فهمي النديم : إنهاك الدولة المصرية هدف واضح وضوح الشمس
الدكتور عادل عامر : مطلوب جهة رسمية للرد علي افتراءات المنظمات الدولية
المستشار محمد عبدالفتاح : وزارة لا جدوي منها والخارجية تكفي
كتبت_ بوسي جاد الكريم
طالب على عبد الونيس – النائب البرلماني وعضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب – أن يتم إنشاء حقيبة وزارية جديدة في الحكومة المصرية هي وزارة حقوق الإنسان ، لكي تتولي مهام الرد على بعض التقارير التي تصدر من حين لآخر من جانب بعض التنظيمات الدولية وتوابعها في مصر ، والتى تزعم وجود “انتهاكات” ضد حقوق الإنسان في الدولة المصرية .
المطالبة البرلمانية أخذت مسارها التشريعي من خلال عرضها علي باقي أعضاء لجنة حقوق الإنسان البرلمانية ، وتسلم نسخة منها كل من السيد المستشار أحمد ماهر الجندى – ممثلا عن وزارة العدل ، والسفير / وائل نصر الدين – ممثلا عن وزارة الخارجية المصرية .
والأسئلة التي تطرح نفسها الآن ، هل هذا الاقتراح جدير بالمناقشة تحت قبة البرلمان .. أم أنه يأتي في سياق المقترحات البرلمانية المثيرة للجدل والتي كشفت ضعف أداء وقلة خبرة أصحابها وافتقادهم لأبجديات العمل التشريعي ؟؟
وهل التقارير ذات المكيالين ، التي تصدر عن جهات دولية معروف نواياها المعادية لمصر وتتغاضي عن جرائم وحشية ترتكبها الدول الكبري ضد شعوبها أو شعوبنا العربية في سورية والعراق وليبيا وغيرها، كما جاء في تقرير صدر أخيرا عن مفوضية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة – متهما المدافعين عن أمن البلاد وشعبها ، بالعنف في مواجهة الارهابيين ، وهو ما تولت وزارة الخارجية الرد عليه بقوة واصفة إياه بأنه تقرير مخجل ومشين .
ولكن تبقي هناك الكثير من التقارير المعادية لمصر تصدر من الخارج والداخل ، دون ان تجد من يرد عليها ليوضح حقيقة ما فيها ، فإن كانت هناك فعلا تجاوزات تم كشفها للرأي العام وعقاب المسئولين عنها .. وإن كانت اتهامات كاذبة يتم ايضا الرد عليها واتخاذ الاجراءات المناسبة تجاهها .
حقوق الإنسان كثيرة
في البداية قال الأستاذ / فهمي نديم – الحقوقي ورئيس مؤسسة ” النديم ” لحقوق الإنسان – أنه عادة ما يغفل الكثيرون “فى سياق ذكر حقوق الانسان لاسيما فى مصر” أن حقوق الانسان متعددة تصل لــ30 حق ، كحقه فى التعليم المناسب والعلاج الانسانى والبيئة النظيفة ، وحقه فى السكن والتنقل …. إلخ.
ولكن ينصب الحديث عن حقوق الانسان ، فى الحق فى التعبير عن الرأى والحق فى ممارسة الانشطة السياسية ، ومن غير الموضوعى المرور سريعاً على هذه الحقوق المذكورة قبل الخوض فى الحديث عن الواقع الحقوقي فى مصر ، لأن من البديهى أن المواطن “أى مواطن فى أى مكان” قد لا يعبأ كثيراً بحقوق الحريات “لاسيما السياسية” فى حالة حصوله وتمتعه بالحقوق الاخرى التى تمس أساسيات حياته.
الحراك السياسي
لذلك ففى مصر ، ولغياب الكثير من الحقوق العينية “بسبب الادارة العقيمة مع قلة الموارد” يتجه الكثيرون للإهتمام بالحقوق الاخرى ، ويلخصون كافة حقوقهم ، فى حقوقهم السياسية ، كما أن هناك عوامل أخرى أكثر تأثيراً فى تسليط الاضواء على الحقوق السياسية ، وهي الظرف السياسي التى مرت ولاتزال تمر به البلاد ، بداية من سنين حكم “مبارك” الطويلة ، مروراً بثورة يناير 2011، إنتهاءا بتداعياتها فى ثورة الثلاثين من يونيو 2013 ، وإرهاصات المنافسة على الحكم من قِبل تنظيم الاخوان ، وحالة التربص من منظمات الخارج المدعومة بأسبابها العدائية والمالية والتآمرية أحياناً .
منظمات الخارج
وحالة التربص الدائمة من منظمات الخارج الحاصلة على الضوء الاخضر من عدة دول “للأسف بعضها عربى وإسلامى” يتضح بجلاء إهتمامها بمصر “بالذات” من خلال مقارنة إهتمامهم بدول أخرى “فى إفريقيا مثلا” فكثير من الدول فيها لا تعرف حتى معنى ما يُسمى بحقوق الانسان .
ومع ذلك فلا أذُنٌ سمعت إهتمام هذه المنظمات بها ، ولا عينٌ رأت أي إنفعال منها تجاههم ، إذاً فحالة التربص واضحة ، والغرض فى إنهاك الدولة المصرية ووضعها تحت ضغط دائم واضح وضوح الشمس ، ولا يختفى تنظيم الاخوان من المشهد ، على إعتباره المستفيد “الرئيسى” من إسقاط حكم الدولة المؤسسية ، للرغبة فى تحويلها لحكم “الفاشية الدينية” علي الطريقة الايرانية.
على سبيل الأمنووسط هذا الصراع “من الخارج وفى الداخل” ومع تسلسل العمليات الارهابية الشاغلة للرأى العام والضاغطة من جانب آخر على الحالة الأمنية ، تختفى الكثير من الحريات بدفع من ضرورة إستقرار الأمن، وبدعوى عدم السقوط فى الفوضى كما حدث لدولة كثيرة جرّاء الربيع العربى “المزعوم” ومن هنا تأتى مبررات غض الطرف عن أى حقوق فى سبيل الأمن والاستقرار ، وليست الصراعات السياسية والعمليات الارهابية فقط المسئولة عن إنخفاض معدل الاهتمام بالحقوق والحريات ، إنما تاتى أسباب أخرى “تالية للسبب الرئيسى” كإجراءات التقاضى طويلة الأمد والتى تحتاج لعدالة ناجزة ، وقانون الحبس الاحتياطى الذى يحتاج تعديلات على توسعة الاستفادة بإطلاق السراح المشروط ، وأخيراً الاجراءات الأمنية الاستثنائية التى يأتى توسعة دائرة الاشتباه على راسها ، وهو المردود عليه من الاجهزة الامنية بان الجماعت المتطرفة والارهابية مُمتدة فى ربوع البلاد واحيانا لا يكون هناك سبيلاَ لمطاردتها سوى بتوسعة دائرة الاشتباه .
محبوسين وليس معتقلين
وبداية فإن وصف “معتقلين” غير مُنصف ولا واقعى ، إنما كافة الموجودين فى السجون أو اماكن الاحتجاز ، “محبوسين” إما على ذمة قضايا وتحقيقات ، او محكومين فى قضايا ، فلم تعد هناك حاجة “للإعتقال” ، فالسلطة يمكنها بكل بساطة إتهام “من تريد إعتقاله مثلا لخطورته” بأى إتهام ومن ثَمَ حبسه إحتياطياً ، لذلك فوجود مُعتقلين فى مصر مجرد إفتراءات ساذجة.
اما حالة السجون وأماكن الاحتجاز فى أقسام الشرطة ، فلا شك أنها تلقى الكثير من اللوم ، لكون بعضها “أو أغلبها” لا يُعد إنسانياً ، والميزانية والحالة الاقتصادية مسئولتان عن تلك “السقطة” فالسجون المصرية واماكن الاحتجاز تعانى من ويلات نقص الاحتياجات الاساسية منذ أمد بعيد “فهو ليس جديداً” ولكن ظهرت جلية مؤخراً بسبب أعداد المقبوض عليهم للإشتباه او للإتهام ، ولم تعد السجون ولا أماكن الاحتجاز تتحمل المزيد .
المشهد الحقوقي
وبين الشد والجذب فيما بين القوى المتفاعلة سياسياً ، تقف الدولة بمؤيديها تحت لافتة “الأمن والاستقرار أولاً” وقبل أي حقوق للإنسان ، وعلى الجانب الآخر يقف معارضى النظام ومعها النشطاء الحقوقيين ومنظمات الخارج تحت لافتة “الحقوق والحريات” هي السبيل للإستقرار فى شتى المجالات ، وبين اللافتتين تظل حالة حقوق الانسان فى مصر تتردد بين الصعود “تارة” والهبوط “تاراة” أخرى ، وتتسع دوائر الاشتباه “وتجد الدولة لها مبرراتها” ، وتنحصر حريات التعبير عن الرأي كالتظاهر والاجتماع “وتجد الدولة لها مبرراتها” كذلك .
نار الوقيعة
ولا شك أن كل ما ذُكر إنعكس على الحالة الحقوقية بالسلب ، ولا تزال المنظمات الحقوقية فى الخارج تنفخ فى نار الوقيعة فيما بين الشباب والدولة ، ولا تزال الجهات المسئولة عن الرد عليها ومناظرتها قاصرة عن أداء واجباتها نحو الرد على البيانات التى تُطلق من الخارج ليل نهار ، وإلان حالة الطوارىء “التى لها ما يبررها من وجهة النظر الامنية” ، وتعديلات قانون التظاهر والاجتماع التى وُقعت مؤخراً ، ساهمت هي أيضاً فى تداعى وهبوط المؤشر الحقوقى لأدنى مستوياته ، وباتت الحقوق والحريات مرهونة بإستقرار الحالة الأمنية ، والتى تشهد مزيداً من الانتكاسات يوماً بعد يوم ، بفضل الحماقات غير المسئولة التى تمارسها الجماعات المتطرفة إعلاناً عن تواجدها فى المشهد السياسي ، وضاغطة على النظام ليتخلى عن مطاردتها ، والامر يحتاج لسياسات أكثر حكمة لدفع الجماعات المتطرفة للتخلى عن العنف ، ونستشهد بفترة “مشابهة للواقع الحالى” ، ففى فترة التسعينات ، تولى اللواء عبد الحليم موسى وزارة الداخلية ، والذى قام بإتخاذ أساليب أمنية حكيمة فى السيطرة على الارهاب وقتها .
فيما يخص المقترح البرلماني بإنشاء وزارة لحقوق الإنسان ، فالأمر لا يعدو كونه مقترح الغرض منه إثبات تقديم مقترحات من النواب يزهون به أمام أبناء دوائرهم ، ففي الوقت الذى نطالب به بترشيد الإنفاق الحكومى يقترح البرلمانيون إنشاء وزارة جديدة ، تزيد من أعباء الموازنة ، كما لو أن لا يكفينا 33 وزارة جميعها معنية بحقوق أصيلة للإنسان كفلها الدستور ، كالحق فى السكن والغذاء والتعليم … إلخ ، وجميعها حقوق للإنسان على تلك الوزارات المعنية بها تفعيلها، وبدلا من المطالبة بوزارة لحقوق الإنسان ، عليهم المطالبة بإصلاحات جوهرية للمجلس القومى لحقوق الإنسان، الذى يحتاج لتوسعة صلاحياته ومنح قراراته حجية قانونية، مع تحديد نصف عدد المجلس بالتعيين والنصف الآخر بالانتخاب ، وعندها سوف يكون المجلس نافعا ومواكبا للاتجاه المحلى والاقليمى والدولى للعناية الحقيقية بحقوق الإنسان، وهو ما يدعونا للانتفاع بميزانية المجلس المليونية، بدلا من إهدار المزيد من الوقت والمال والجهد، لإنشاء مزيد من الوزارات التى تتحول بعد فترة لمجرد حقيبة وزارية يتنافس عليها المتنافسون دون فائدة حقيقية للمجتمع.
حقوق يراد بها باطل
وفي معرض رده علي تساؤل بشأن عدم رد الدولة على التقارير الحقوقية الصادرة من جهات أجنبية أو ممولة من الخارج، أكد ” فهمي نديم ” بداية ، أن هذه التقارير “جميعها” تذكر حقائق يراد بها باطل ، واغلبها يعتمد على حقيقة بسيطة أو عادية ، ثم يمنحها من خلال تقرير استفزازى يخاطب المشاعر بكثير من التفاصيل الافتراضية ، وكونها من الخارج أو ممولة ، يفقدها مصداقيتها فى الأساس ، ويصبح الرد “الرسمى” عليها نوعا من إضفاء المصداقية التى لا تستحقها هذه الجهات المشبوهة.
ومع ذلك فهناك قصور شديد من الجهات “شبه الرسمية” كوسائل الإعلام والهيئة العامة للاستعلامات والمجلس القومى لحقوق الإنسان فى الرد على هذه التقارير أولا بأول ، كما أن هناك تهاون وتقاعس من مؤسسات المجتمع المدنى المصرية “الوطنية منها” فى الرد المناسب على التقارير مدعومة من الإعلام .
وللأسف المؤسسات الحقوقية المصرية “غير المتربحة أو الممنوحة من الخارج” قليلة جدا ، ولا يتسع لها المجال للرد على التقارير وإعلان هذه الردود، وإن كان بعضها يفعل على نطاق ضيق للغاية ، وهو ما يستوجب معه نشاط البعثات الدبلوماسية فى التعاون مع المجلس القومى والهيئة العامة للاستعلامات “بالتعاون مع الأجهزة الامنية” لوضع الردود الرادعة لهذه التقارير وإتاحة الاعلان عنها .
تمويل خارجي
وفي مداخلة من الدكتور/ عادل عامر – أستاذ الحقوق وخبير القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات القانونية – قال أنه من المفترض أن تهدف وزارة حقوق الإنسان إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بالتنسيق مع الوزارات والجهات والهيئات المختصة ، وتفعيل آليات الحماية الوطنية لحقوق الإنسان وتعزيزها بما يؤكد التزام بلادنا بالاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها.
إن وجود جهة رسمية مختصة قد يسهم فى تفنيد هذه التقارير والرد عليها ويسمح لها بالتواصل مع مؤسسات الدول المختلفة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.
وبالفعل تتواصل وزارة الخارجية مع مراكز صنع القرار في أمريكا سواء كان الكونجرس أو الخارجية الأمريكية، وذلك للرد علي حملات التشويه الموجهة ضد مصر، وتوضيح سوء الفهم، وتحسين صورة ملف حقوق الإنسان في الدول الغربية.
كما أن هناك تكليف لسفارة مصر في واشنطن في تولي هذا الملف، هذا علاوة على استغلال مصر للمحافل الدولية للرد علي هذه التقارير الموجة ضد مصر وخاصة أن أغلبية دول العالم الان انشأت مثل هذه الوزارة لأهميتها محلية ودولية اقتراح السياسات والخطط والبرامج والإجراءات الكفيلة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وتنفيذها بالتنسيق مع الجهات المختصة.
مزيد من الدراسات
المطلوب إذن مزيد من دراسة التشريعات والقوانين ومدى انسجامها مع مبادئ وقواعد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المصادقة بلادنا على موادها واقتراح التعديلات اللازمة في نصوص التشريعات الوطنية المختلفة وفقاً للدستور والقوانين النافذة وتلقي الشكاوى المرفوعة من المواطنين والهيئات والمؤسسات ودراستها ومعالجة ما يدخل ضمن اختصاص الوزارة بالتنسيق مع الجهات المختصة تنمية الوعي القانوني للمواطن بإرشاده إلى حقوقه المكفولة دستوراً وقانوناً ونشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط المجتمع بمختلف وسائل التوعية وتعزيز مجالات التعاون مع منظمات ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان والإسهام في إعداد الدراسات والبحوث المتخصصة في مجال حقوق الإنسان وإعداد التقارير الدورية حول التزامات بلادنا الدولية بالتنسيق مع الجهات المختصة والتنسيق مع المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان وتنمية مجالات التعاون معها.
تدخل في الشأن المصري
وفي مداخلة من المستشار / محمد عبدالفتاح – الخبير الحقوقي والقانوني – قال أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، برئاسة النائب محمد الغول، قد شهدت مطالبات كثيرة باستحداث وزارة جديدة تختص بحقوق الإنسان في مصر، وذلك أثناء مناقشة السؤال المقدم من النائب علاء عابد، بشأن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية وما يحتويه من مغالطات حول حالة حقوق الإنسان في مصر.
ويضيف بقوله ؛ وجهة نظري أنها وزارة لا جدوي من وجودها .. والأجدر أن يكون الرد علي أي تشكيك دولي خارجي بشأن حقوق الانسان في مصر يكون عن طريق وزارة الخارجية .
وطالب “عبدالفتاح” الدولة ممثلة في وزارة الخارجية أن ترد علي التقارير والنشرات الحقوقية الصادررة من جهات أجنبية لوقف التدخلات في الشأن المصري.
وأوضح ؛ لابد أن تكون هناك رقابة علي سيل الاموال المتدفقة الي داخل البلاد ، تحت مسميات جمعيات حقوق الانسان المزعومة .. علي أن تسن قوانين قوبة مشددة تعاقب متلقي تلك الاموال والتي تصرف في غير نصابها.
التعليقات