كتب : داوود حسن
منح جنوب إفريقيا محكمة الجنايات الدولية حصانة
قرار هل له معنى؟
في خطوة لم يعلن عنها إعلاميًّا، منح وزير خارجية جنوب إفريقيا، رونالد لامولا، حصانةً دبلوماسيةً لممثلي المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، بموجب المادة السابعة من قانون الحصانات والامتيازات الدبلوماسية المعمول به في جنوب إفريقيا.
القرار الذي صدر في الحادي عشر من ديسمبر الماضي ونُشر في الجريدة الرسمية، ولم يبلغ به الإعلام أو يتداول في مجموعات الصحفيين المحليين أو الدوليين بالبلد، ينص على منح الحصانة والحماية القانونية للقضاة والمدعين العامين والمسؤولين الآخرين في المحكمة من الملاحقة القضائية، وتمتع كافة ممتلكات ووثائق المحكمة بالحصانة نفسها.
الجدير بالذكر أنَّ جنوب إفريقيا، التي وقّعت على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998، كانت قد قرّرت الانسحاب من المحكمة عام 2017، عقب رفضها تنفيذ مذكرة اعتقال من المحكمة للرئيس السوداني السابق عمر البشير خلال حضوره قمة الاتحاد الإفريقي في البلاد، على خلفية اتهام المحكمة له بارتكاب إبادة جماعية في دارفور.
إلّا أن المحكمة العليا في بريتوريا قضت بعدم دستورية قرار الحكومة الانسحاب من المحكمة، نظرًا لعدم عرضه على البرلمان. وعليه، أعادت الحكومة تقديم الطلب مجددًا للبرلمان للانسحاب من المحكمة في مارس عام ألفين وسبعة عشر، ثم سحبه رونالد لامولا وزير العدل أنذاك والخارجية حاليا في مايو عام ألفين وثلاثة وعشرين.
لكن الحديث عن الانسحاب من المحكمة تجدد بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وكان من المقرر حضوره قمة “البريكس” في مدينة جوهانسبرج عام 2023، لكنه اعتذر عن الحضور رفعًا للحرج عن بريتوريا، فلم يتم تقديم الطلب لسبب أخر وهو أنه يحتاج عاما ليطبق على أرض الواقع بينما كان متبقى شهور أو أسابيع قليلة على عقد قمة البريكس.
ومع ذلك، رحّبت حكومة جنوب إفريقيا بقرار المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي، القاضي بإصدار مذكرات اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، وعددٍ كبير من عناصر الجيش الإسرائيلي، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة منذ السابع من ديسمبر من العام قبل الماضي.
ويرى مراقبون أن قرار لامولا ما هو إلا إجراءٌ روتينيٌّ لاستكمال الشكل القانوني للعلاقة مع المحكمة الجنائية الدولية لا يسمن ولا يغني من شيء، خاصة وأن المحكمة ليس لها أية تواجد مادي في جنوب إفريقيا.
التعليقات