الأربعاء الموافق 02 - أبريل - 2025م

هل يشعل السيسى الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا?

هل يشعل السيسى الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا?

السيد الربوة

 

 

قد نتفق أو نختلف حول زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى أمريكا ، خاصة بعد ما نشرته وسائل الإعلام سواء كانت المحلية أوالدولية ، حول الأنقسام  بين صفوف الجالية المصرية بين مؤيد ومعارض ، أو غيرها من تحليلات ، وللحقيقة فأن زيارة السيسى إلى أمريكا كانت مهمة  كونه  كان يحمل معه ملفات متعددة ، من بينها الملف الأقتصادى والذى رأينا أن نتحدث عنه ، لأنه يشغل باله  مثل الجميع  بشكل مستمر ، لذلك سعى منذ زيارته إلى روسيا أن يضع الملف الاقتصادى المصرى على أجندة العمل مع بوتين ، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل يستطيع السيسى أن يحافظ على علاقة مصر مع الدب الروسى والغول الأمريكى  فى اّن وأحد مع وجود حرب باردة جديدة  بينهم ؟

 

 

إن أى علاقة اقتصادية ناجحة تقوم على علاقة سياسية ناجحة، لذلك يحاول الرئيس السيسى أن يجمع بين علاقته بالدب الروسى والغول الأمريكى ، فقام بزيارةإلى روسيا  لمقابلة بوتين من أجل تنمية العلاقات المصرية الروسية سواء كان على المستوى العسكرى او الأقتصادى ، وفى زيارته إلى أمريكا حاول أن يفعل نفس الشىء ، وكانت زيارة السيسى الرسمية للولايات المتحدة الامريكية ، للمشاركة فى اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة الـ69، وللمشاركة أيضا فى أعمال قمة المناخ التى كان سكرتير عام الأمم المتحدة قد دعا إلى عقدها.

فالولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر شريك اقتصادى لمصر منذ آواخر حقبة السبعينيات وتحتل مصر المرتبة الـ 52 في قائمة أهم شركاء للولايات المتحدة التجاريين.

وقبل سفر الرئيس السيسى إلى الولايات المتحدة بفترة قصيرة أعلن خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية أنه تلقى  تكليفا رسميا من الرئيس ببدء تنفيذ البورصة السلعية بمصر لتأمين احتياجات الدول العربية والأفريقية، وتحديد مكانها بجوار قناة السويس ، وتنفيذ منظومة متكاملة تستهدف أيضا استضافة مصر أول بورصة سلعية للشرق الأوسط، بما يجعلها مركزا لتداول الحبوب والأقماح والمنتجات الزراعية، على غرار بورصات السلع العالمية الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا.

لقد حمل السيسى فى اجندته الأقتصادية فى أمريكا لقاءات وأجتماعات متعددة من بينها ما أعلن عنه المتحدث باسم الرئاسة وهى اجتماعات مع الجالية المصرية ورجال الأعمال والغرفة التجارية المصرية- الأمريكية، ومناقشة ملف تنشيط التعاون التجاري بين البلدين. وأوضح أن الرئيس السيسي وقَّع اتفاقا مع شركة بلومبرج يتضمن 3 مشروعات رئيسية، الأول إنشاء أول مصنع لتكنولوجيا التخزين واللوجستيات في الشرق الأوسط، والذى سيخدم السوق المحلية، ويستهدف التكامل مع المشروع الوطنى العملاق الخاص بتنمية محور قناة السويس، فضلا عن توفير فرص التصدير للدول العربية والأفريقية، حيث سيعد المشروع الأكبر على مستوى العالم فى مجاله.

وتابع أن المشروع الثاني يشمل استبدال الشون الترابية بشون حديثة تعتمد على التكنولوجيا المتطورة، والتى أعدت خصيصا لتناسب ظروف الإنتاج والتداول، حيث تستخدم في تخزين الحبوب والأقماح، بما يوفر أكثر من 30% من محاصيل الحبوب، أي 1.2 مليون طن، والتى كان يتم إهدارها نظرا لظروف سوء التخزين والتداول.

أما المشروع الثالث فيستهدف إقامة 10 مناطق لوجستية، كمرحلة أولى، بغرض تجهيز وتخزين وحفظ المنتجات الزراعية من الحبوب والخضروات والفواكه، لتجنب إهدار 40% من هذه المحاصيل، فضلا عن إتاحة الفرصة للتحكم فى الأسعار عبر تخزين هذه المنتجات، وإعادة طرحها في الأسواق لضبط الأسعار ومكافحة الغلاء، علما بأن هذه المشروعات الثلاثة كانت محل دراسة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

إضافة إلى لقاء الرئيس السيسي مع ممثلي غرفة التجارة الأمريكية، برئاسة توماس دونوهيو، رئيس غرفة التجارة الأمريكية، وبحضور رؤساء مجالس إدارات كبرى الشركات الأمريكية العاملة في مصر. وقد حضر اللقاء كل من الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، وأشرف سالمان، وزير الاستثمار، ثم التقى الرئيس مع لفيف من أعضاء مجلس الأعمال للتفاهم الدولي، برئاسة بيتر تشانسكي، حيث يضم المجلس في عضويته عددا من كبريات الشركات الأمريكية على مستوى العالم في مجالات الاستثمارات المالية والبنوك والطاقة والخدمات البترولية والزراعة والصحة والفنادق والطيران، وذلك بحضور وزيري التموين والتجارة الداخلية، والاستثمار،إلى جانب لقاء السيسى مع كلاوس شواب، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، والذى أكد على اهتمام المنتدى بتعزيز التعاون مع مصر حيث طرح عدة مقترحات تضمنت ترتيب زيارة لوفد يضم عددا من خبراء المنتدى للتباحث مع المسئولين المصريين حول سبل تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري. كما وجه الدعوة إلى الرئيس للمشاركة في الاجتماع السنوي للمنتدى في دافوس خلال الفترة 21-24 يناير 2015. وأخيراً طرح تنظيم المنتدى الإقليمي الخاص بالشرق الأوسط في مصر، على أن يتم الاتفاق على الموعد المناسب لاحقاً. إلى جانب لقاء اّخر مع مجموعة من رجال الأعمال المصريين المقيمين في الولايات المتحدة الذين أعربوا عن رغبتهم في المشاركة في عملية التنمية الاقتصادية الجارية فى مصر، سواء من خلال المساهمة في تمويل المشروعات الاقتصادية العملاقة مثل مشروع تنمية محور قناة السويس، أو عبر تنفيذ مشروعات استثمارية جديدة فى عدد من المجالات الحيوية كالطاقة المتجددة والبنية التحتية وانتاج الدواء.

هذا النشاط الأقتصادى المكثف للسيسى فى أمريكا سواء كان الأقتصادى أو السياسى ،والذى سبقه نشاط مماثل فى زيارته لروسيا تجعل البعض يتسأل فى تحقيقه لتوزان العلاقة المصرية بين روسيا وامريكا فى الناحية الاقتصادية والتى تسبقها بالطبع المسألة السياسية ، حينما نعرف  وزير الصناعة فخرى عبد النور جاءت زيارته إلى روسيا  قبل أيام من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة،وفى تصريحات صحفية لوزير الصناعة فخرى عندما سئل عن توقيت الزيارة فقال أى علاقة اقتصادية ناجحة تقوم على علاقة سياسية ناجحة، ومن هنا جاءت أهمية زيارة روسيا فى الوقت الحالى، لتوصيل ثلاث رسائل أساسية وواضحة، للمجتمع الروسى حكومة وقطاع أعمال. الأولى هى أن مصر دولة منفتحة على الجميع، ولا تقبل ضغوطًا من أحد، ومن ثم لن تتأثر أى علاقات سياسية أو تجارية لمصر بأى نزاعات سياسية عالمية. الرسالة الثانية تعبر عن رغبتنا فى الانفتاح تجاريا واقتصاديا مع روسيا، والاستفادة من خبرتها فى تأهيل الصناعة المصرية والكيانات الصناعية القديمة، بالإضافة إلى الاستفادة من ثروتها وخبرتها فى مجال الطاقة النووية، والمتجددة، والخلايا الشمسية، والتى باتت ضرورة فى ظل أزمة الطاقة التى تعانى منها مصر. أما عن الرسالة الثالثة، وقد تكون الأهم، هى طمأنة مجتمع الأعمال الروسى، والحكومة الروسية، بشأن الوضع السياسى والاقتصادى فى مصر .

إن الحفاظ على علاقة مصر بالدب الروسى والغول الأمريكى فى الوقت الحالى مع وجود الحرب الباردة  الجديدة بينهم ، أمراٍّ فى منتهى الصعوبة .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80776058
تصميم وتطوير