كتب محمود أحمد المالح
الباحث بالأزهر الشريف
يزداد التنافس والتسابق إلى الأعمال الخيرية الإنسانية في أيام المسلمين الفاضلة كشهر رمضان المعظّم، وأيام عيد الأضحى ومايسبقه ويتبعه من أيام؛ كإقامة ولائم الإفطار الجماعي (إفطار صائم)، أو توزيع حقائب وسلع الغذاء التموينية (اكفل عائلة)، أو إهداء لحوم الأضاحي لعموم فقراء المسلمين، من قبل المجموعات الشبابية والجمعيات الخيرية التطوعية.
ولكننا نعيب على إدارات ومسؤولي بعض الجمعيات التطوعية عدم حفظهم لماء وجه الفقير والمحتاج الذي يقدمون إليه إحسانهم وصدقاتهم !
وأتساءل: ما الدافع لهؤلاء أن يشهروا بالفقراء ناشرين وباثّين صورهم ولقطات تسلّمهم الوجبات والشنط الخيرية ؟!
لن نعدّ صنيعهم هذا من باب زوال الشكوك التي قد تطرأ في نفوس المتبرعين تجاههم، ولن نعدّه أيضا من باب الدعوة لفعل الخير والمسارعة إليه؛ لأن من أحب وأراد خيرا سارع إليه دون شك أو ريب أو تردد في مسارعته؛ لأن الصدقة كما نعلم تقع في يد الله قبل أن تقع بيد الفقير .
بل يجب عليك وأنت تُضَحّـــي: أن تطرد من قلبك كون إراقة الدم عادة فحسب، بل تستشعر عظمة قيامك بشعيرة من شعائر الله تحتاج منك صفاء نيّةٍ ونقاء سريرةٍ وكتمان صدقةٍ ❤
” لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَّنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم ”
وما اقتصر الإحسان يوما على الصدقة فقط، بل أحسن الإحسان في هذا المقام حفظ ماء وجه الفقير من أي خدش يصيب حياءه.
من جانب آخر: وإن فرضنا تحتّم مثل تلك الفِعلة على الجمعيات الخيرية ودور التضامن الاجتماعي لإبراز نشاطاتهم، فلا مانع إذًا، ولكن شريطة أن يحفظوا للفقير كرامته وعزته وحياءه وماء وجهه بعدم نشرهم وبثّهم للصور واللقطات على مواقع التواصل، وإن بثّوها تحتّم عليهم أيضا تشويش ملامح وجوههم أو إخفاؤها على الأقل.
ولنتذكر دومًا أن صدقة السر تطفئ غضب الربّ وإسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء والعجب والمفاخرة التي قد تعتري المتبرع من حيث لا يدري.
يقول الله تعالى: “إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لّكُمْ“
صدق الله العظيم.
التعليقات