الأحد الموافق 15 - ديسمبر - 2024م

حكومة سوق سودا

حكومة سوق سودا

بقلم/ محمد حسان

ضاعت الكلمات وحادت لساني وخاصمته أحاول جاهدا أن أكتب ما يحيق بصدري لكن دون جدوى ألفت العزلة والصمت وكأن القطة بالبلدي أكلت لساني ، وها أنا ذا أضغط على القلم كي يطاوعني فيكتب وأطلق لساني بعد الصمت ليعلو صوتي ويصرخ مما يحدث حولي . قد كان غلاء الأسعار في تاريخ هذه الأمة حاصلاً في بعض مراحلها، فقد حكى صاحب “النجوم الزاهرة” في أواخر عهد بني العباس عظم الغلاء ببغداد في شعبان، حتى أكلوا الجيف والروث، وماتوا على الطرق، وأُكلت الكلاب، وبيع العقار بالرغفان -أي أرغفة الخبز-، وهرب الناس إلى بلدان أخرى، فماتوا في الطريق. وضرب الغلاء في القرن الخامس بعض بلدان المسلمين كمصر، وحصل بذلك هلاك كثير، وأُكلت الدواب التي لا تؤكل، وكانت الأقوات في غاية القلة والغلاء، ومات كثير من الناس حتى مات في شهر صفر وحده مائة وثلاثون ألفاً. وها نحن في هذه الأيام يحدث لنا ما حدث منذ قديم الزمان من غلاء وارتفاع حاد لجميع السلع والخدمات ، منذ يومين تعبت ابنتي وذهبنا لإحضار محلول الجلوكوز لم نجده في الصيدليات نهائيا تعبنا من البحث حتى وجدنا محلول جلوكوز واحد في صيدلية ببلدة مجاورة لنا ، وجدنا سعرها بدل ثلاثة جنيهات.. ؟ خمسون جنيها لك الحق عزيز ى أن تتخيل الصدمة والذهول الذي انتابنا ، مش بس كده . أحد الأصدقاء دخل مسابقة الاسكان الاجتماعي وحظه العاثر أن اسمه ظهر في الكشوف أنه يستحق شقة في العاشر من رمضان ، جهز المبلغ المطلوب قبل أن تقوم ثورة جنون الأسعار وهو أربعون ألف جنيه ، وكان حاطط في بطنه بطيخة صيفي كما يقول جحا ( فلوسي في جيبي والحمار في السوق ) فوجيء بأن المبلغ المطلوب هو ثمانون ألف جنيه دفعة أولى ويسدد سبعمائة جنيه شهريا على اثنى عشرة سنة . يتساءل لاطما خديه ، هل هذه شقق اسكان اجتماعي أم رجال اعمال ، مدرس أو عامل بسيط أو موظف في هيئة ما كيف يتحصل على هذه المبالغ وإن تحصل عليها بالدين كيف يسدد الدائنون . حكومة ماشاء الله عليها ودن من طين وودن من عجين وكأنها والبرلمان اتفقوا على الشعب ، كي يعلموه الأدب مرة أخرى في الأكل والشرب والمرض ، فالأسعار التي تعاقد الناس عليها تتغير بين يوم وليلة ، أدوية الشفاء احتكرها صيدلي ليس عنده رحمة ليبيعها بأسعار تفوق سعرها الحقيقي عشرات المرات ، لبن اطفال يبلغ سعر العلبة الواحدة مائة وخمسة جنيهات بعد أن كان سعرها الحقيقي ستة جنيهات ، حكومة قراراتها متاخرة تساهم في الغلاء وتُشرع له ساعدوا من قبل في ارتفاع سعر الدولار حتى أصبح في البنوك الرسمية أضعاف السعر الحقيقي ، وأزمة السكر التي تفاقمت بتضاعف سعره ، وأزمات أخرى كثيرة اختلقوها تكوي المواطن المعدم وآخرها أزمة الغاز التي سوف تأتينا إن آجلا أو عاجلا بسبب حلول الشتاء ولعله يتأخر رأفة بنا ولا يأتينا هذا العام ، غلاء ليس له مثيل بضعة جنيهات في جيوبنا لا تسمن ولا تغني من جوع وحكومة لا ترحم ولا تترك رحمة ربنا تنزل . يا جماعة دي مش حكومة سوق سودة … دي حكومة سنة سودة .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78516031
تصميم وتطوير