السبت الموافق 11 - يناير - 2025م

حسن بخيت يكتب.. ” أوقفوا هذا السفه “

حسن بخيت يكتب.. ” أوقفوا هذا السفه “

لا عجب أن يحتوي عنوان مقالي على كلمة من أقوال العرب ، فهم أهل اللغة والبلاغة والفصاحة ، وتسهيلا لوصول المعنى للقاريء العزيز ، أريد أن أوضح معنى كلمة ” سفه “قبل عرض موضوع مقالي – السفه لغة : هو خفة العقل والحمق والجهل – والسفهاء جمع سفيه : وهو خفيف العقل والرأي ، الذى لا يعرف مواطن الأمور ، أو مواطن المصالح والمفاسد ، وذكر السفه أو السفهاء في القرأن الكريم كثيرا ، وفي مواضع عديدة يصف فيها الله تعالى هؤلاء السفهاء وما يتصفون به من خفة عقل وجهل وحمق ونفاق …… واليكم الموضوع .

برامج المقالب التي يقدمها رامز جلال والتي تعد من أشهر البرامج وأكثرها مشاهدة علي المستوى الاعلامي نظرا للكم الهائل من المشاهير المصريين و العرب والعالمين ، وأصبحت برامج المقالب من أبرز الأخبار المثيرة للجدل ، حيث بلغت تكلفة إنتاج هذه البرامج مبالغ عالية للغاية ، تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات .

وعلى مدى حلقات عديدة ، منذ بداية شهر رمضان الكريم ، تم استضافة الكثير من نجوم الفن والرياضة ، منهم ياسمين صبري ، وإلهام الفضالة ،وشيكابلا ، شيرين عبد الوهاب وغادة عبد الرازق وريهام عبد الغفور وهنا الزاهد، وسعد سمير ، ومحمود تريزيجه، ويشار أنه سيتضيف في حلقاته المتبقيه كلا” من فيفي عبده وكريم فهمي وأحمد آدم وريم مصطفى وسامح حسين ومحمد عبد الرحمن وغيرهم من نجوم الفن والرياضة .

رامز تحت الصفر
————————
هذا اسم البرنامج والذي يقدمه الفنان رامز جلال هذا العام ، وقد حشدت له كل الطاقات والامكانيات الضخمة وأنفقت من أجله مئات الملايين من الأموال المصرية والعربية ، من أجل التجهيزات والتصوير والاستوديوا ، والسفر ، وأجوركبار الممثلين ونجوم الرياضة ممن يتقاضون آلاف الدولارات والجنيهات وذلك من أجل أن تضحك الأمة في وقت حرم عليها الضحك منذ زمن بعيد …
فكرة البرنامج أو المقلب تدور حول استضافة الضحية في موسكو ببرنامج من تقديم كابتن مجدي عبد الغني ويحل المدرب هيكتور كوبر ضيفا في الحلقة ومن ثم يتم اصطحاب الضيف إلى مكان آخر وخلال الطريق يتعرض الضيف لصدمات منها ظهور نمر أمامه مباشرة.
جدير بالذكر أن ظروف التصوير في العاصمة الروسية موسكو كانت صعبة للغاية ووصلت درجة الحرارة هناك إلى 15 تحت الصفر ، ويعد برنامج رامز جلال في رمضان من أبرز البرامج خلال العام نظراً لتحقيقه نسب مشاهدة عالية وجماهيرية كبيرة وينتظره المشاهدون كل عام بشغف وتشوق لمعرفة كل ما هو جديد يقدمه.

برنامج ” رامز تحت الصفر ” من وجه نظري الشخصية تافه ، بلا هدف ولا مضمون ، وغير مفيد ، ويحتوي على ألفاظ بذيئة تجرح مشاعر العائلات واالأسر والمشاهدين ، ويمثل نكسة إعلامية لما يزرعه في نفوس الشباب ، وخاصة الأطفال من قيم الإحباط والخوف والهزيمة والإنتحار الأخلاقي بسيل هائل من السباب والشتائم والعنف ، ويؤدي إلى فقدلن القدوة بعدما رأينا نجوما من الفن والرياضة وغيرهم ، وهم يتساقطون في أعين المشاهدين بصورة مشينة لهم ، لما يقومون بفعله من أجل الحصول على الأموال ، وهم يسجلون برنامجا مدفوع الأجر ، ليكون الجمهور هو الوحيد الذى تعرض إلى الخداع والرعب والخوف والاستخفاف بعقله وبمشاعره ، ليخلق أجيالا مصابة بتبلد في المشاعر ، ونشر العنف بين أفراد المجتمع ..

السؤال هنا : هل أصبحنا أمة لم يعد يعنيها من الحياة إلا الضحك ؟ حتى ولو على نفسها الذليلة وأعراضها المستباحة ودماءها المسفوكة ، ومحاربة إرهاب ، وأزمات إقتصادية ، ومشاكل بلا حلول ، على الرغم أن كل ما يقدم من برامج المقالب في السنوات الأخيرة ما هو إلا عبث، وحمق ، واستخفاف بالمشاهد والجمهور ،وعدم وعي بالأشياء فكيف يمكن أن يكون هناك ضحك مع وجود دم أو أصوات صرخات، ورعب وخوف ، وحيوانات مفترسة ؟ والحقيقة أنني لدي دهشة كبيرة مما يحدث في كل عام، فقد تربينا على كوميديا الريحاني، تشارلي شابلن – اسماعيل ياسين ، ولم نشاهد بها مثل هذه الأمور ، وليس هذا فقط بل إننا نعاني من إفلاس في الأفكار، فلماذا مثلاً يكون لدينا هذا العام أكثر من برنامج عن المقالب ؟ وما هو الضحك في أني أقنع الشخص بوجود نمر مفترس يلتهم أحد الأشخاص ، وأقوم بتخويفه وترهيبه ؟!

برامج لا تستحق المشاهدة ومضيعة للوقت بما تحمله من عنف ورعب وألفاظ بذيئة ، يجب الابتعاد عنها ومشاهدة برامج أخرى بديلة ترقى بذات وفكر وثقافة المشاهد ، فما الفائدة من وضع فنان شهير أو راقصة مشهورة ،أو شخصية عامة في موقف صعب ومهين يصور أنه يعرض حياته للخطر ، كما أن مقدم البرنامج يتعرض للإذلال والاهانة عندما يعتذر للضيف فما الفائدة التى يستفاد منها المشاهد ؟ ، غير أن الشركات الاعلانية هى المستفيد الأول ،أما المشاهد فلا يستفاد شيئا اطلاقا ويتم تسطيحه فكريا،خاصة أن برامج المقالب يتم تقديمها فى أوقات حيوية عقب الافطار ، والاستعداد لصلاة التراويح .

لسنا ضد البهجة والفرحة وادخال السىرور على المشاهد ، لكن … لماذا لا تقدم برامج ترفيهية مضحكة وبتكلفة بسيطة ، وتحتوى على مواقف تحدد سلوكيات الأشخاص والمجتمعات الإيجابية والسلبية في عدة بلدان عربية ومدى التفاوت بين وجهات نظر الناس !! كبرامج الفنان إبراهيم نصر على شاشة التليفزيون المصرى منذ سنوات ” الكاميرا الخفية ، وذكية زكريا ” فتلك البرامج كان فيها عظة وخفة ظل وتوصل رسالة فنية وبعض المواقف الحياتية التي يستفيد منها المشاهد.

فهل انتهىينا من خلق الأفكار والإبداع ؟ وتواجد الفنانين في مثل هذه البرامج كان له تأثير في زيادتها من عام إلى آخر، حيث أصبحت القنوات الفضائية تتعمد القيام بإنتاج مثل هذه البرامج التي تجذب فيها النجوم حتى يرتفع لديها سقف المشاهدة والإعلانات .
وان كان لابد من برامج ترفيهية لادخال البهجة والسرور على النفس ، فلنا في نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال حينما كان يمازح أصحابه من غير كذب ولا ترويع .. وما كان يقول الا حقا” .. واتبعه الصحابة رضوان الله عليهم في ذلك ….

أما ملايين الأموال تنفق من أجل أن نضحك عندما يتزحلق ممثل شهير ، أو راقصة معروفة من أعلى المرتفعات على الثلج ، هاربا من أنياب نمر مفترس وموت محقق في تمثيلية متفق علي ثمنها ، وقد تناسينا الاف الاطفال والنساء ماتوا تحت الأنقاض في سوريا وفي العراق واليمن وليبيا ،وفي فلسطين، وفي كل مكان ، تناسينا الاف الأسر والتي مات عائلها الوحيد وتعيش الان بلا مأوي ، ملايين المسلمين في كل مكان لا يجدون ما يسكت صرخات بطونهم الجائعة ، ويحتاجون الي وجبة طعام واحدة ، ملايين المرضي والذين لا يجدون علاج يداوي الام أجسادهم ……فأرحمونا يرحمكم الله

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79087466
تصميم وتطوير