كتبت_تقى محمود
منذ إعلان البنك المركزي بيانات ميزان المدفوعات عن النصف الأول من العام المالي الجاري، مسجلا فائض بقيمة 5.6 مليار دولار مقابل 7 مليارات دولار خلال الفترة المقارنة من العام المالي الماضي.
ورغم انخفاض الفائض بنسبة 20% إلا أن النتائج المحققة خلال الفترة تشير إلى اعتماد البنك المركزي في تحسن بيانات ميزان المدفوعات على مصادر وموارد أكثر استدامة ناتجة عن مصادر الدخل القومي الرئيسية وتقليل اعتماده على القروض والمساعدات الخارجية التي ارتفعت وتيرتها عقب تعويم العملة المحلية .
وخلال الفترة التالية على 3 نوفمبر 2016 أعلن المركزي توصله لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج إصلاح اقتصادي يستمر لمدة 3 سنوات، بجانب خطته لاقتراض مبالغ أخرى من جهات تمويل دولية ودول صديقة لسد الفجوة التمويلية التي كانت تسجل نحو 30 مليار دولار قبل تعويم العملة المحلية .
وتحسن ميزان المدفوعات منذ هذا التوقيت ولكن معتمدًا بشكل أساسي على الاقتراض طويل الأجل من المؤسسات الدولية والاقتراض قصير الأجل عبر استثمارات الأجانب في أذون الخزانة والتي سجلت نحو 20 مليار دولار خلال عام 2017 وفقًا لتصريحات وزير المالية، عمرو الجارحي.
وينقسم ميزان المدفوعات إلى شقين أساسيين حساب المعاملات الرأسمالية والمالية والذي يضم الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومحفظة الاستثمار في الأوراق المالية، وصافي الاقتراض الخارجي، والتزامات البنك المركزي والقطاع المصرفي الخارجية، والحساب الجاري الذي يضم صافي متحصلات السفر بما فيها إيرادات السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والميزان التجاري وميزان دخل الاستثمار وبنود أخرى متعلقة بالحساب الخدمي.
وتبعًا للتطوير في الميزانين يمكن قياس مدى قوة اقتصاد الدولة والتحسن في الأنشطة الاقتصادية المستدامة التي تنعكس على معدلات النمو وموارد الدولة، أو ما إذا كانت الدولة تعتمد في دعم ميزان تعاملاتها مع العالم الخارجي على قروض خارجية واستثمارات أوراق مالية غير مستدامة .
وخلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2017 حقق ميزان المعاملات المالية والرأسمالية صافي تدفق للداخل بقيمة 10.4 مليار دولار مقابل 18.7 مليار دولار خلال الفترة الماضية من العام السابق عليه، وذلك كنتيجة أساسية لتراجع صافي الاقتراض الخارجي ليقتصر على استخدام 3.5 مليار دولار مقابل 5 مليارات دولار، وتغير صافي التغير في التزامات البنك المركزي مع العالم الخارجي لتحقق صافي سداد للخارج بقيمة 3.1 مليار دولار مقابل صافي استخدام بلغ 8.1 مليار دولار خلال الفترة المقابلة .
هذا في الوقت الذي تراجع فيه عجز الحساب الجاري بنسبة 64% ليقتصر على 3.4 مليار دولار مقابل 9.4 مليار دولار، وذلك بدعم ارتفاع فائض ميزان الخدمات بنسبة 194% ليسجل 5.3 مليار دولار نتيجة ارتفاع متحصلات قناة السويس والسياحة، وارتفاع صافي التحويلات الجارية بدون مقابل بنسبة 29.5% إلى 13.1 مليار دولار بدعم ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وتراجع طفيف لعجز الميزان التجاري بنسبة 1.4% إلى 18.7 مليار دولار.
وهكذا توضح البيانات زيادة الموارد الأجنبية الناتجة عن السياحة وتحويلات المصريين وقناة السويس والتصدير وكلها موارد مستدامة افتقدتها الدولة خلال السنوات التي تلت ثورة يناير 2011، بينما تراجع الاعتماد على الاقتراض الخارجي وقلت وتيرته مقارنة بعامي 2016 و2017.
ويمكن القول إنه إذا استمرت الدولة في تحفيز موارد النقد الأجنبي وتهيئة البيئة المحيطة بالقطاعات الموردة للنقد الأجنبي، فإنه مع مرور الوقت ستصبح هي الداعم الأكبر لميزان المدفوعات بدلا من الاعتماد على استثمارات الأجانب في أذون الخزانة والدين الخارجي كمورد رئيسي للعملة الأجنبية.
التعليقات