الثلاثاء الموافق 08 - أبريل - 2025م

يوم الفرح ! بقلم: د. محمد أبوالعلا ..

يوم الفرح ! بقلم: د. محمد أبوالعلا ..

بقلم: د. محمد أبوالعلا ..

 
لأن المبدأ الذي يقوم عليه الزواج مبدأ الشبكة، الذهب، الشقة ، وانتشار كافة ألوان المظاهر، واستكمالاً لتلك المظاهر يُعرف أصحاب المقام الرفيع في بلدي بعد الشبكة بعدة أشياء: أولها نوع كارت الدعوة الذي يتم توزيعه على المعازيم، والذي عادةً ما يُقسَّم إلى ثلاث فئات هي: كروت “طبقة النبلاء”، ولهم دعوات خاصة كالتي توزعها الحكومات على أتباعها!، ودعوات متوسطة الحال كالتي توزع على الأهل والأقارب وعامة الناس، ودعوات بالبُق “للغلابة” ودائماً تسبقها عبارة “أنا بعزمك والمفروض أنت اللي تعزم، أنت مش عاوز عزومة “، وبعد ذلك نستكمل منظومة المظاهر بنوع الفرح “مسرح، ولا قاعة؟” وفيه تظهر مظاهر التفاوت الطبقي والثقافات، فطبقة النبلاء تحكمها نوع القاعة والعدد ومشروبات البوفيه التي ستقدم إلى المعازيم، مع مراعاة إظهار بعض الأمور التي تبرز المظاهر كنوع اللبس، وثمن إيجار القاعة، أما الطبقات الشعبية فيحكمها نوع المطرب أو الراقصة التي سوف تقوم بإحياء الحفل، وشاويش المسرح الذي سوف يقوم بفضح المعازيم “وعندك 200 شمعة منورين من المعلم فلان اللي بيمسي ويصبح على عريس أو عروسة الليلة وكل الناس اللي شرفونا”، لأنه سيقوم بإذاعة مبلغ النقطة بالشفرة، وكأنه عندما يقول “200 شمعة منورين لن يعرف الناس المقصود!، مع التركيز على الكراسة الصفراء، والكراسة الصفراء للذي لا يعرفها ـ وغالباً معظمنا يعرفهاـ عبارة عن كشف يُدون فيه صاحب الفرح (والد العريس أو العروسة، أو أقارب الدررجة الأولى) أسماء الذين قام بمجاملتهم وبجوار الاسم المبلغ الذي دفعه، وبجانبه كشفٌ آخر يدون فيه أسماء الذين دفعوا في الليلة الجديدة، وقبل انتهاء الليلة ينتاب صاحب الفرح القلق من الناس التي دعاها ولم تحضر، لأن النية مبيتة ألا يردوا المجاملة التي سبق وأخذوها، وبعد انتهاء الليلة يتم تجميع الكشوف ومقارنة الصادرات بالواردات، ويصل الأمر لإرسال مندوب إلى المعازيم يطالبه برد النقطة التي كان قد أخذها قبل فترة، وتختلف طرق الاحتفال بين ألعاب البازوكا النارية التي نستوردها بالدولار، والذخيرة الحية أو مسدسات الصوت التي نستوردها بالعملة الصعبة!، وتصبح أفراحنا مجرد عمليات استعراضية تصل في القرى إلى حد تحميل أثاث الشقة على سياراتٍ يراها القاصي والداني، تجوب أنحاء القرية على نغمات المزمار البلدي أو الدي دجي، وفي المدن كالقاهرة يحدث ذلك يوم “التنجيد”، لكن دون تنظيم مسيرة، لأن ذلك يتم في الشارع أمام شقة العروس، وفي القرى تُعرض كافة أنواع الطيورالتي سيأكلها العريس في مايعرف بالعشا، وبعد كل هذا نشكو من الفقر، ونتعجب من عدم استمرار الزيجة المباركة التي بُنيت في الأساس على المظاهر، فأكثر الدول ثراءً ورفاهية لا يقومون بمثل هذه الأعمال، فقط نحن من نفعلها لأننا بلا معنىً يحكمنا، وندعو الله قائلين “بارك الله لهما وبارك عليهما وجمعهما في خير”، وبالطبع لا تُجاب لنا دعوة، لأن ما بُني على باطل فليس لله منه شيءٌ، والأعجب من ذلك أن تتأخر الفتيات في الزواج فينتشر السحر والشعوذة والدجل، فالناس تبحث عن سبببٍ خفي لعدم ارتباط ابنتهم ولا تبحث عن الأسباب العلنية الظاهرة الواضحة،التي منها ارتفاع سعر الذهب، وأزمة الإسكان، وارتفاع نسبة المتعلمين مع كثرة البطالة، وأن غالبية أبناء الشعب ليسوا من طبقة “بابا عملي الشقة وجابلي عربية”، إن غالبية الناس من الطبقات الكادحة التي تلوثت لأنها لم تجد من يقف بجوارها في الطريق الصحيح فاختارت الطريق السهل طريق مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ولو صح استغناء أبناء إحدى قرى محافظة قنا بالصعيد عن المبالغات التي تحدث في الزواج،وتخليهم عن الذهب كشرط للخطوبة في ظل ارتفاعه، لأصبحنا على بداية الطريق القويم.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80895927
تصميم وتطوير