بقلم الدكتور: رضا عبد السلام
هذا الحديث العظيم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (وان شكك البعض في صحته) ليس مجرد حديث فيه حث على الفضائل، ولكنه قانون ومنهاج حياه، فيه استقرار لاقتصاد الدول، وفيه الحفاظ على الصحة بل والبيئة.
نعم…صدقت يا سيدي يا رسول الله…نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، أي أننا لا نجلس او لا نقبل على الطعام الا ونحن في شوق اليه، ولسنا كما البهائم الهائمة والغارقة امام الطعام ٢٤ ساعة.
واذا أكلنا لا نشبع، وهذا هو بيت القصيد في حديث رسول الله، وهذه الكلمات الثلاث فيها كافة عناصر بناء الأمة وضمان استقرارها…نعم.
اذا أكلنا لا نشبع تعني أننا اذا جلسنا على الطعام نتركه ونحن نشتهيه، فلا نواصل الأكل حتى الشبع أو حتى تنفجر البطون، وعندما نترك الطعام ونحن نشتهيه، سنعود اليه وسيكون هناك شوق ولذة في العودة اليه في الوجبة التالية.
لماذا يعد هذا الحديث دستور دولة وعماد استقرارها الاقتصادي والبيئي وسلامها الصحي؟!
نعم…اقتصاديا، تخيل معي مجتمع تسوده تلك القيمة، وهي قيمة الاقتصاد في استهلاك الطعام، النتيجة الاقتصادية الحتمية هي استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية؛ مثل العرض الكلي والتضخم والاسعار وسعر العملة والصادرات والواردات….الخ.
وعلى النقيض من ذلك، في مجتمع يفتقر الى هذه القيمة، وهي قيمة الاقتصاد في الطعام، تجده عندما يشتري يشتري بكميات مضاعفة، وعندما يستهلك يستهلك بكميات مضاعفة، وكل هذا يشكل ضغطا على المؤشرات الاقتصادية الكلية، تؤثر بالسلب على العرض الكلي وعلى الأسعار والتضخم وزيادة الواردات واضعاف العملة الوطنية…الخ.
اكبر مثال على ذلك، شهر رمضان الكريم الذي يدق الأبواب، والذي هو شهر للصيام ومن ثم يفترض فيه التوفير…لن اشرح ما نفعله نحن المسلمون في شتى بقاع الارض وكلنا نعرف الحقيقية وحقيقة سلوكنا في رمضان.
في المقابل، في بلاد الكفر التي لا تعرف بهذا الحديث الشريف ولا قائله، انظر الى نمط استهلاكهم!!!!! قارن بين حجم استهلاك الفرد اليومي من الطعام هنا وهناك!!! هناك إذا اكل يأكل نصف رغيف او يطلب تفاحة فقط وليس شوال!!!
النتيجة هي استقرار العرض ومن ثم الأسعار والتضخم….الخ.
الجانب الثاني من جوانب عظمة وتاثير هذا الحديث هو الجانب الصحي:
من الذي قال بأن الإفراط في الطعام والتنويع فيه مفيد للصحة؟! للاسف منذ ان عرفنا النعمة والرفاهية كان اول شيء انشغلنا به هو تنويع المائدة وإغراقها بالطعام، والأكل حتى تتألم وتصرخ البطون، وكانت النتيجة هي استشراء الأمراض بمختلف اشكالها…
وعلى النقيض منذ ذلك، تجد ان الأشخاص الأقل والأبسط طعاما هم الافضل صحة وهم الأسلم، تماما مثل اجدادنا الأوائل…وتماما مثل الغرب، الذي تمارس فيه قيم الاسلام بدون الاسلام!!!
تخيل معي التداعيات الصحية على الفرد وعلى الدولة وعلى ما تنفقه على الرعاية الصحية!!!
اما البعد الثالث لهذا الحديث العظيم فهو المتمثل في البعد البيئي، تخيل معي مثلا حجم الملوثات البيئية والقمامة المنزلية في دولة متقدمة مثل اليابان او المانيا، وفِي دول نامية مثلنا، وخاصة دولنا العربية؟!
ترتب على افراطنا في الشراء وتنويع المائدة تراكم مخلفات منزلية نهايتها في نهاية الامر في الشوارع وعلى الطرقات، وبعد ذلك نتحدث عن تلوث البيئة وأضرارها؟!!!
اذا الموضوع جد خطير، والحديث جد عظيم، ومن هذا المنطلق أعلن عن مسابقة لإعداد رسالة دكتوراه، تحت إشرافي، في موضوع عوامل وتاثير نمط وثقافة الاستهلاك على المؤشرات الاقتصادية الكلية، على ان تكون دراسة مقارنة بالشريعة الاسلامية…
سيكون لهذه الرسالة اولوية عندي في التسجيل، وهي مسابقة مفتوحة لأبنائي من طلاب الماجستير والدكتوراه في مختلف ربوع مصر او من عالمنا العربي…وفِي ذلك فليتنافس المتنافسون..والله الموفق.
التعليقات