الأربعاء الموافق 05 - فبراير - 2025م

دكتور “رضا عبد السلام” يلقي الضوء على كابوس الدروس الخصوصية

دكتور “رضا عبد السلام” يلقي الضوء على كابوس الدروس الخصوصية

كتب: رضا عبد السلام “محافظ الشرقية السابق ووكيل كلية حقوق المنصورة”

دعونا نتفق على بعض الحقائق الأساسية، أولها اننا بصدد مرض خطير تجذر منذ سنوات، أهدر التعليم والعملية التعليمية وحول أبناء مصر الى مجرد شرائط يتم تعبأتها وتفريغها.

الحقيقة الثانية، هي أن  المعلم في مصر أهُدر حقه كثيرًا؛ رغم انه أول فئات المجتمع بالتقدير المادي والادبي، وكما قال المستشار كمال شاهين في حوار الامس بشأن المانيا، وكيف أن المستشارة  الالمانية رفضت طلب القضاة التساوي بالمعلمين لان الارتقاء بالمعلم هو ارتقاء بالمجتمع ككل.

إذا أن المعلم المصري اهين وطحن كثيرا وأن الاوان للاهتمام به.

الحقيقة الثالثة، هي أن البيوت المصرية تئن بسبب الدروس الخصوصية التي تبتلع ما يقرب من نصف ميزانية الاسرة وفي بعض الاسر تتم الاستدانة لسداد فاتورة الدروس وهو ما جعلها هم وكابوس لكل بيت في مصر.

الحقيقة الخامسة، هي أنه من المؤكد لدينا جميعا أن مدرسة اليوم لم تعد مدرسة الاربعينات  والخمسينيات من القرن العشرين، فقد باتت خاوية منفرة مهملة وطاردة يطول شرحها.

الحقيقة السادسة، هي ان نظامنا التعليمي بمختلف مراحله ومناهجه نظام منفر وطارد يثقل كاهل الابناء بحشو لا طائل من ورائه، وهو ما يدفع بالأسر للبحث عن دروس خارجية لتمكين الابناء من حفظ تلك الطلاسم والكوابيس.

الحقيقة السابعة، هي أن ثقافتنا في مصر بشأن كليات القمة وكليات القاع هي ثقافة بالية وفاشلة ولا مثيل لها في باقي دول العالم، حيث لا وجود  لكليات القمة أو كليات القاع، فالعبرة بك أنت وفيما تطمح، ودليل ذلك أنك بإمكانك التفوق في كلية الحقوق، وهي ليست كلبة قمة، وتعين وكيلًا للنائب العام براتب مبدئي لا يقل عن ستة ألاف جنيه، في حين يحصل زميلك الطبيب على ألف وخسمائة جنيه، لذا نحن بحاجة لأن نغير من ثقافتنا البالية، وإلا سنظل في هذا التسابق الأعمى نحو المجهول ويغذيه أصحاب مراكز الدروس الخصوصية وغيرهم.

والسؤال هنا، هل مصر بحاجة إلى مزيد من الأطباء والمهندسين أم إلى الفنيين الذين يعملون بالمصانع والشركات؟

الحقيقة الثامنة هي أننا فعلا ليس لدينا رؤية واضحة لتطوير منظومة التعليم، بل لازلنا غير مدركين لحجم الكارثة، فقد ترتب على انهيار منظومة التعليم انهيار في كل شيء الصحة والاخلاق والانتاج…إلخ.  الى الان لم نفعل شيء جدي لم نخذ خطوة حقيقية لتطوير تلك المنظومة البالية.

الحقيقة التاسعة، هي اننا لازلنا نتصرف بمنطق الجزر المنعزلة في تحركاتنا، مثلا عندما تحركت انا لاغلاق مراكز الدروس بالشرقية العام الماضي انما كان تنفيذا لطلب من وزيري التعليم والتنمية المحلية، ولكن ماذا عن باقي المحافظات؟

نفس الأمر يحدث الان في بورسعيد، ولهذا تفشل الجهود بسبب تفتتها وعدم اتخاذ موقف موحد وجامع يشعر الجميع بالعدالة والجدية.

اذا من خلال الحقائق المشار اليها اعلاه يتضح ان ظاهرة الدروس الخصوصية هي عرض لمرض، اذا اردنا التغلب على تلك الظاهرة واعادة بناء مصر من خلال التعليم علينا مواجهة كل حقيقة من الحقائق المشار اليها اعلاه بشكل علمي ومدروس وجاد وصارم.

إن شاء الله أعرض لحضراتكم في مقال لاحق لأليات مواجهة تلك الظاهرة واجتثاها بشكل علمي وقابل للتنفيذ دون جور على أحد.

والله الموفق.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79605730
تصميم وتطوير