد ومصر قادرة بإذن الله على ذلك.

  17. يقول محمود منصور:

    أحسنت النشر استاذ/احمد عماد
    اتمني لك بدايه موافقة واستمرارك هيكمل نجاحك
    تحياتي لك صديقي العزيز

  18. يقول محمد:

    حضرتك فعلا قلت الخلاصة اغلب الناس بيعمل الغلط ويقول (وهي جت علئ) .وهذا الأسلوب لا يؤسس ابدا لحضارة أو نهضة
    لقد قال نهرو (الحضارة هي القيود التي يفرضها الانسان علي نفسه مراعاة لشعور الآخرين )

  19. يقول محمد فاروق محمد على:

    مقال رائع وكلام ممتاز من كاتب مميز وواضح جداا

  20. يقول ميرنا:

    للاسف الناس فى الأغلب بتنسى الفعل وتمسك فى رد الفعل

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79637077
تصميم وتطوير