الجمعة الموافق 07 - فبراير - 2025م

ملحمة “محمد محمود” حتى لا ننسى

ملحمة “محمد محمود” حتى لا ننسى

بقلم: ايهاب القسطاوى
«ملحمة “محمد محمود” ، كشفت وبشكل غاية في الوضوح عن اتجاهين منفصلين تماماً بين القوى المشاركة في “ثورة 25 يناير”، فالتوقيت الذي وقعت فيه الأحداث كان خلال سير معركة الانتخابات البرلمانية ، وكانت تلك الانتخابات الأولى التي تجري عقب خلع الفاسد مبارك ، وحل “الحزب الوطني” ، الذي كانت يهيمن على البرلمان عبر التزوير الممنهج.

 

 

وكانت الانتخابات البرلمانية تعني بالنسبة إلى القوى السياسية التقليدية ، الفرصة الأولى للمشاركة في السلطة السياسية، في المقابل ، فإن إصرارنا على استكمال المواجهة مع أجهزة القمع والحفاظ على مكاسب الثورة الديموقراطية على الأقل ، ورفض عودة آليات الاستبداد وعنف الدولة.

 

 

كان يمثل إعاقة مشروع جني ثمار الثورة الذي تتطلع له تلك القوى ، الثورة التي تعلقت بأثوابها كل القوى السياسية في مصر ، وحتى تلك التي لم تكن ثورية في يوم من الأيام – حتى وصل الأمر إلى حد ادعاء قطاع من الحزب الوطني تأييده للثورة والتقرب منها – باتت بعد أحداث ملحمة “محمد محمود” عبئا على من يسعون للمشاركة في السلطة السياسية.

 

 

بدت يومها الثورة غريبة بدعوة لم تدعمها القوى السياسية التقليدية، حتى أنها تنم عن سخرية المعارضة المستأنسة ، التي وقفت دون تحقيق هدف تغيير النظام بشكل جدي.

 

 

الملفت بعد أحداث “محمد محمود” أن وضع القوات المسلحة في “وثيقة السلمي”، والذي احتجت عليه تلك القوى ، جرى إقراره في الدستور من دون تغيير جوهري ، وذلك بعد تشكيل البرلمان وإجراء الانتخابات الرئاسية ، وهيمنة قوى الإسلام السياسي، ممثلة بـ”التنظيم الارهابى ” والسلفيين “داعش مصر” على الحكم ، أما القوى الثورية التي أصرت على استكمال الثورة، فقد خاضت معركتها بكل بطولة، وقدمت تضحيات ضخمة في ميدان التحرير وشارع “محمد محمود”.

 

 

لكنها ظلت بعيدة عن المدن والأحياء والقرى ، في المقابل ، فإن القوى التي انصرفت من الميدان لجني الثمار، توجهت إلى المدن والأحياء والقرى مطلقة حملتها الانتخابية بعيداً عن الثوار ، هكذا استدرجت القوى الثورية إلى الانعزال في الميدان ، بينما كانت القوى التي تخلت عن الثورة تتوغل بين الجماهير، وهو ما كان له تأثير كبير على مجريات الانتخابات ، وصولاً إلى ما صارت عليه الحال اليوم.

 

 

علاوة على ذلك ، فإن القوى الثورية التي ناضلت بإخلاص لم يظهر أفق نضالها واضحاً طوال هذه الفترة ، ولم تقدم رؤية واضحة لما سيحدث في اليوم التالي. كانت تقاوم ببسالة آلة القمع التي بدت تستعيد لياقتها بعد الثورة، وكانت ترفع الشعارات الرافضة لعودة النظام وعدم تحقيق أهداف الثورة ، لكنها لم تطرح طريقاً واضحا وخطوات ملموسة.

 

 

صحيح أنها حصلت بالفعل على تعاطف كبير من قبل الشعب ، ولكنها لم تنجح في حشد الجماهير وراءها كما حدث أيام “ثورة 25 يناير” ، كذلك، لم تتنبّه القوى الثورية للنضال الاجتماعي الذي انطلق قبل الثورة، والذي تصاعد بعدها بقوة. فقد حفزت الثورة مطالب القطاعات الفقيرة في مصر بالعدالة الاجتماعية.

 

 

وتحركت القطاعات المختلفة للمطالبة بحقوقها المهدورة، وهو ما شهرت به أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة، ووصفته بأنه “مطالب فئوية” ، في محاولة لعزلها عن مسار الثورة ،هذه التحركات الاجتماعية لم تجد دعماً حقيقياً وتأييدا من القوى الثورية التي كان نضالها منصباً في المسار الديموقراطي دون الاجتماعي ، وحين سعت إلى ردم تلك الفجوة عبر الدعوة إلى الإضراب العام في العام 2012 للمطالبة بإنهاء سلطة المجلس العسكري، بدا ان تلك الفجوة كانت قد تعمّقت.

 

 

وفشلت الدعوة الى الاضراب ، كان مسار الثورة المصرية معقدا ووعرا، وربما يمكن اليوم النظر في الكثير من أحداثها لمعرفة كيف تطورت الأمور على هذا النحو، وكيف وصل الأمر إلى تمزيق أثواب الثورة والتشهير بها ممن تعلقوا بها من قبل ، وربما استرجاع الزاكرة بصفتى كنت جزء من الملحمة اليوم في تبيان إحدى أهم المحطات في طريق الثورة التي بدأت غريبة ثم عادت غريبة ، بينما مستقبلها ما زالت ترسمه أحداث اليوم».

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79652673
تصميم وتطوير