عبدالعزيز محسن
قالت ” أودري أزولاي” المديرة العامة لليونسكو في رسالتها في يوم المياه العالمي ، إلى أن إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب تعد حقا من حقوق الإنسان، كما أنها إلى جانب الانتفاع بالمرافق الصحية، عامل يدفع عجلة التنمية إلى الأمام. ومع ذلك، فلا يزال ثلث سكان العالم تقريبًا محرومين من خدمات مياه الشرب التي تدار بطريقة مأمونة، بينما ينتفع خمسا سكان العالم فقط بمرافق صحية تدار بطريقة مأمونة.
وقالت أزولاي: إن موضوع يوم المياه العالمي لهذا العام يتمثل في “عدم تخلف أحد عن الركب”، وهو بمثابة صدى للوعود الجسورة التي قطعتها الأمم المتحدة في خطة التنمية المستدامة، وتتنامي أهمية هذا الطموح الرامي إلى إيصال الخدمات حتى إلى أشد الفئات هشاشة، إذ يطرح تصاعد التدهور البيئي وتغير المناخ والنمو السكاني والتوسع الحضري السريع، وغير ذلك من العوامل، تحديات كبيرة ينبغي مواجهتها لتحقيق الأمن المائي. وأضافت: مع ذلك يمكن للمياه والصرف الصحي أن يسهما إسهامًا كبيرًا في تحقيق مجموعة واسعة من أهداف خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠،بدءًا بالأمن الغذائي وأمن الطاقة وانتهاء بالتنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.
وأضافت إلى أنه بالنظر إلى الآثار الواسعة النطاق التي يحدثها الانتفاع بالمياه، فقد ركز تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية، الذي نشرته اليونسكو بالتعاون مع جميع أفراد أسرة الأمم المتحدة المعنية بالمياه، على موضوع تذليل العقبات التي تحول دون الانتفاع بالمياه، ولا سيما لدى أشد الفئات حرمانًا. مؤكدة التزام اليونسكو بدعم الحكومات في جهودها الرامية إلى تحقيق انتفاع الجميع بالمياه والمرافق الصحية بلا تمييز.
و يحيي العالم يوم بعد، غد الجمعة، اليوم العالمي للمياه لعام 2019، وذلك تحت شعار ” لا تترك أحدا يتخلف عن الركب”، ويهدف الاحتفال إلى تعديل مسألة الوعد الجوهري الوارد في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، حيث يتضمن الهدف الـ 6 من أهداف التنمية المستدامة، غاية تتمثل في ضمان إتاحة المياه للجميع مع حلول عام 2030، وإدارة تلك المياه إدارة مستدامة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 19347 في 22 ديسمبر 1992، وأعلنت بموجبه يوم 22 مارس من كل عام بوصفه اليوم الدولي للمياه، وذلك للاحتفال به ابتداء من عام 1993، وفقا لتوصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية الواردة في الفصل 18 حماية موارد المياه العذبة وامتداداتها من جدول أعمال القرن 21.
ودعت الجمعية العامة في ذلك القرار الدول إلى تكريس هذا اليوم، لأنشطة ملموسة من قبيل زيادة الوعي عن طريق نشر المواد الوثائقية وتوزيعها، وتنظيم مؤتمرات واجتماعات مائدة مستديرة وحلقات دراسية ومعارض بشأن حفظ وتنمية موارد المياه وتنفيذ توصيات جدول أعمال القرن 21.
ويشير تقرير الأمم المتحدة بشأن تنمية المياه في العالم لعام 2018، تحت عنوان ” الحلول المرتكزة على الطبيعة لدعم الموارد المائية ” إلى أنه بسبب تغير المناخ، أصبحت المناطق الرطبة أكثر رطوبة، والمناطق الجافة أكثر جفافا.
وذكر التقرير أنه في الوقت الحالي، يعيش ما يقدر بنحو 3.6 مليار شخص، أي حوالي نصف سكان العالم في مناطق يحتمل أن تكون نادرة المياه على الأقل لمدة شهر واحد في السنة، ويمكن أن يزيد هذا العدد إلى ما بين 4.8 مليار إلى 5.7 مليار بحلول عام 2050.
وركز التقرير على مجموعة من الحلول القائمة على الطبيعة، حيث لا تعتبر المياه بمثابة عنصر منعزل، بل تشكل جزءا لا يتجزأ من عملية طبيعية معقدة تتسم على وجه الخصوص بالتبخر أو هطول الأمطار أو امتصاص الأراضي للمياه، ويشكل الغطاء النباتي عناصر تؤثر على دورة المياه ويمكن التعامل معها لتحسين كميات ونوعية المياه المتوفرة.. ومن بين تلك الحلول على سبيل المثال، إعادة تدوير مياه الأمطار في الصين وتجديد الغابات في الهند، واستخدام الأراضي الرطبة الصناعية في أوكرانيا.
وذكر التقرير أن البنى الأساسية “الخضراء” تستند، مقابل البنى الأساسية “الرمادية”، إلى الهندسة الإيكولوجية، وذلك من خلال الحفاظ على الدور الذي تضطلع به النظم الإيكولوجية، بدلًا من الاعتماد على الهندسة المدنية لتحسين حالة الموارد المائية. وفي المجال الزراعي، وهو الأكثر كثافة من حيث استهلاك المياه تتعدد التطبيقات. ومن الممكن أن تتيح هذه التطبيقات تخفيف الضغط على الأراضي، والحد من التلوث، وتقليل تآكل التربة أو الحاجة إلى المياه عن طريق تطوير نظم للري، على سبيل المثال، تتسم بمزيد من الفعالية والكفاءة.
وفي الوقت نفسه، كشف تقرير مشترك جديد صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” والبنك الدولي، إلي إن ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن يكون إما عاملًا مزعزعًا للاستقرار أو دافعًا يقرب المجتمعات بعضها ببعض، حيث يعتمد الأمر على السياسات المتخذة للتعامل مع هذا التحدي المتنامي.
ويحذر التقرير الذي يحمل عنوان “إدارة المياه في النظم الهشة: بناء الصمود في وجه الصدمات والأزمات الممتدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، من أن عدم الاستقرار المقترن بضعف إدارة المياه يمكن أن يتحول إلى حلقة مفرغة تزيد من تفاقم التوترات الاجتماعية، مع التأكيد أن الإجراءات اللازمة لكسر هذه الحلقة يمكن أن تكون أيضًا عناصر أساسية للتعافي وتعزيز الاستقرار.
ودعا إلى الانتقال من السياسات الحالية التي تركز على زيادة الإمدادات إلى الإدارة طويلة الأجل للموارد المائية. لافتا إلى أن السياسات غير الفعالة تركت كلا من سكان المنطقة ومجتمعاتها المحلية عرضة لآثار ندرة المياه، والتي تفاقمت بسبب تزايد الطلب وتغير المناخ.
ويتركز أكثر من 60 % من سكان المنطقة في أماكن متضررة من إجهاد مائي سطحي مرتفع أو مرتفع جدًا، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ حوالي 35%. وإذا ترك الأمر دون حل، فمن المتوقع أن تتسبب ندرة المياه المرتبطة بالمناخ بخسائر اقتصادية تقدر بـ 6 إلى 14 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي النسبة الأعلى في العالم.
وقال ” اندرز جاغرسكوغ” اختصاصي أول إدارة موارد المياه في البنك الدولي والمؤلف الرئيسي المشارك للتقرير، تتسم ندرة المياه دائمًا ببعدين: الأول محلي، حيث إنها تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات ؛ والثاني إقليمي، حيث تعبر الموارد المائية الحدود. وبالتالي فإن معالجة ندرة المياه توفر فرصة لتمكين المجتمعات المحلية من تعزيز توافقها المحلي حول استراتيجيات التصدي لهذا التحدي، وفي الوقت نفسه تشكل حافزًا لتعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة مشكلة مشتركة”.
التعليقات