الجمعة الموافق 07 - فبراير - 2025م

قصة قصيرة بعنوان “المرأة كنز”

قصة قصيرة بعنوان “المرأة كنز”

بقلم_مروة فتحى

كان ينظر الى زوجته وهى تنظف الاوانى من بقايا العشاء ووجهها صامت حزين وبداخله حديث لايسمعه سواه فكان يردد فى اعماقه…
“لم تكن قاسية الى هذا الحد…بل لم تعرف القسوة لقلبها درب فى يوم…تزوجتهاطيبة حانية رومانسية فمن اين اتت قسوتك ياحبيبة القلب؟كيف تعاملين ابنائنا بهذا العنف؟ تستيقظين كل يوم عابسة وتقومين باعمال المنزل فى صمت ووجهك يحمل اعباء الكون كأن عمرك تجاوز الخمسين وانتى فى مطلع الثلاثين وتصرخين طوال الوقت على اقل الاشياء تاكلين وانت شاردة وتنامين باكرا ولا تطالبينى بالسهر او البقاء جوارك كما اعتدت منك لاتهتمين لما ترتدى او كيف شعرك مهندم او لا حتى نظافتك الشخصية لم تعد كسابق ولا تتصلين بى ان خرجت او تسالين اين كنت؟…لم تعودى تعاتبين كعادتك على تاخرى او صمتى او انفعالى تتقبلين كل شئ واى شئ بصمت وحزن وتعبير وجه يدل على انه لاجديد لم تعودى تعارضيننى فى قرار لم تبقين الى جوارى تتاملين وجهى وتبتسمين لى طالبه عناق او قبلة كطفله مع ابيها تطلب حلوى … لم يعد يفرق معك كلمات امى وابى ومشكلات اخوتى معك تتقبلين كل شئ واى شئ دون شكوى حتى انه…ولم تعودى تكترثى لاى مناسبة بيننا… مثل اليوم “عيد زواجنا” واوشك اليوم ان ينتهى وانتى كما انتى كحالك منذ عام مضى…فماذا حدث؟”
انهت الزوجة اعمالها المنزلية وهو مازال شارد واطمئنت على نوم اطفالها ودخلت الى غرفة النوم ولحقهاونادى عليها فلم تجب فايقن انها نامت كعادتها سريعا … وعاود شروده وهو ينظر الى صورة زفافهم…
“انا احبها لاشك فى ذلك وهى تحبنى بجنون او كانت سبعة اعوام مضت تزوجتها بعد ان تمنيتها عامين كانت زميلتى بالعمل وكل العيون تركض خلفها جميلة بهدوء وثقة ومظهرها الطيب وبسمتها الدائمة تجعل قربها نعمة لمن ينولها…تزوجتها ولاجلى تركت العمل اردت ان تكون لى وحدى …اول عام من الزواج كان اسوء عام مر على فبعد شهر العسل بدأت اشعر بالملل كانت توقظنى مبكرا وتعد لى الافطار وانا لا احب الافطار ولا الاستيقاظ مبكرا فكنا نختلف واعنفها وتبكى وسامت البكاء فاخرج دون اعتذار وتحاول ان تحدثنى فى الهاتف وتعتذر رغم انى المخطئ ولم اكن اقبل والحقيقة كنت افضل ان لا اجيب فهى كانت دوما تتصل كثيرا وتطمئن على واشعر انى محاصر فعدم ردى عليها يعنى الحرية لى من هذا الاختناق كنت احبه سابق واشعر انه علامة حب ولكننا الان فى بيت واحد فما الحاجة اليه وحين اعود اجدها زابلة حزينة وبرغم ذلك اعدت طعام وكنت غالبا انتقده والقى به وانزل لاكل من الخارج لم يكن يعجبنى طعامها ملحة قليل او محترق كنت اعلم انها مازالت تتعلم ولكن ماذنبى امى كانت تطعمنى اشهى الانواع واعود لاجدها اكثر حزنا فاختنق اكثر وتظل تعتذر حتى ارضى وترتدى اجمل ثياب وتتعطر واشعر انى سعيد معها حقا فى ليلتنا ولكنها تكثر من الطلبات وانا لدى عمل بالغد فاسهر معى وضمنى وحدثنى كل هذا تدليل زائد فنختلف وتبكى وافضل النوم عن ارضائها…واثناء الحمل الاول كدت افقد صوابى دوما متعبه وبحاجة لى وتريدنى ان ادللها دوما كطفله وانا وهى ناضجين وفى عيد زواجنا الاول نسيت وخرجت مع اصدقائى وعدت متاخرا ووجدتها نائمة فوق المائدة والشموع منتهية وهى تبكى كعادتها حاولت الاعتذار ولكنها لم تقبل فلتذهب للجحيم كرهت النكد وكان هذا هو الحال فى كل المناسبات وكانت تشكو لى ان وامى واخوتى يعاملونها بعنف وتصل الى الاهانة احيانا وكنت الومها هى لم انصفها يوما حتى بيننا وكنت اسخر من ضعفها وطلباتها التى لاتنتهى لعناق او قبله واشعر انها تتسول واختنق من عتابها المستمر حتى عام مضى كل شئ توقف فجاة لم تعد تلوم او تعاتب او تتصل او تطلب او تشكو او تحتفل حتى بمناسباتنا وان ذكرتها تبتسم فى مرارة وتقول لقد كبرناحتى اليوم لم تنسى عيد زواجنا عام واحد ولم اتذكره انا عام حتى انى هذا العام تذكرته حين هاتفتنى والدة زوجتى وهنأتنى عليه وكنت انتظر مفاجاة ككل عام ولكن من الواضح انها لن تحدث… وانا السبب…
نعم ياحبيبتى انا من جعل طفلته تشيخ قبل الاوان وسقيتك القسوة حتى لم يعد فى قلبك غيرها حتى مع ابنائنا…انا من جردك من كرامتك وعزة نفسك…ما كان يضيرنى ان استيقظ باكر نصف ساعة واتناول قهوتى معك وليس بالعمل او ان اشكرك على طعامك الذى عانيت من اجلى لطهوه او ان اكتب فى مفكرتى مناسباتنا كمواعيد اصدقائى واهنئك بها واقضى معك اليوم ما المانع ان اغفر زلاتك واتحمل الامك واضمك لصدرى واسهر معك قليلا استمع لك واحدثك كلها امور بسيطة ولكنها تعنى لك الحياة وبها ستسعدى واسعد معك…
سامحينى ياحبيبتى…”
وجلس صامتا ثم نهض ودخل الى المطبخ وهو يشعر انه تائه وبعد ساعة خرج واعد المائدة ووضع الشموع ودخل الى الحمام وخرج الى غرفة النوم واضاء النور وجلس الى جوارها يوقظها بقوة حتى التفتت له ولم تكن نائمة كانت باكية دموعهاجعلته يبكى معها وهو يضمها بصمت من كلاهما ثم رفع راسها بيده ونظر لها مبتسما”اسف”
“على اية؟”
“على كل شئ”
وحملها الى الحمام الذى اعده لها “لست محترفا مثلك فقط فتحت الماء الساخن”
ابتسمت له بحنان غاب عنه طويلا وقبلته قبلة طويلة اشتاق كلاهما لها وخرجا الى الطاولة التى اعدها “بيض مقلى”
“لم اعرف ما اطهو غيره هو والعصير المعلب”
وضحكا معا وامسك بيديها”اريد حبيبتى لا تجعليها تغيب عنى بعد اليوم”
“انت من يستطيع ان يبقيها وانت من يقتلها”
اصابت زوجتى فبالحب تعمر البيوت ويصلح الابناء وبالقسوة تهدم القلوب ويفسد الصالح…فكن فى بيتك رجلا بالحنان والحب والعطف والاهتمام يكن بيتك جنه ترتاح بين اركانه من عناء الكون…
فالمرأة كنز اما تكتشفه وتنعم به اوتهمله و تدفنه وتبقى فقير معدم بائس فاحرص على اكتشاف كنزك والحفاظ عليه…
انتهت حكايتنا اليوم وملخصها كلمتين “المرأة كنز”

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79644833
تصميم وتطوير