الجمعة الموافق 20 - ديسمبر - 2024م

 حسن سالم ‫:‬ مصر ستتمكن من تخطى أزماتها الزراعية وستستعيد مكانتها لكنها تحتاج بعض الوقت

 حسن سالم ‫:‬ مصر ستتمكن من تخطى أزماتها الزراعية وستستعيد مكانتها لكنها تحتاج بعض الوقت

‎ـــ لن نستطيع الوصول إلى هدفنا إلا بإستثمار مواردنا بالشكل الأفضل، وبالترتيب فإن الموارد المتاحة لدينا هى الشمس، مياه البحر والصحراء والموارد البشرية.

‎ــــ لدينا الإمكانات العالية التى تسمح بانشاء الغابات و معدلات النمو فى مصر أسرع أربعة أضعاف مقارنة بالنمو فى اوروبا

‎حسن عبد المنعم

‎الاستاذ الدكتور حسن سالم الخبير الزراعي و الاستاذ المتفرغ بمركز البحوث الزراعية واحد من اهم الشخصيات التي تم ترشيحها اكثر من مرة لمنصب وزير الزراعة لما لديه من خبرة عملية في النهوض الزراعي بالاضافة الي انه قادر علي خلق بيئة عمل تنافسية قائمة علي الانتاج سالناه عن أهم العوائق والتحديات التي تواجه الزراعة ورؤيته العلمية تجاه ما تتخذه الدولة من خطوات وجهود من ناحية أخرى خاصة ما يتعلق بتحلية المياه والتنمية المستدامة و استخدام مياه الصرف الصحى بعد معالجتها معالجة ثلاثية فى الزراعة وغيرها من القضايا الشائكة المطروحة بقوة و الي الحوار ‫..‬:

‎ كأستاذ بمركز البحوث الزراعية ‫..‬ كيف ترى مستقبل الزراعة فى مصر ؟

‎ـــ أرى أن مصر ستتمكن من تخطى كل هذه الأزمات وستستعيد مكانتها فى الزراعة قد نحتاج بعض الوقت والصبر لتراكم المشكلات على مدى أكثر من أربعين سنة، لكن علينا أن نتذكر أنها مصر.. مصر، وهذا يكفى لكى يكون بداخلنا اليقين بأننا سننجح فى حل هذه المشكلات

‎يجب تطبيق الزراعة الايكولوجية والزراعة المستدامة القائمة على توفير وإعادة استخدام المخلفات والبعد عن الكيماويات، وبشكل عام على الدولة أن تهتم بتحسين الارشاد الزراعى، وتدريب المرشدين على عملهم

‎ ماذا ينقص المزارع المصرى الذى يعد العمود الفقرى للزراعة ؟

‎ــــ الثقافة الزراعية وربطها بأحدث التقنيات، خاصة ما يتعلق بالتوفير فى استخدام الماء، لأن كل قطرة مياه زيادة عن الاستخدام لا تؤدى فقط إلا إلى مزيد من تفاقم مشكلة المياه ونقص الغذاء،لكنها أيضا تعد سحبا من نصيب الأجيال القادمة، فهو يضربأولادنا وأولاد أولادنا وهكذا، أيضا من المهم تعريفه بالنظم الحديثة مثل الزراعة الايكولوجية والزراعة المستدامة القائمة على توفير وإعادة استخدام المخلفات والبعد عن الكيماويات، وبشكل عام على الدولة أن تهتم بتحسين الارشاد الزراعى، وتدريب المرشدين على عملهم، مع توفير قاعدة بيانات زراعية لكل ما يحدث للزراعة فى مصر من استخدام المياه والبذور والتقنيات المستخدمة وكل ما يخص الفلاح حتى نستطيع من تحسين المنظومة التى يعمل فى اطارها المزارعون.

‎ما هى أهم ملامح هذه الجهود وما هو دورك كخبير عالمى فى الزراعة فى تفعيلها على أرض الواقع ؟

‎ــ رحب سيادة الرئيس بفكرة إقامة النماذج التطبيقية المصغرة فى الزراعة، ليتم تطبيقها والتوسع فيها مستقبلا لتصبح على أرض الواقع، ومن ذلك انشاء نموذج حول مستقبل الزراعة فى مصر من خلال الحماية من الأتربة والرياح والآفات والأمراض والبعد عن استخدام الكيماويات، وربط المجتمعات الحضرية بالمناطق الزراعية، وبالطبع سنوفر فى إطار المشروع من كميات الرى المستخدمة للزراعة، وخاصة بتطبيق طرق رى حديثة وملائمة لظروفنا مثل نظم الرى تحت سطح التربة التى للأسف لاتتبع تلك النظم فى الاساليب الزراعية الحالية، برغم أن المصريين القدماء والصينين عرفوا هذه الطرق منذ نحو 6 الاف سنة وذلك لتوفير كميات المياه المفقودة بالبخر! ونحن بصدد البدء فى تنظيم هذه المنظومة خلال الأسابيع أو الشهور القليلة القادمة فى أراضى خاصة بجامعة القاهرة وبالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى ووزارتى التخطيط والتعاون الدولى، حيث سيكون هناك نماذج يطلع عليها المسئولون والمستثمرون والمزارعون فى مصر ليطبقوا عليها فيما بعد مشاريع الاستصلاح المستقبلية وفى المائة ألف صوبة، ويكون أمام الجميع صور واضحة للنماذج والهدف منه أيضا أن نساعد صغار الزراعيين فى التعرف على طرق الزراعة البيئية والزراعة المستدامة

‎ إلى أى مدى يمكن أن يسهم الاستخدام الأمثل لمواردنا الطبيعية فى حل مشكلات الزراعة بمصر؟

ـــ أقول منذ فترة طويلة إننا لن نستطيع الوصول إلى هدفنا إلا باستثمار مواردنا بالشكل الأفضل، وبالترتيب فإن الموارد المتاحة لدينا هى الشمس، مياه البحر والصحراء والموارد البشرية، وبالنسبة للشمس بالتأكيد لابد من استخدامها لانتاج الطاقة ــ وبجانبها هناك طاقة الرياح ــ وعلينا أن نستخدمها فى تحلية مياه البحر، إذ أن أكبر تحدى أمامنا هو نقص المياه، وإذا لم ننجح فى تحلية المياه ستواجهنا كارثة حقيقية فى الزراعة، بينما لو استطعنا أن نستخدم المياه المحلاة فى انشاء المجتمعات الجديدة فى الصحراء وإنشاء مناطق زراعية جديدة سنحقق إنجازا عظيما فى مجال نقص الغذاء،فنحن فى واقع الأمر لسنا فى حاجة الى مليون ونصف مليون فدان فقط، لكننا فى احتياج فعلى الى 18 مليون فدان ولن نستطيع ان نقوم بذلك الا من خلال توفير المياه اللازمة لزراعتها عن طريق تحلية المياه، وفى هذا الصدد أشدد هنا على أننى أقف بكل حسم ضد الاتجاه إلى معاجة مياه الصرف الصحى معالجة ثلاثية لاستخدامها فى الرى، وأعلن أننى أرفض هذه الخطوة تماما وأحذر من عواقبها ليس لأسباب فنية إذ إنه من الناحية الفنية يمكن تحقيق ذلك، ولكنى أرفض لأسباب إدارية فلا توجد نظم رقابية صارمة فى مصركافية لمنع حدوث الكوارث التى يمكن ان تلحق بالبيئة وبالإنسان، بحيث لا تسمح بأى أخطاء بسيطة، كما أنه لاتتوافر الكوادر الفنية القادرة على القيام بهذا الدور بكفاءة.

لذلك يمكن استخدام مياه الصرف فى رى الأشجار بالغابات لكن لايمكن للآن تنفيذ ذلك فيما يخص الزراعة دون وعى كاف وأمانة وحرفية.

‎ وهل يمكن الوصول إلى المنظومة الزراعية المتكاملة فى إطار هذه النماذج عند تعميمها فيما بعد ؟

‎ـــ إن من أهم ما تتضمنه هذه النماذج التطبيقية هو تحقيق الدمج والتكامل، ففي هذه النماذج سنحرص على التنوع البيولوجى واستزراع الأسماك كنظام يتم دمجه مع الزراعة وزرع الأشجارللحماية، كذلك فى إطاره سنقوم بانشاء الصوب بنماذج تكون هى الأولى والمتفردة، دون تقليد أو إعادة نسخ لتجارب دول أخرى، بالإضافة إلى تربية المواشى، وفى النهاية نصل إلى التصنيع الزراعى وبالتالى سيكون لدينا منظومة متكاملة تماما، ففى اعتقادى أننا لن نصل فى مصر إلى الأهداف المرجوة، ولن نعود الى مكانتنا الإقليمية والدولية إلا لو بدأنا فى التحسين الزراعى ومعه التصنيع الزراعى، خاصة أن معظم المواد الخام التى تدخل فى التصنيع مصدرها الزراعة، ومن هنا تبرز أهمية دمج هذه الأمور معا، وهو ما نحاول الآن تحقيقه من خلال النموذج التطبيقى للتنمية المستدامة على 150 فدانا.
‎كيف يمكن استثمار الصحراء المصرية الاستثمار الأفضل؟

‎ــ لن تستطيع مصر استثمار الصحراء فى مواجهة نقص الأراضى إلا عن طريق توفير المياه بعد تحليتها، ومن هنا نعود الى قضية توافر مبتكرين ومبدعين مصريين، وتشجيع العلماء والباحثين على دراسة المشكلات المصرية، ووضع الحلول المناسبة لها مثل مشكلة تحلية مياه البحر بتقنيات مصرية تلائم البيئة المصرية وبتكلفة اقتصادية ولا يمكن استيراد حلول جاهزة لمشكلاتنا لأنها لن تناسبنا، فقط من الممكن أن نستفيد من الخبرات الأجنبية فى بعض الجوانب لكن ما يحدث أننا نستورد نظما كلها عالية التكلفة، وقد تكون غير ملائمة وحاليا نحاول تطوير الجهود بين أكاديمية البحث العلمى والهيئة الألمانية للتبادل العلمى، وأتمنى أن نصل لشىء ولابد لشباب العلماء أن يقبلوا على البحث العلمى فى هذا المجال ،ولابد أن نجمع العقول المصرية ونوجهها بشكل صحيح.

ماذا حدث للزراعة فى مصر.الدولة الزراعية التى قامت حضارتها علي الزراعة؟

ــ نحن نتجه اتجاها خاطئا فى مجال الزراعة ونعانى مشكلات ضخمة ومن ذلك استخدام الأسمدة الكيماويات والمبيدات بشكل مبالغ، ولايوجد تفكير جدى فى طرق حديثة من شأنها أن تحافظ على خصوبة التربة لفترات طويلة، فى حين وكما هو معروف يؤدى استخدام الكيماويات والمبيدات إلى قتل الكائنات الحية فى التربة الأمر الذى يؤثر بدوره على خصوبتها بالسلب، فنحن لا ننظر للطبيعة ولا نتعلم من كيفية الادارة المستدامة للموارد فى النظم الطبيعية، فى حين أننا لو فعلنا سنتمكن من تحقيق انجازات فى الزراعة وسنقلل من التلوث والأضرار الناتجة عنها، ذلك بشكل عام. أما فى مصرفنحن لدينا مشكلاتنا وظروفنا المناخية الخاصة، ولابد أن تصبح النظم والطرق الزراعية ملائمة لتلك الظروف، ومن ذلك أننا بلد صحراوية ولابد أن تتلاءم نظمنا من سيادة الرياح والأتربة، بحيث نحمى الزراعة بأساليب علمية. لكننا للأسف تعرضنا لكم كبير من المشكلات المتراكمة وفى مقدمتها نقص المياه، دون أن نسعى إلى إيجاد حلول فعاله لهذه المشكلات من خلال البحث العلمى، ولم نكتف باستيراد السلع والتقنيات فقط، لكن أيضا الحلول الجاهزة وهى ليست الحل الصحيح لمشكلاتنا!

‎ ما حجم المخاوف من التوسع فى تربية الحيوان بالبيئة الزراعية وكيف نواجه ذلك فى ظل احتياجنا إلى البروتين الحيوانى ؟

‎ــ الزراعة تقوم على توفير الاحتياجات الغذائية للسكان والحيوانات بما فى ذلك البروتين النباتى والحيوانى، وهناك عوائق كثيرة أمام تربية الحيوان فى العالم، بسبب ما تسببه من أضرار للبيئة بسبب تكثيف تعداد الحيوانات أكثر من القدرة الاستيعابية للمساحة الأرضية المستخدمة لذلك، ولابد فى مصر أن نضع المعايير الصحيحة للقدرة الاستيعابية للحفاظ على التوازن ،وأيضا المحافظة على تربية الحيوان بطرق غير جائرة على احتياجاته، ولابد من إيجاد طرق فعالة للإستفادة المثلى للأسمدة العضوية الناتجة من تربية الحيوان، كما أنه من المهم تحقيق التنوع ما بين الأنواع المختلفة من البقر والماعز والدواجن مع العودة للاهتمام بتربية الجاموس، كما أن الاستزراع السمكى مهم للغاية، مع تحسين ما هو موجود بالفعل لأنه يعوض جانبا من النقص فى البروتين الغذائى للإنسان ،وهذا ما نحاول مراعاته فى النموذج التطبيقى الذى أشرت إليه.

‎ طرحت من قبل فكرة إنشاء الغابات كواحدة من أهم هذه الأساليب، فى حين توجد آراء تصفها بالرفاهة، فهل مازالت تتمسك بالفكرة بعد أن اقتربت من الملف كعضو فى المجلس الاستشارى؟

ـــ مشروع إنشاء الغابات فى مصر فى غاية الأهمية، وليس صحيحا على الإطلاق الزعم بأنه ترفيهى أو « ليس فى وقته» نحن كمنطقة صحراوية نعانى الأتربة والرياح ونحتاج بشدة إلى حماية الزراعة منهما، هذا مع الأخذ فى الاعتبار الكوارث الناتجة من رياح الخماسين على الزراعة، وهنا يبرز دور الغابات كمصدات للأتربة والرياح والرمال، حيث أستطيع فى هذه الحالة أن أحمى الأراضى الزراعية بالأشجار، وأن أزيد من إنتاجية الفدان، ومن خلالها نغيرما يسمى البيئة المحيطة، وبالتالى نحتفظ بالرطوبة فى النباتات والتربة، وهو ما يؤدى إلى الإقلال من كمية مياه الرى المستخدمة. من ناحية أخرى نحن اذ استطعنا استخدام مياة الصرف المعالج بمعالجة أولية فى زراعة الغابات على مساحات كبيرة فى الأماكن الملائمة فستتكون السحب وبالتالى نزيد من احتمال سقوط الامطار، وبالطبع هذا جانب غاية فى الأهمية فى ظل احتياجنا لكل قطرة ماء. وتلعب الغابات دورا كبيرا فى مقاومة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية التى تصل الى نحو 18% من مساحة مصر، كما أن الأشجار تخفف حدة الاحتباس الحراري

‎هل ازمة تغير المناخ تستوجب تخصيص مساحات واسعة لزراعة الغابات الشجرية ؟
‎ وبالتاكيد نواجه أزمة تغير المناخ، وهالغابات الشجرية تخزن غاز ثاني أكسيد الكربون، ففى مصر يمكن تخزين كميات هائلة من ثانى أكسيد الكربون بحيث يمثل مصدرا جديدا للدخل القومي. ولا يقل أهمية عن ذلك استغلال الغابات فى انتاج الأخشاب، فإذا وضعنا فى الاعتبار أن مصر تستورد كميات من الأخشاب والورق بمبالغ كبيرة، وأنها بالتوسع فى انشاء الغابات تستطيع تخفيض قيمة صادراتنا من هذه السلع، والتوفير فى العملة الصعبة‎.

لكن هل لدينا الإمكانات والمقومات اللازمة لزراعة الغابات بنجاح خاصة فيما يتعلق بتوفير المياه ؟

ــــ بالطبع نحن لدينا الإمكانات العالية التى تسمح بانشاء الغابات فمعدلات النمو فى مصر أسرع أربعة أضعاف مقارنة بالنمو فى ألمانيا وهى الدولة الرائدة فى زراعة الغابات فى أوروبا ! وأثارت النتائج غير المتوقعة للمشروع انبهار الخبراء الأوربيين ، فالإمكانات والظروف البيئية موجودة، ويمكن بنجاح استخدام مياه الصرف الصحى المعالج معالجة أولية فى رى الأشجار التى لاتؤكل .

فى ضوء كل هذه الأهمية والإمكانات لماذا إذن لم ينجح المشروع على أرض الواقع ولم تتبن للآن كواحد من أهم الخبراء فى العالم فكرة التوسع فى زراعة الغابات ؟!

ـــ بسبب اللامبالاة وسوء الإدارة، وتعدد الجهات التى تعمل دائما فى الملف الواحد، و التدخل من جانب غيرالخبراء بعدم فهم، لقد أدى ذلك كله إلى صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة واتخاذ أى خطوات عملية، وإهدار الإمكانات والموارد الموجودة فى البلد، إننى أحاول حتى هذا اليوم فى مجال الغابات لكن لابد من المساعدة من جانب المسئولين، خاصة أنه فى كل اجتماعاتى مع سيادة الرئيس ألمس إلى أى مدى يرحب ويشجع على تنفيذ المشروعات والأفكار التى من شأنها أن تحقق التقدم والتغيير فى أى مجال، وبخاصة الملف الزراعى وأزمة الغذاء فهما فى مقدمة اهتماماته، وهو يتناقش مع العلماء ويهتم للغاية بالآراء العلمية، ولابد أن يعمل المسئولون والشعب فى الاتجاه نفسه، وعلى الإعلام دور كبير ومصيرى فى التوعية والتثقيف ليس فيما يخص ملف الزراعة وحده ولكن فى كل المجالات، فما ألاحظه أن هناك الكثير من الآراء والمفاهيم المغلوطة يتم ترديدها بلا وعى وكل شخص يدلى بدلوه فى أى قضية حتى لو كانت شديدة التخصص، الأمر الذى يتسبب فى تأخرنا مثلما هو يجرى فى مشروع الغابات!.علينا أن نترك قليلا النقد غير البناء ونتجه إلى العمل والإنتاج بشكل علمى ومدروس.

ماذا ينقص الكوادر المصرية فى مجال الزراعة ؟

ــ أيضا أؤكد أنه لن نتمكن من تحسين الزراعة إلا من خلال تحسين الكوادر البشرية المدربة، فلابد أولا من تحسين التعليم بشكل عام، ثم التعليم الزراعى والكليات المتخصصة فى الزراعة وتطويره ليشمل أحدث ما وصل إليه العلم فى هذا المجال ، وعلينا أن نهتم بربط الانسان بالبيئة منذ الطفولة، ففى الخارج يتم تنظيم رحلات للغابات والبحيرات وحقول الزراعة منذ الروضة، كما يتم تنظيم رحلات لهم لزيارتنا بالجامعات للتعرف ماذا نفعل كيف نبحث؟ ومن خلال اطلاعى على سير التعليم فى الكثير من الجامعات أستطيع القول إن هناك محاولات جدية من جانب البعض للتطوير خاصة جامعة القاهرة وعين شمس والإسكندرية، حيث تدرس الأولى انشاء قسم الغابات، ونحن نحاول التعاون بانشاء قسم لإدارة المياه وإدارة الغابات فى كليات الزراعة المختلفة بالجامعات المصرية، وكلها أمور مهمة، كما أنه من المهم أن نصبح مواكبين لأحدث ما وصل إليه العلم فى المناهج الدراسية بهذه الكليات.
.

‎ تهتم الدولة بإقامة العديد من المشروعات القومية الضخمة فلماذا لا يكون هناك مشروع قومى للزراعة لحل مشكلات الزراعة وسد النقص فى الغذاء؟

‎ــ بالفعل هناك مشروع المليون ونصف المليون فدان، صحيح أننا فى حاجة لمزيد من المشروعات، لكن ذلك لا ينفى أنه مشروع فى غاية الأهمية، وأؤكد أن الرئيس على دراية كاملة بكل المشكلات ويهدف الى حلها فى أسرع وقت، لكن المشكلات المتراكمة ضخمة ومتشابكة للغاية، والجهود تتضاعف لحلها.

‎ كثر الحديث عن الزراعة المستدامة فى مصر فكيف يمكن للاستدامة أن تتحقق فى هذا المجال وما أهميتها لمصر؟

‎ــ علينا أن نعى جيدا أن الاستدامة وكما يتضح من اسمها انها تستلزم الاستمرار وعدم التقيد بوقت معين، وبالتالى لانستطيع ان نتكلم عن «الاستدامة « وأحددها بزمن محدد، فلا يمكن على سبيل المثال أن أتحدث عن أننى نجحت فى توفير المياه وأذكر فى الوقت نفسه أنها ستكفينى لمدة مثلا 40 أو 50 سنة. منبع كلمة الاستدامة عرف مفهومه فى ألمانيا منذ 300 عام فى مجال إدارة الغابات وهى وثيقة الصلة بالجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية. وكما هو معروف ان هناك احتياجات للنبات للنمو والحياة، والزراعة المستدامة توفر هذه الاحتياجات للمعيشة والنمو فى نظم تتسم بالاتزان العالى، أى المقاومة العالية للعوامل المؤثرة على اختلال النظام مثل تغير المناخ الرياح الآفات الرمال والحشرات، بالإضافة إلى المرونة العالية بحيث يكون للنظام قدرة على العودة سريعا إلى طبيعته لو تعرض لأى خلل دون أن ينتهى. وقد تقدمت لسيادة الرئيس أخيرا بنموذج تطبيقى فى مجال الزراعة المستدامة فى المناطق الجافة ورحب به ونأمل البدء فى تطبيقه خلال نحو شهرين.
‎> مع زيادة المخاوف من النتائج المترتبة على تغير المناخ وآثارها على الزراعة فى مصر تعددت الآراء حول الطرق العلمية الملائمة لمواجهة تلك النتائج.. فكيف ترى الاتجاه الصحيح الذى ينبغى أن نسلكه ؟

‎ـــ بجانب ضرورة حماية الزراعة من مخاطر تغير المناخ عن طريق الحماية بمصدات الرياح كما أوضحت، فإنه ينبغى أن ننتبه جيدا فى أثناء جهودنا لمواجهة تغير المناخ من الوقوع فى أخطأ لانعرف عواقبها حاليا. لابد ان ننظر الى ونتعلم من النظم الطبيعية، وسنرى ان النظم الطبيعية تعتمد فى اتزانها على التنوع البيولوجى العالى، وكلما تحقق هذا التنوع البيولوجى زاد اتزان النظام، وهنا لدى بعض التحفظات نحو الاتجاه الذى يرى الإكثار من زراعة النباتات المتحملة للملوحة دون غيرها وبالتالى الحد من التنوع النباتى، فثمة مشكلات بيئية عديدة يمكن تترتب على ذلك، فعلى سبيل المثال رى هذه النباتات على الدوام بمياه بها نسبة ملوحة عالية كفيل برفع نسبة الملوحة فى التربة، وهو مايؤثر بالسلب على خصوبة التربة، وبالتالى فإن الاتجاه الصحيح لمواجهة التغيرات المناخية ليس بالحد من التنوع، لكن على العكس أنه يكمن فى زيادة التنوع البيولوجى وصولا إلى مقاومة التغير فى المناخ، ونحن فى النموذج الزراعى الذى سنقيمه على أرض جامعة القاهرة، نحقق ذلك التنوع حتى على مساحات صغيرة ، فعلى مساحة نحو 10 أفدنة فقط لدينا مصدات رياح، فاكهه، ومحاصيل حقلية، وخضراوات متنوعة وهو من شأنه أن يزيد من اتزان النظام ويقلل من استخدام الكيماويات، بينما يؤدى انخفاض نسبة التنوع إلى زيادة المخاطر التى تتعرض لها النباتات.

 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78628909
تصميم وتطوير