عندما غاب العرب عن مناقشة قضاياهم!
بقلم /نبيل الغنيمى
احتفالات عيد النصر فى روسيا على المانيا النازية فى الحرب العالمية الثانية ، كان لها هذا العام نكهة مختلفة ، اذ جاءت على وقع تصاعد المواجهة بين روسيا والغرب، ووصول العلاقات بين الطرفين الى مستوى بات بحسب قول وزير الخارجية الروسى سيرغي لافروف “اسوأ من عهود الحرب الباردة”. والعرض العسكري المهيب الذي شهدته الساحة الحمراء، بحضور الرئيس فلاديمير بوتين عكس الواقع الجديد في علاقات روسيا مع بلدان الغرب التي تحالفت مع بعض لكسر شوكة النازية التي كانت تشكل عدوا مشتركا. غاب الغرب عن احتفالات روسيا، وحملت كلمات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين في الاحتفال رسائل واضحة لكل الاطراف: “على العالم ان يتعلم من دروس التاريخ، وتناقض مصالح الدول الكبرى في تلك المرحلة اتاح للنازية الفرصة للانقضاض ومحاولة التهام اوروبا كلها”، تشير العبارة الى ان العالم يواجه حاليا عدوا مشتركا جديدا، واذا لم يوحد جهوده للقضاء عليه فإن الجميع امام خطر داهم. والمقاطعة الغربية عن احتفالات النصر على النازية، كان سبقها مقاطعة مماثلة لمؤتمر دولي نظمته وزارة الدفاع الروسية لبحث قضايا الامن ومواجهة الارهاب. شارك فيه 750 شخصية بارزة من 86 دولة بينهم وزراء دفاع عدد من الدول مثل إسرائيل وإيران والهند وباكستان والبرازيل والصين وتركيا وغيرها. قاطع الغرب الفعالية التي ناقشت نداء بوتين لتأسيس جبهة دولية عريضة لمواجهة الارهاب. ودعوة لمحاولة تقريب وجهات النظر حيال القضايا الاقليمية الساخنة. طبعا لا يمكن القول ان الغرب كله مخطئ وروسيا على صواب، فالخلافات الواسعة بين الطرفين حول اوكرانيا وسوريا وغيرها من الملفات، اظهرت ان لكل طرف “حقيقته” التي يدافع عنها. برغم ذلك، لا يمكن ان يختلف اثنان، على ان العالم يواجه حاليا بالفعل خطرا داهما ومشتركا والكل متفق على ذلك، لكن واقع الحال تغلب عليه التجاذبات، واستعراض “العضلات العسكرية” بدلا من الحوار. هذا الشد والجذب بين روسيا والغرب، يتركز في غالبه، حول قضايا منطقتنا العربية. يسعى الطرفان الى تحسين مواقعهما التفاوضية، قبل الوصول الى ما يوصف بأنه “الصفقة الكبرى”. على تقاسم ثرواتنا ومصالحنا . لكن الملاحظ في كل السجالات الروسية – الغربية هو الغياب العربي فعلا وتأثيرا. غاب العرب عن “الرباعية الدولية” للتسوية في الشرق الاوسط حتى ماتت. غابوا عن العراق حتى التهمته ايران . وغابوا عن “مسار استانة” لوقف النار المتواصلة في سورية. والان يغيبون عن مناقشة الارهاب الخطر الداهم على بلداننا، لكنه بالنسبة الى روسيا والغرب “شماعة” لتحسين مواقعهما التفاوضية. ومن خلف ظهور العرب لا يخفي اللاعبون الكبار ان ما يجري حاليا يمهد لرسم ملامح جديدة لمنطقة الشرق الاوسط. مع العلم ان مصر كانت اول من اقترحت منذ سنوات، تأسيس جبهة عالمية لمحاربة الارهاب. وكان الطرح المصري عندها اكثر رقيا ووعيا من كل طرح لاحق. لأنه ركز على ضرورة وضع تعريف عالمي للارهاب والانطلاق من رؤية مشتركة تحت اشراف الامم المتحدة. كم من المصائب كان يمكن لمنطقتنا ان تتجاوزها لو امتلك العرب ارادة سياسية كافية لمناقشة قضاياهم بانفسهم، من دون تدخل خارجي!
التعليقات