عبدالعزيز محسن
كشف موقع dw الألماني، عن أعداد ضحايا العنف الأسري، وبلغ نحو 20 % من فئة الرجال.
وفي تقرير نشره الموقع، يروي قصة رجل ألماني يدعى تامي فايسنبيرغ، الذي تعرّض للتعنيف على يد شريكة حياته، رغم أنّه رجل طويل ولديه ثقة كبيرة بالنفس.
كما أنّ شكل الرجل لا يوحي بأن يكون ضحية، فبحسب الأحكام المسبقة، على الضحية أن تكون صغيرة الحجم وضعيفة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالرجال، كما يقول التقرير.
وتبين أن الرجال يمكن أن يكونوا على طبيعة مختلفة. يتفهمون ويراعون. “وأن يكون كل ذلك فقط ذريعة لكسب شخص يمكن استغلاله، فهذا لم يلاحظه”، كما يقول فايسنبيرغ اليوم. وعلى هذا النحو دخل في علاقة وخيمة العواقب طوال ست سنوات.
يأتي ذلك بالتزامن مع احتفال العالم بيوم الرجل العالمي، والذي يعود تاريخه للعام 1999، عندما اقترح الدكتور جيروم تيلوكسينغ، محاضر في التاريخ بجامعة جزر الهند الغربية، بأن يكون هناك يوم للاحتفال بالرجل.
وعلى الرغم من تخصيص يوم للاحتفال بالرجل، فإن تلك الفعالية تمر بهدوء، لدرجة أن هناك الكثير من الرجال الذين لا يعلمون أن هناك يوم عالمي للاحتفال بما يقدمونه من أدوار في الحياة.
وتامي فايسنبيرغ رجل لديه ثقة بنفسه وهو رجل طويل القامة، يروي قصته بهدوء. تامي كضحية؟ وعندما يحكي ذلك لا يمكن تصور ما يقول. ولكن ذلك حكم مسبق تقليدي بأن الضحية يجب أن يكون صغيرا وضعيفا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالرجال.
التبعية العاطفية مفتاح للعنف!
تامي والمرأة انتقلا إلى شقة مشتركة، وعاشا معا. وهو يساعدها حتى ماديا. مع مرور الوقت تشابكت حياتهما وأصبحت لهما شقة مشتركة وحساب بنكي مشترك وحياة يومية مشتركة.
“الأمر بدأ عندما سافرنا في عطلة إلى فندق لم يتناسب مع رغباتها” يقول فايسنبيرغ ويضيف “لم تشأ الدفع، ووجب علي دعمها في ذلك والقول لصاحب الفندق بأن لديه غرفة غير نظيفة.
ولم أفعل ذلك، لأنني خجلت من التقليل من شأن الرجل. وعوض ذلك ذهبت إلى سيارتي وتركتها تفعل ما تريد. وعندما رجعت وجهت لي صفعة مع الصراخ. وهنا فكرت وقلت لنفسي: لا تقدم مرة أخرى على عدم مساندتها”.
“كنت أشعر وكأنني خادمها”
صديقته عللت ثورة غضبها بأنها عاشت طفولة صعبة بدون ظروف حياة مستقرة. وقبل هو هذا التعليل. وعلى هذا النحو ازدادت التبعية مع مرور الأيام “كنت أشعر كأني خادمها الذي يريد دوما إثارة إعجابها في المقام الأول. كان معروفا أي فاكهة هي تريد وكيف يجب أن تكون مقطوفة وكيف وجب عرضها فوق الطاولة.
وإذا لم يحصل ذلك على الوجه الصحيح، تلقيتها فوق رأسي. وكان دائما ذلك الضغط موجودا لأنال رضاها، لأني بذلك أضمن راحتي” . لكنه رغم ذلك لم يثر إعجابها وينال رضاها أو ليس بالقدر المطلوب.
وتوقعات شريكة حياته زادت في حجمها وحتى الإفراط في العنف. وتامي فايسنبيرغ وجب عليه الذهاب إلى المستشفى بسبب كسور في العظام أو جروح. وبالرغم من ذلك هو لا يدافع عن نفسه، ولا يرد الضربة. وظل يأمل طوال سنوات أنها ستلاحظ أن ما تفعله خطأ. “وجب علي دائما العمل وتلبية الطلبات وعدم تكرار الأخطاء. كنت دئما منشغلا، فلم يكن هناك وقت لأشعر أنني وحيد والتفكير في نفسي ووضعي”. وحتى الأمل لتلقي المساعدة تقلص. وصديقته باتت تراقب اتصالاته وعلاقاته الاجتماعية. والناس الذين قد يلاحظون آثار العنف عليه يتفاداهم حتى داخل العائلة.
رجل ضعيف أمر غير وارد اجتماعيا؟
حال فايسنبيرغ حال 26 ألف رجل في المانيا سُجلوا رسميا في غضون سنة كضحايا للعنف المنزلي! فمن يثق في رجل يقول “أتعرض للضرب من قبل زوجتي؟”. لأن الرجل الضعيف الذي هو ضحية قلما هو معروف داخل المجتمع. وهذا ما تؤكده دراسات الباحثة اليزابيت بيتس في بريطانيا، وتقول “في التلفزيون وفي برامج الترفيه يكون العنف ضد الرجال وسيلة فكاهية. ويمكن لنا الضحك على عنف النساء ضد الرجال، ولكن هذا له تبعات. وهناك سلسلة من الأمور التي تمنع الرجال من البحث عن المساعدة. ومنها الخوف من عدم الثقة بهم. والطريقة التي تغطي بها وسائل الاعلام العنف يمكن أن تؤثر على هذا الخوف”.
وبحوث بيتس تكشف أن الرجال بسبب هذا التعامل الاجتماعي لا يشعرون بأنهم ضحية للعنف المنزلي، فيما أن التكاليف للرجال المعنيين عالية “فهم يصفون مشاكل صحية جسدية وعقلية مستمرة كنتيجة لتجربة العنف”. ونطاق تلك التجارب كبير. وفي الغالب يتعلق الأمر بأعمال عنف خفيفة: فواحد من بين ستة رجال في ألمانيا يذكر طبقا لدراسة من وزارة الأسرة من عام 2004 التعرض مرة للدفع من قبل زوجته.
وعشرة في المائة تلقوا صفعة أو تعرضوا للركل أو أن شريكة الحياة ألقت عليه شيئا قد يصيبه بجروح. وفي الغالب ما يتحدث الرجال عن العنف النفسي كأن تقوم شريكة الحياة بسبب الغيرة بقطع العلاقات الاجتماعية. وأن تقوم بمراقبة زوجها وتذله أو تهينه. وفي العلاقات الزوجية يعيش الرجال أقل من النساء حالات العنف الشديد، لكنها لا تبقى حالات متفرقة.
وبالنسبة إلى تامي فايسنبيرغ لم تكن اللكمات أسوأ شيء، فالعنف النفسي كان أقوى “مرة وقفت أمامي وتجردت من برنص الحمام وكانت عارية. ثم بدأت في ضرب نفسها وكانت تصرخ: توقف، أنت تؤديني.
كنت واقفا أمامها وكنت مثل المكبل وسألت نفسي ما الذي سينتج عن هذا؟ وعندما انتهت شريكة حياته من فعلتها لبست من جديد برنص الحمام وسحبت من الجيب جهاز تسجيل صغير. وقالت له “شيء جميل هذا الجهاز الصغير للتسجيل ـ إنه ورقتي الرابحة” وانصرفت.
فهي تهدده بالابتزاز إذا ما كشف عن أعمال العنف التي يعاني منها.
وتامي فايسنبيرغ كان مثل المشلول، ةيصف حالته “لم أقدر على المشي خطوة واحدة. كنت خائفا من فقدان ماء الوجه اجتماعيا والخسران مهنيا وألا ينظر إلي الناس كضحية ، بل كجاني. ومن خلال الخوف يمكن السيطرة على أشخاص وحبسهم”.