الأحد الموافق 22 - ديسمبر - 2024م

هل يعلم الرئيس السيسي شيئاً عن “أبحاث الموت ” في  كلية الطب بجامعة المنصورة ؟

هل يعلم الرئيس السيسي شيئاً عن “أبحاث الموت ” في  كلية الطب بجامعة المنصورة ؟

 

 

بقلم جرجس بشرى

لم أكن أتصور يوماً أن يد الفساد والإفساد تطول محراب البحث العلمي في مصر الذي له أخلاقياته وأصوله ، وله في القانون والمواثيق الدولية  ما يحميه ويردع بلا هوادة  الخارجين على ثوابته وأصوله ومعاييره  ، فأنا شخصيا من الذين انتقدوا وما زالوا ينتقدوا بقوة أوضاع البحث العلمي في مصر وتدني الإنفاق عليه في موازنة الدولة  ، وتردي أوضاعه في ظل بيئة طاردة للبحث العلمي ومخاصمة للإبتكار والإبداع والعلماء ، وما زلت اؤكد على أنه لا سبيل لخروج مصر من أزماتها إلا بالأخلاق والعلم ، والعلم بلا أخلاق كالدابة التي تقتل صاحبها ، لذلك وضعت دول العالم ميثاقا لأخلاقيات البحث العلمي تصون البحث العلمي وتحميه من أي خروج عن القيم الإنسانية والاخلاقية والدينية وتضمن حماية  الإنسان من أن يكون هدفاً لأبحاث علمية شاذة أو تضر بحرمة الإنسان وكرامته ، ولعل الجريمة التي أحدثكم عنها اليوم في هذا المقال ، تمثل خروجا سافرا على العلم والعلماء وأخلاقيات البحث العلمي وهيبة الدولة المصرية وكرامة مؤسساتها الجامعية العريقة ، وهذا الجريمة اللا إنسانية ــ نعم لا إنسانية ــ تكشف النقاب عن كارثة حقيقية وتجذر وتأصل الفساد في مؤسسات الدولة المصرية ، وكيف وصل الحال أن طال الفساد مؤسسة عريقة كجامعة المنصورة في كلية ترتبط بحياة المواطن وأبحاث تتعلق بصحته ومصيره وسمعة الجامعة ، وكيف يرتكب الفاسدون الذي يعيثون فسادا في مقدرات ومؤسسات الدولة التي هي ملكا للشعب جرائمهم وهم مطمئنون ويشعرون ـ تماما ــ أنهم فوق المساءلة والمحاسبة ، وبعيدون عن عيون الشعب والجهات الرقابية الحساسة والوطنية في مصر ، وكيف يظبطون أوراقهم بشكل يبدو وكانه قانوني عن طريق شراء ذمم فاسدة ونفوس ضعيفة مقابل منصب أو حظوة أو حفنة من المال تساوي بالضبط قيمة نفوسهم الرخيصة ، سائرين في تطبيق المقولة الممقوتة التي سنها الفسدة منذ عهود في الحكومة  والتي تقول  ” الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا ” ، أراكم الآن تقولون لي : اخلص وقول على الموضوع واكشف عن الجريمة ، وأقول لكم أن هذه المقدمة كانت ضرورية لأفتتح بها المقال ، ندخل على الموضوع ، اتصل بي تليفونيا منذ عدة أسابيع الدكتور ” هشام سعد أحمد مصطفى نور ” وشهرته ” هشام نور ” مدرس الجراحة  العامة والمناظير بطب المنصورة  وزميل كلية الجراحين الملكية يستغيث بحرقة وبدافع تملؤه الغيرة الوطنية على سمعة جامعة المنصورة وهيبة الدولة ومستقبل البحث العلمي في مصر ، بسبب وجود أبحاث علمية مزورة بل ووهمية بكلية طب المنصورة ، فقلت له أرسل لي المستندات التي تؤكد ذلك فأرسلها لي ، وتتلخص الجريمة في أن هناك حوالي 4500 عملية جراحية  بمستشفى جامعة المنصورة ، قام بها اربعة مدرسين بإجراء 32  بحثا  على هؤلاء المرضى بقسم الجراحة العامة  للحصول على ترقية من رئيس الجامعة الدكتور  ” محمد حسن القناوي ” ، وتم ترقيتهم بالفعل ، إلا الكارثة الكبرى والفجيعة بل والفضيحة أن الدكتور هشام نور أكد لي أن هذه العمليات الجراحية على هؤلاء المرضى لم تتم ولن يوجد مرضى في الأساس أجريت عليهم هذه العمليات بل تمت هذه العمليات  على الورق بشكل وهمي والأبحاث مزيفة ، مؤكدا أن لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب وهي لجنة متخصصة أدانوا هذه الجريمة بعد تقصي وتدقيق وكتبوا توصية بعزل رئيس جامعة المنصورة الدكتور محمد حسن  القناوي ، وهي توصية من مجلس من المفترض أنه ينوب عن الشعب مصدر السلطات والشرعية ، ولا يجب أن تتوغل سلطة الحكومة على سلطة البرلمان كمراقب للسلطة التنفيذية ومحاسبا لها عن أي إنحراف أو فساد ، ولم تقف الجريمة عند هذا الحد بل أكد الدكتور هشام نور أن رئيس الجامعة كافأ اربعة من أعضاء هيئة التدريس بكلية طب المنصورة نظير إصدارهم تقارير مزورة مخالفة للحقيقة للتستر على الجريمة وطرمختها ، وبالرغم من توصية  لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب بعزل رئيس الجامعة بسبب هذه الجرائم ، وبالرغم من أن رئيس قسم الجراحة الحالي بطب المنصورة والذي كشف فساد رئيس قسم الجراحة السابق ــ والكلام هنا للدكتور هشام نور ــ  عبر تقديم مستندات تثبت تزوير الأبحاث العلمية  لوزير التعليم العالي ولجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب و الجهات الرقابية بالدولة والنيابة الإدارية والنيابة العامة ، إلا أن رئيس جامعة المنصورة أصر على تعيين أربعة ممن أجروا عمليات وهمية على المرضى  بدرجة استاذ بقسم الجراحة العامة بطب المنصورة ! ، كما أن رئيس الجامعة مكن قيادات إخوانية  من مفاصل جامعة المنصورة . والحق أقول أن هذه الجريمة المروعة التي حدثت بجامعة المنصورة لا تعد جريمة عادية بل جريمة تمس الأمن القومي والأمانة العلمية والمنظومة القيمية للتعليم والبحث العلمي في مصر ، لأنه إذ كان من حلفوا القسم بحماية ورعاية صحة المواطن ينتهكون حرمة القسم ، ويدوسون معايير البحث العلمي والأمانة العلمية بالجزمة فكيف نأتمنهم على مصير الخريجين والمرضى ؟ وماذا لو تم تطبيق  هذه الأبحاث المزورة على المرضى ؟ وهل أصبح الفساد متمكنا في مفاصل الجامعة وفي كلية تتعلق بمصير وحياة البشر وسمعة البحث العلمي المصري حول العالم لهذه الدرجة التي يعيث فيها أصحاب  الفاسدين فسادا وهم مطمئنين ومتخيلين أنهم بعيدين عن أعين الشعب والجهات الرقابة الوطنية ورئاسة الجمهورية ؟ وهل أصبحت الجامعة تكية وعزبة يعين فيها رئيس الجامعة قيادات من جماعة الإخوان الإرهابية  وفقا لكلام الدكتور هشام نور ؟ ومن متابعتي لهذه الأزمة عبر الصحف لم اقتنع  كمواطن مصري ردود الجامعة على الإتهامات الموجهة لهم بالتستر على تزوير الأبحاث العلمية ، بل لاحظت ما أشبه بمحاولة للهروب من هذه الفضيحة عبر انتهاج إسلوب التمويه على القضية بإصطناع معارك جانبية مثل أن الدكتور هشام نور بيعمل كدة علشان كان عايز يترقى مع أن الدكتور هشام نور أكد لي أن رئيس الجامعة استدعاه في مكتبه في حضور دكتور عادل عبد الغفار و د. محمد منير السعيد مستشار رئيس الجامعة ، ود. عزمي خفاجي وطلب منه بناء على تعليمات رئيس جامعة المنصورة  كتابة تقارير تؤكد حدوث هذه العمليات على خلاف الحقيقة والصمت التام عن إثارة القضية  مقابل ترقيته ، ولكن الدكتور هشام نور رفض المشاركة في هذه الجريمة حفاظا على هيبة الجامعة ومصلحة مصر العليا والمرضى الذين سيطاردهم الموت  متى تم تطبيق هذه الأبحاث المزورة  عليهم لاحقا ،ومن المثير للسخرية  أن الجامعة تموه على القضية بانتهاج أساليب عجيبة في رأيي تحت ستار  الإساءة لسمعة الجامعة ، وفي رأيي أن التحجج بسمعة الجامعة نظير الصمت على الفساد ما هو إلا عذر أقبح من ذنب ، لأن الذي يسيء للجامعة وسمعتها هم الفاسدين ومن يزورون الأبحاث ومن يجرون عمليات وهمية على المرضى ، ولأن الجامعة ورئيسها وكل من فيها ليسوا مقدسين بل يجب أن تُنتقد أي إنحرافات أو جرائم فساد مالي أو إداري بحق الجامعة والبحث العلمي ، فنقد المسئول الحكومي ــ أي مسئول ــ في نظري  واجب مقدس لحمايته من نفسه الآمارة بالسوء ولحماية مقدرات الوطن ومكتسباته وحقوق الشعب ، كما استغرب بشدة من ردود الجامعة على التهامات تزوير الأبحاث العلمية بمقولة أن نواب كثيرين اصدروا بيان تضامني مع الجامعة يؤكد على عدم وجود فساد او تزوير في الأبحاث العلمية خاصة وأن التزوير والعمليات الجراحية الوهمية أمر حسمته لجنة متخصصة في البحث العلمي ، كما أصبح بعض المتهمين بتزوير الأبحاث يعايرون بعضهم بفسادهم ، والسؤال الأخطر: ماذا لو علمت الجهات البحثية الأجنبية بهذه الفضيحة وماذا سيكون تصنيف مصر في البحث العلمي بعدها ؟ إنني أطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو رجل وطني حتى النخاع بفتح تحقيق عاجل من لجنة مشكلة من الرئاسة لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة الإنسانية والعلمية وإعلان نتائج التحقيقات على الملأ ، ليطمئن المصريين ، كما أطالب الحكومة المصرية بتنفيذ توصية البرلمان بعزل رئيس الجامعة من منصبه خاصة وأن أقوال تتردد بأن رئيس الجامعة لها صلات بجهات نافذة في الحكومة تحميه ، فهل تغولت الحكومة على الدور الرقابي لمجلس النواب لدرجة أنها تقف عاجزة عن تنفيذ توصية المجلس  ؟  كما اشيد بدور القضاء المصري والجهات الرقابية في الدولة بعدم التستر على هذه الجريمة البشعة ، وفي ختام مقالي هذا أود أن أسأل رئيس جامعة المنصور عدة أسئلة أهمها : أين هم الــ 4500 مريض الذين أجريت عليهم العمليات ؟ وأين توقيعهم على الموافقة عليها وأين توقيع المرافقين لهم وبطاقاتهم الشخصية ؟ هل توجد دفاتر بالمستشفى بها أسماء هؤلاء وتواريخ دخولهم ؟ وأين أذون صرف الأدوية والعلاجات والمتابعات ؟ وأين نتائج الإشعاعات والتحاليل لهؤلاء المرضى قبل وبعد العمليات التي أجريت ؟ وأين الميزانية والدفاتر المحاسبية التي انفقتها الدولة المصرية من جيوب الشعب على علاج هؤلاء المرضى قبل وأثناء وبعد العمليات الجراحية ؟!! ولماذا عجزت جامعة المنصورة عن تنفيذ تصاريح وأوامر القضاء المصري الشامخ  باصدار بيان بأسماء المرضى وتواريخ دخولهم وتواريخ إجراء العمليات عليهم وتواريخ متابعتهم وإقرارات موافقة المرضى على إجراء هذه العمليات لهم ، فهذه هي الأسئلة التي يحتاج الرأي العام منكم إجابة عليها بدلا من التمويه على القضية بإختلاق معارك وهمية وشخصية لإلهاء الناس عن جوهر هذه القضية التي تهز الرأي العام والضمير الإنساني وسمعة البحث العلمي في مصر وهيبة الدولة  ، خاصة وأن التحقيقات أثبتت أنه لم يوجد مرضى في الأساس ولا عمليات ! يا سادة إن كنا نريد فعلا بحث علمي ومكافحة جادة للفساد  يجب تفعيل القانون على الجميع لأنه حينما تقتص العدالة من أولئك الذين يتأمرون على قوت ومصير شعبنا أيا كانت مناصبهم سنتأكد في التو واللحظة أن الثورة وصلت إلى نخاع مفاصل الدولة ، وانا شخصيا أثق في الرئيس السيسي في أنه لن يترك هذه القضية تمر مرور الكرام وانه لن يتستر على فاسد أو يحصنه أيا كان منصبه ، وأطالب الرئيس شخصيا بأن يكون قرار عزل رئيس الجامعة قرارا خاصا برئيس الدولة دون توصية من المجلس الأعلى للجامعات بالعزل تجنبا للمجاملات والتحصين مع إحترامي لقيمة ومكانة المجلس الأعلى للجامعات ودوره العلمي والوطني  ، كما أطالب بحماية قانونية وأمنية للدكتور هشام النور الذي أبلغ عن هذه الجريمة المرعبة خاصة وان الرجل يتعرض لسلسلة من البلاغات الكيدية وسوء استعلال السلطة من مسئولين كبار في الجامعة جراء كشفه عن قضية الفساد هذه 

اللهم إني بلغت اللهم فأشهد 

[email protected]

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78670593
تصميم وتطوير