بقلم .. السيد الفضالي
أولاً ــ الأولوية المطلقة للإرث وأحكامه بنسخ آيات الوصيه
يصر الساده الفقهاء على نسخ آيات الوصية والنسخ لمن لا يعرفه هو الإلغاء اي أن آيه جاءت متناقضه مع أيه أخرى وذلك على حسب فهمهم فأقروا بالنسخ اي ان الآيه الأخيره ألغت الآيه الأولى فجاء ذلك في قوله تعالى: الوصية للوالدين والأقربين .. بحديث آحاد منقطع رواه أهل المغازي نسخوا به آيه من كتاب الله؟؟ وهو جديث لا وصيه لوارث علما بأن آيات المواريث قانون عام لكل أهل الأرض وليس لفرد بعينه أو أسرة بعينها عبارة عن قوانين عامة تقوم على قوانين الرياضيات كنظرية المجموعات في الهندسة التحليلية بالإضافة إلى العمليات الحسابية الأربع . الجمع والطرح والضرب والقسمه وهي قوانين صارمة حدد الله فيها نسباً معينة أما آيات الوصية فلا قوانين فيها ولا نسب بل تركها الله لرغبة الموصي نفسه مكتفياً بتوجيهه وتذكيره بمن يجب أن يضعهم في حسبانه أثناء وصيته من أولي القربى واليتامى والمساكين والذرية الضعاف. وهذا يقودنا إلى ملاحظة فرق آخر بين الإرث والوصية وهو أن الأشخاص الذين ذكرهم الله في آيات الوصية أكثر من المذكورون في آيات الإرث. لأننا لا نجد في آيات الإرث مساكين ولا ذرية ضعافاً ونجدهم في آيات الوصيه ونجد أن الوصية في التنزيل مفضلة على الإرث لقدرتها على تحقيق العدالة الخاصة المتعلقة بشخص بعينه وبوضعه الصحي والمالي والاجتماعي والأسري وبالتزاماته تجاه الآخرين وهذا ما يؤكده الواقع الموضوعي إذ لكل إنسان وضعه الخاص من أسرة وأقارب والتزامات تختلف عن وضع الإنسان الآخر والوصيه مفضله في التنزيل الحكيم وبأول آية من آيات الوصية في قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين.. البقرة 180.لقد بدأت الآية بصيغة التكليف في قوله تعالى : كتب عليكم .. وهي ذات الصيغة التي نزل بها التكليف بالصيام في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة 183. والتكليف بالصلاة في قوله تعالى : فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا.. النساء 103 فإذا تأملنا انتقال الملكية بالوصية في الواقع الموضوعي عند أهل الأرض وجدنا أن الناس بفطرتهم يتَّبعون في وصاياهم ما توجيهات الله في تنزيله الحكيم من اليتامى والمساكين وأولي القربى ثم ننتقل بعد هذا كله إلى محل الوصية في الآية أي إلى الأشخاص الذين يوجهنا التنزيل الحكيم لأخذهم بعين الاعتبار في الوصية فنجدهم في قوله تعالى: الوالدين والأقربين .. ونجد أن زمرة الوالدين تحتوي على الوالد والوالدة حصراً وهذا يدعونا إلى التفريق بين الوالد والأب فقد يكون هذا غير ذاك وبين الوالدة والأم فقد تكون هذه غير تلك خصوصاً وأن آيات الإرث تنص على الأبوين وليس على الوالدين كما هي الحال في آية الوصية التي نحن بصددها.
وهنا يجب أن ننتبه إلى الفرق بين الأب والوالد والأم والوالدة و نحن في مجال الوصية والإرث يجب ان نفرق بين الأب والأم وبين الوالد والوالده فيكون الأب هو صاحب الحيوان المنوي والأم هي صاحبة البويضه والأب هو المعيل والمربي والأم هي المرضعه والحاضنه والمربيه ويجب أن نأخذ هذا بعين الإعتبار حتى يستقيم لنا فهم المقصد الإلهي في التنزيل الحكيم بما لم يفهمه التابعين واليهود في القرن الثاني الهجري أي زمن وضع الفقه الإسلامي عندما توهم اليهود أن القرآن الكريم يخلط في الأنساب فسّمى أبا إبراهيم آزر بينما اسمه في التوراه تارح كما هو ثابت
وتوهموا أن إبراهيم عاد ليستغفر لأبيه آزر بقوله: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ .. إبراهيم 41 بعد أن كان قد تبرأ منه في قوله تعالى: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ التوبة 114. وفي ذلك مخالفة لأمر الله تعالى بقوله: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .. التوبة 113. والحقيقة أن عدم التفريق بين الأب والوالد هو الذي أوقع اليهود في هذا الوهم فقد ذكر القرآن الكريم أن أبا إبراهيم الذي رباه هو آزر. وهذا لا يمنع أن يكون اسم والده صاحب الحيوان المنوي هو: تارح كما جاء في التوراه وكما ذكر القرآن أن إبراهيم تبرأ من أبيه آزر بعد أن تبين أنه عدوه ثم ذكر أنه استغفر لوالديه وهذا يبين دقة ما وصلنا اليه في الفارق بين الأب والوالد والذي يزيل ما توهم به اليهود بعدم دقة القرآن إضافة إلى كل ما ذكرناه فنحن نفهم من آيات الوصية عدداً من الأمور منها عدم التمييز بين الموصى لهم على أساس الذكورة والأنوثة وذلك واضح في قوله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا.. النساء 7 ومنها الالتزام بالوصية وعدم تركها مهما كانت التركة وأما عن الأيه التي زعم الساده الفقهاء أن آية المواريث نسختها أي لغتها ولكن ماذا لو أن الموصي أخطأ عن عمد أو عن غير عمد فخرج في وصيته على حدود الوالدين والأقربين كأن يوصي بنصف ماله لجمعيات الرفق بالحيوان بوجود أخوة له وأخوات وأبناء. أو خرج في وصيته على حدود المعروف السائد كأن يوصي لعمه أو خاله بأكثر مما يوصي لوالده أو والدته؟ هنا يأتي قوله تعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .. البقرة 182.لقد قلنا ونقول مجدداً إن الوصية عند الله أهم من الإرث فما ظنك بأمر نزلت فيه عشر آيات بينما آيات الإرث ثلاث وآيات الصوم ثلاث. وما ظنك بأمر فصل فيه الله الحكم في البادي المسافر كما فصله في الحاضر المقيم، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنْ الْآثِمِينَ المائدة 106. وما ظنك بأمر ألزم الله به الذين آمنوا حتى وهم على سفر بينما أسقط عنهم الصيام فيه وأجاز لهم قصر الصلاة. إن القول بنسخ هذه الآيات خصوصاً وبالنسخ عموماً، نشأ من نوازع اجتماعية سائدة ومن دوافع سياسية حكمت الفقه في فترات معينة سابقة من التاريخ والإصرار على التمسك به من باب تقديس السلف بعد أن زالت هذه الدوافع وتغيرت تلك النوازع أمر يثير الشفقة والسخرية من جانب والغضب من جانب آخرومن المعروف المشهور أن جميع كتب التفسير المتداولة بما فيها التفسير الكبير للإمام الرازي تقوم على الاعتقاد بالنسخ والقول بهما وتتدرج ما بين متطرف ينسخ كل آيات العمل والكسب بآية الشفاعة وكل آيات الصبر والصفح والموعظة الحسنة والحكمة في مجال الدعوة بآية السيف وبين معتدل يقصر النسخ على بعض آيات من التنزيل الحكيم. لكنهم جميعاً يتفقون على أن آيات الوصية منسوخة بآيات الإرث وعلى أن الحديث النبوي باعتباره وحياً يوحى ينسخ آيات الأحكام الإلهية والخروج على هذا وحده كافي لوضع تفسير جديد للتنزيل الحكيم يقوم على عدم جواز النسخ ويصحح ما ذهب إليه غلاة القائليين بالنسخ من أصحاب التفاسير في عدد من المواضيع الحساسة الهامة على رأسها
أحكام الوصية التي زعموا أن أحكام الإرث نسختها.
أحكام اللواط والسحاق التي زعموا أن أحكام الزنا نسختها.
أحكام الإنفاق والصدقات التي زعموا أن أحكام الزكاة نسختها.
أحكام فدية الصيام التي زعموا أنها منسوخة.
أحكام النهي عن البدء بالقتال التي زعموا أنها منسوخة.
أحكام الإعراض عن المشركين والصفح عنهم وأحكام الجدال بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة التي زعموا أن آية السيف نسختها.
أحكام تحريم الزواج بالمشركات التي زعموا أنها منسوخة.
حكم لا إكراه في الدين الذي زعموا أن آية السيف نسخته.
التعليقات