الأحد الموافق 12 - يناير - 2025م

إنجي الحسيني تكتب.. فوضى القوة الناعمة

إنجي الحسيني تكتب.. فوضى القوة الناعمة

أعود قليلا إلى الوراء وأتطلع إلى الماضي كلما شاهدت التغيرات الأجتماعية التى يشهدها مجتمعنا المنكوب أخلاقيا ، فبعد أحداث يناير 2011 تزايدت التساؤلات حول أسباب التردى الأخلاقي الذى يتم الأصطدام به يوميا من خلال مشاهدات الحياة العادية .
لم يكن ذلك مستغربا وأنا أستعيد دور الفن كمرآة للشعوب ، وفى ظل أفلام “عبده موتة ” وحفلات “النامبر وان” و”مشروع ليلي ” ومن قبلها التقليد الأعمى لأى موضة والتى بدأت من خلال تسريحة للشعر “فورمة كابوريا الشهيرة ” وأنتهت بالبناطيل المقطعة وغيرها وغيرها من عوار ما يسمى بالعولمة الغير محكمة الضوابط .
لم أصب جام غضبي على الشباب الباحث دوما عن الجديد فى أى عصر ، لأننى رأيت أن الصفوة والمثقفين هم الأجدر والأولى بذلك النقد .. وتساءلت أين رسالتهم ودورهم المجتمعى ؟ ماذا قدموا للشباب ليتبعوه قبل أن يهاجموه ونحن نتحدث عن الحوار المجتمعى ؟
ورغم محاولات القيادة السياسية الحالية التركيز على الشباب وتدريبهم من خلال عدد من البرامج والمؤتمرات من أجل إكسابهم الخبرة و توليهم القيادة إلا أن تلك المجهودات كانت لتصبح أكثر فاعلية لو تدخلت القوة الناعمة بدورها التوعوى حتى تصيب شرائح وأعداد أكبربالتأثيرات الإيجابية المنوط غرسها .
ففى الخمسينات ومن خلال فيلم “جعلونى مجرما ” نستطيع أن نتبين دور القوة الناعمة حيث تم تسليط الضوء على قوانين الأصلاحية وعلى السابقة الأولى التى وقفت عائقا فى طريق بطل الفيلم لتكملة مشوار حياته مما تسبب فى إصدار قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى بالصحيفة الجنائية ، وبعدها وبفترة السبعينات يتم تعديل قوانين زيارات السجون، وسمح للسجين بأن يجرى زيارة استثنائية فى الأعياد والمناسبات، أو إذا كان أحد الأقرباء مريضًا وذلك بعد عرض فيلم “كلمة شرف ” ، وفى نفس الفترة حمل نداء البطلة فى فيلم ” أريد حلا” صرخة ألم مثلتها المرأة التى تعانى من إضطهاد المجتمع الذكورى ليأتى قانون “الخلع” رقم 1لسنة 2000 كإنتصار اللوبي النسوى في مصر.
لم يتوقف دور الفن وقدرته على تغيير القوانين فقط بل أستغله بعض المنتمين إليه من أجل تصفية الحسابات السياسة وتأجيج فكرة تغيير الأنظمة الحاكمة وقد لعبت أفلام المخرج ” خالد يوسف ” هذا الدور بمجموعة من الأفلام مثل : العاصفة ،حين ميسرة ، هى فوضي ، صرخة نملة وغيرها ..
بل وأستمرت القوة الناعمة تلعب دورا أخر وهوتعميق أفكار سلبية وربط بعض الشرائح والمهن ذهنيا بصور سلبية فقط بدون عرض الجوانب الإيجابية مثل التناول الذى نال رجال الأعمال والتى تم ربطهم بالفساد وخاصة بعد فترة الإنفتاح وضابط الشرطة الذى ناله النصيب الأكبر من الهجوم الفنى بحيث أصبح الطفل يهوى لعب دور الحرامى والذى أصبحت صورته فى الأعمال الفنية تتسم بالجدعنة وبالأخلاق رغم إنه لص مما يجعلنا كمشاهدين نتعاطف معه ونلفظ الضابط فنيا وواقعيا وهو المطلوب فى ظل التغييرات السياسية التى يشهدها مجتمعنا.
ونأتى لتغيير الذوق العام وهو الدور الأمهر والأوضح والذى تؤديه القوة الناعمة بجدارة على مر العصور، من هنا كانت لأفلام عبده موته والألمانى حظا ونصيبا وافرا شاركته فيه أغانى المهرجانات وأمثال “حمو وشطة وتيكا وأورتيجا ” وغيرها من تلك المسميات وكأن “الكيف ” أن يتبع شبابنا كل تقليعة غير مقبولة لتصبح بعد فترة مستساغة .
والغريب وسط كل تلك التغييرات التى يحدثها الفن فى مجتمعنا ، إلا أن الرسالة الأرقي لم نعد نراها إلا نادرا ، ثم نعود لنتساءل كيف وصل حال شبابنا إلى هذا التردى ؟!! ونحن من نقدم لهم المادة الخام للاأخلاقيات .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79119803
تصميم وتطوير