الأحد الموافق 15 - ديسمبر - 2024م

اسامة المنجى يكتب :- صراصير وزارة الصحة

اسامة المنجى يكتب :- صراصير وزارة الصحة

من الحقائق المفجعة أنه تحدث 170 ألف حالة وفاة سنوياً في مصر بسبب التدخين حيث أنه يوجد حوالي ١٤ مليون مدخن يستهلكون مليار سيجارة، وينفقون 3 مليار جنية على شراء التبغ سنويا حسب تقديرات وزارة الصحة والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء. والمعروف أن مصر من أوائل البلدان التي وقعت على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ عام 2003.

 

وفي هذا السياق فإن من أبرز الوسائل التي تستخدم لمكافحة التدخين هو وضع صور تحذيرية على علب السجائر ذاتها لتنفير المدخنين منها! وهنا تطرح علامة استفهام كبيرة؟

هل حقاً كان تصور المسؤولون أن هذه الصور ستحقق الغرض المطلوب؟ هذا التساؤل يفرض تساؤلاً بريئاً يليه هو: إذا كان ذلك صحيح فلماذا يصرون على استخدامها مع استحالة فرضية عدم إدراكهم لعدم جدواها؟

 

 

فقد أثبتت الدراسات العلمية أن هذه الصور التحذيرية ليست فقط منعدمة التأثير على تنفير المدخنين بل تؤتي بنتائج عكسية! والواقع العملي يؤكد ذلك، فكثير من المصريين بتهكمهم الساخر يقولون أن هذه الصور المقززة لا تصيبهم إلا بالقرف الذي يتفاقم مع كل سيجارة مما يدفعهم للتدخين بشكل أكثر، وسواء لجأ البعض إلى وضع لاصق على الصورة ليغطيها، أو أعتاد وضع العلبة على جانبها أو تجاهل الصورة تماماً فالنتيجة واحدة « لا تحقق هذه الصور الهدف المرجو منها».

 

 

 

والسبب أن هذه النوعية من الصور تنتمي إلى الرسائل السلبية التي تسبب تأثيراً عكسياً في العقل الباطن وتجعل الشخص يُقِر لا شعورياً ويستسلم لحقيقة كونه مدخناً لا يستطيع الإقلاع عن التدخين، بل تُضعِف أي محاولة تالية للتأثير الإيجابي عليه مع طول فترة تعرض العقل الباطن للرسالة، ويبقى عقله سجيناً لهذه البرمجة السلبية. ولو أخذنا الأمر من مدخل ديني وأخلاقي بسيط نجد أن كل الأديان والأعراف والتقاليد تحث على حسن النصيحة، وتضع أسساً وقواعد وضوابط لكي توفر الأسباب المطلوبة لتقبل النصيحة بدون تجريح أو إهانة أو تقليل من شأن من تقدم له لكي تحقق أهدافها.

 

 

إن ضخامة وتوحش الشركات المصنعة للدخان، وتأثيرها المعروف على متخذي القرار يثير الشك نحو قناعة الجهات العالمية والمحلية المسؤولة بهذه النوعية من الجهود المناهضة للتدخين؟! فقد كانت هذه الشركات قديماً تستخدم كل وسائل الدعاية الممكنة لزيادة إقبال الجماهير على شراء السجائر وحثهم على التدخين فيضعون صور النجمات الشهيرات الجميلات على علب السجائر، أو يستخدمون العبارات المحفزة، بل أنه من المضحك أن بعضهم كان يكتب على علب السجائر أنها السجائر المفضلة للرياضيين!

 

 

والآن .. هل نتوقع أن يعظ الشيطان؟ إنهم مستبيحوا كل شئ، وسدنة الرأسمالية أنفسهم، أقران من يقتاتون على الآم البشر فيُخَلّقوُن الفيروسات ليزيد ثراؤهم فحشاً من تجارة الدواء. كل ما في الأمر أنهم اذدادوا حنكة ومهارة، وتلونوا بما يتناسب مع طبيعة العصر ووعي الجماهير وضغوط القوانين واستغلوا سلطتهم ونفوذهم في توجية الدعاية المناهضة للتدخين إلى ذلك الشكل الخبيث الذي لا يحقق الهدف منه ويأتي بتأثيرات عكسية كما سبق القول.

 

 

وبدلاً من استبدال الرسائل السلبية بأخرى إيجابية بوضع صورة شاب رياضي وسيم وكتابة تعليق مثل «الحياة بلا تدخين أجمل»، أو صورة رجل قارب السبعين يمارس رياضة الجري وكتابة تعليق مثل «الصحة نعمة .. إحفظها تحفظك».. إلخ. تُطَالعُنا بالوعة حذق فكري بطفح حشري مُقزِز لصورة «صرصار» مقلوب على ظهره على علبة السجاير وبجواره سيجارة مشتعلة!! هل المدخنون صراصير يا سادة؟ هل هكذا يكون التوجيه؟ إن هذه الأفكار وهذا الآداء وما على شاكلته وباء يحتاج للإبادة الفورية.

 

 

أزيحوا هؤلاء العابثين وصراصيرهم، خائنين كانوا أو مقصرين أوجاهلين؛ تستوي النتيجة في كونهم معوقين وملوثين لبيئة الإنجاز التي نسعى إليها ونُحَارِبْ ونُحَارَب من أجلها. كفانا صراصير.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78521900
تصميم وتطوير