الجمعة الموافق 07 - فبراير - 2025م

محمد الباز يكتب الفخ الذى سقطت فيه الـ cbs.. كيف تعاملت مصر مع القناة الأمريكية بهدوء ودبلوماسية؟

محمد الباز يكتب الفخ الذى سقطت فيه الـ cbs.. كيف تعاملت مصر مع القناة الأمريكية بهدوء ودبلوماسية؟

​محمد الباز يكتب الفخ الذى سقطت فيه الـ cbs.. كيف تعاملت مصر مع القناة الأمريكية بهدوء ودبلوماسية؟

 

لم يكن أحدا من المسئولين المصريين حريصا على مثل هذا الحوار، القناة الأمريكية هى التى كانت حريصة على ذلك، فقبل أسابيع كان المسئولون عنها قد تواصلوا مع السفير المصرى فى واشنطن ياسر رضا، وطلبوا منه ترتيب مقابلة مع الرئيس المصرى، تذيعه القناة بمناسبة 50 عاما على إذاعة أولى حلقات برنامج ” 60 دقيقة”، فقد بدأ فى سبتمبر 1968.

كان ما عرضته القناة الأمريكية مقنعا ومغريا فى آن واحد، فالبرنامج يحظى بشهرة عالمية، ثم أنهم يريدون تقديم حوار مهم مع رئيس له ثقله ووزنه وتأثيره، لكن المفاجأة أن الحوار تأخرت إذاعته ما يقرب من أربعة شهور، دون أن تبدى القناة أسبابا مهنية أو حتى سياسية لذلك، فما كان من المسئولين المصريين إلا أن أسقطوه من حساباتهم تماما.

فى 3 يناير 2019، وعبر موقع البرنامج كانت المفاجأة، القناة تنشر تقريرا يتضمن برومو دعائى للمقابلة، مع عنوان حرصت أن يكون مثيرا وتشويقيا وتسويقيا فى آن واحد، ” المقابلة التى لم ترغب الحكومة لمصرية فى إذاعتها”.

دفع العنوان كل قرون الاستشعار لدى الجميع لترقب الحوار الذى أعلنت القناة أنها ستذيعه فى 6 يناير، وحتى تضمن أكبر مشاهدة له، فقد ألقت فى طريق المنتظرين عبارات للرئيس من الحوار بين علامات تنصيص، عن التعاون مع إسرائيل فى حربها ضد الإرهاب، ثم أغلقت التنصيص وتثبت وجهة نظرها وهى أن الحكومة المصرية سمحت لسلاح الطيران الإسرائيلى بتوجيه ضربات للإرهابيين فى سيناء.

لم ينتبه المغرضون أن حكاية السلاح الجوى الإسرائيلى تخص القناة وليست كلام الرئيس، أو أنهم تعمدوا ألا ينتبهوا، وبدأ الترويج كذبا إلى أن الرئيس قال فى الحوار ما لا يجب أن يقوله، ولذلك تحاصره الحكومة المصرية ولا ترغب فى إذاعته.

سألت مسئولا مصريا مهما مطلعا على ما يجرى، فسخر مما يقال تماما، قال: انتظروا الحوار ولا داعى للقلق، رفض تماما أن يدافع محتجا بأن مصر ليست متهمة بشئ حتى نقف فى خانة الدفاع.

قلت للمسئول الكبير بعد أن بدأت القناة تشعل النار أكثر، وتذيع موادا فيليمة تشويقية بالحديث عن كواليس الحوار: لكن القناة تقول أن السفير المصرى فى واشنطن طلب منها عدم إذاعة الحوار، وأن هذا تدخل مصرى سياسى فى عمل إعلامى، وهذا مرفوض تماما من ناحيتها.

زادت سخرية المسئول المصرى الكبير مما قيل، وقال: إذا كانت القناة هى التى لجأت إلى السفير المصرى فى واشنطن، لتنسيق المقابلة، فكيف تدعى بعد أن طلب منها عدم إذاعة الحوار أن هذا تدخل سياسى، هذا كلام ساذج.

كان لدى المسئول الكبير وجهة نظر أخرى، قال: حاولنا بالفعل عدم إذاعة الحوار لأسباب أبعد ما تكون عن مساحة التدخل فيما بين السياسى والإعلامى، فقد رأينا أنه ليس من اللائق أن تسجل القناة حوارا مع رئيس الجمهورية وتتأخر إذاعته لما يقرب من أربعة شهور، فهذا لا يليق على الإطلاق، خاصة أنهم لم يقدموا سببا مقنعا للتأخير، ثم من ناحية ثانية هم لم يلتزموا بمقتضيات المهنة، حيث استعانوا بخصوم سياسيين نضعهم فى دائرة العمل الإرهابى للتعليق على كلام الرئيس، وهوما لم يحدث فى البرنامج طوال تاريخه، بما أكد أن هناك أهداف أخرى من إذاعته، ولا تنس أن القناة حاولت استغلال الحوار من خلال البرومو الدعائى وما نشرته من مقتطفات منه والدفع ببعض كواليسه لجذب أكبر نسبة مشاهدة، وقد فعلت هذا بشكل رخيص تماما، وليس مناسبا استغلال الرئيس فى الدعاية لعملها بهذا الشكل.

طلبت من المسئول الكبير نشر هذه الرؤية الواضحة، لكنه طلب منى أن أؤجل النشر لما بعد إذاعة الحوار، حتى لا يقال أننا نصادر على شئ، وليحكم الناس بأنفسهم على ما يشاهدونه.

كان استغلال ما تردد عن الحوار يزداد عنفا، فأفرجت عن بعض ما لدينا، فنشرت على موقع ” الدستور” إشارات لما جرى، كان هذا فى الساعة الثالثة مساء الأحد 6 يناير، أى قبل إذاعة الحوار بما يقرب من 11 ساعة عبر القناة الأمريكية.

جاء فى التقرير الذى انفردنا بنشره على الصفحة الأولى صباح الآثنين فى الصفحة الأولى بجريدة ” الدستور” أن مصادر مطلعة نفت أن يكون الرئيس عبد الفتاح السيسى أدلى بتصريح، خلال حوار له مع شبكة cbs الإخبارية الأمريكية، بشأن السماح لسلاح الجو الإسرائيلى بالتدخل ضد مقاتلى تنظيم داعش الإرهابى فى سيناء، وقد عادت الدستور إلى البرومو الدعائى الذى نشرته الشبكة الأمريكية عن الحوار، حيث تبين أن هذه الجملة الخاصة بالضربات الإسرائيلية المزعومة وردت فى تقرير عن المقابلة، وليست على لسان الرئيس.

كان مذيع القناة بيللى سكوت قد سأل الرئيس حول ما إذا كان التعاون مع إسرائيل هو الأقرب بين عدوين كانا فى حالة حرب فى وقت من الأوقات، فأجاب: هذا صحيح. لدينا مجال واسع من التعاون مع الإسرائيليين.

كانت منصات الإعلام المعادى قد استغلت التسريبات التى أحاطت بالحوار لشن أكبر عملية تشويه للرئيس عبد الفتاح السيسى، بل وضعوا على لسانه ما يمكن اعتباره إفكا كاملا، بل استغلوا صورة للرئيس مأخوذة من البرومو استغلال سيئا للإيحاء بأن الرئيس كان فى ورطة، وهو ما لم يحدث من الأساس.
كان الرئيس فى حواره رغم الأسئلة الاستفزارزية ثابتا، مواجها وكاشفا ما أراد المذيع الأمريكى أن ينصبه من أفخاخ.

ليس عليك إلا أن تراجع الأسئلة التى وجهها ” بيللى سكوت” إلى الرئيس السيسى، لتعرف أن الحوار كان مغرضا من الأساس، فرغم أن إجراءه تم فى سبتمبر 2018 إلا أن الأسئلة كلها تدور فى فلك أحداث ما بعد ثورة 30 يونيو 2013، ومع ذلك لم يتعال عليه السيسى بل تجاوب ووضح ما لديه.

لم يكن “بيللى سكوت” مذيع ال cbs محترفا بما يكفى، ولا أستبعد أن يكون مدفوعا أو مضللا على أقل تقدير، خاصة أنه استعان بمصادر إخوانية إرهابية ليرد على ما ما ذكره الرئيس فى سلوك مهنى غير لائق بالمرة، ومع ذلك فإن ما قاله السيسى أنهى تماما أسطورة أن تكون القناة الأمريكية أحرجته أو صنعت له فخا، وهو ما يبدو بوضوح فى مجريات الحوار بعيدا عن حالة الهستيريا التى مارسها أذناب الإخوان ممن استعانت بهم القناة الأمريكية.

لقد كشف الرئيس عبد الفتاح السيسى هزال المذيع الأمريكى تماما.

قال له سكوت: سيدى الرئيس لقد تحدثت إلى عدد من مواطنيك الذين يرفضون الاتصال بك يا سيادة الرئيس لأنهم يقولون إنك ديكتاتور عسكرى، فرد السيسى: لا أعرف مع من تحدثت معه، لكن 30 مليون مصرى خرجوا إلى الشوارع لرفض النظام الحاكم فى ذلك الوقت، كان لابد من الاستجابة لإرادتهم، ثانيا إن صون السلام بعد هذه الفترة يتطلب بعض التدابير الأمنية.

وعندما قال له سكوت: هل أعطيت أمرا؟، رد السيسى: اسمح لى أن أطرح عليك سؤالا. هل تتابع عن كثب الوضع فى مصر؟ من أين تحصل على معلوماتك؟ كان هناك آلاف المسلحين فى الاعتصام لأكثر من 40 يوما، حاولنا بكل الوسائل السليمة تفريقهم.

بعفوية شديدة كشف عبد الفتاح السيسى المصادر التى يعتمد عليها مذيع القناة الأمريكية فى الحصول على معلوماته، لم يكن موضوعيا، ولا كان مهنيا ولا دقيقا، ولا يعرف ما يحدث فى مصر على الأرض، بل يكتفى بأن يسمع لجهة واحدة، وهى الجهة التى ثار عليها المصريون وقرروا طردهم من مصر، وعليه فهو لا يستحق عناء الرد عليه، ومع ذلك وضع الرئيس أمامه الحقيقة.

قال له سكوت: أصدرت هيومن رايتس وتش تقريرا، ربما تكون قد رأيته، تصف رابعة وتقول، وأقتبس: باستخدام ناقلات الجند المدرعة والجرافات والقوات البرية والقناصة، هاجم رجال الشرطة والجيش معكسر الاعتصام مع مئات قتلوا بإطلاق الرصاص على رؤوسهم ورقابهم”، هل كان ذلك ضروريا لسلام واستقرار مصر؟

فرد الرئيس بحقيقة ما جرى على الأرض، قال له: أنت تطلق على تقرير هيومن رايتس وتش أنه بيان سليم، وهذا غير صحيح، كان هناك أفراد من الشرطة وكانوا يحاولون فتح ممرات سلمية لكى يذهب الناس بأمان إلى منازلهم.

ما حدث فى شأن رابعة، حدث مرة أخرى بشأن السجناء، قال سكوت: هل لديك فكرة عن عدد السجناء السياسيين الذين تحتجزهم؟ ورغم أن السؤال كان مغرضا وغير دقيق أو مهنى، إلا أن السيسى رد عليه بقوله: ليس لدينا سجناء سياسيين ولا سجناء رأى، نحن نحاول الوقوف ضد المتطرفين الذين يفرضون أيديولوجيتهم على الناس، الآن هم يخضعون لمحاكمة عادلة، وقد يستغرق الأمر سنوات، لكن علينا اتباع القانون.

عاد سكوت مرة أخرى ليمارس تضليله، قال: السيد الرئيس منظمة هيومن رايتس ووتش تقول أن هناك 60 ألف سجين سياسى تحتجزهم اليوم ونحن نجلس هنا؟

رد السيسى بقوله: لا أعرف من أين حصلوا على هذا الرقم، قلت لا يوجد سجناء سياسيون فى مصر، كلما كانت هناك أقلية تحاول فرض عقيدتها المتطرفة، علينا أن نتدخل بغض النظر عن أرقامهم.

حاول من أرادوا التسويق السياسى السلبى للحوار أن يستخدموا سلاح السماح للطيران الإسرائيلى بتوجيه ضربات فى سيناء للإرهابيين، إلا أن ما قاله السيسى فى حواره ارتد فى صدورهم، فقد
قال نصا: فى بعض الأحيان يحتاج سلاح الجو إلى العبور إلى الجانب الإسرائيلى، ولهذا السبب لدينا مجموعة واسعة من التنسيق مع الإسرائيليين، ولا أعرف ما هو موقف هؤلاء الذين روجوا إلى العكس، فما يجرى فعليا أن الطيران المصرى هو الذى يدخل إسرائيل.

المحطة الأخيرة استخدم فيها بيللى سكوت ما يردده خصوم النظام من أن مصر وطوال 6 سنوات لم تقض على الإرهاب، ورغم أن ما يقوله المذيع الأمريكى ليس صحيحا تماما، إلا أن الرئيس أنهى الأمر بذكاء عندما قال له: ولماذا لم تقم الولايات المتحدة بدحر الإرهابيين فى أفغانستان بعد 17 سنة وإنفاق تريليون دولار؟

لقد تعاملت الإدارة المصرية مع الفخ الذى نصبته القناة الأمريكية بذكاء شديد، بداية من عدم الرد الرسمى على ما تم تسريبه، ثم أن أداء الرئيس نفسه فى الحوار كان كافيا جدا، فمصر تتحرك فى الأوساط الدولية بإحساس الثقة الكاملة فيما تفعله، ليس على رأسنا بطحة نتحسسها.

كل ما فى الأمر أنهم أرادوا أن يربحوا جولة فى الحرب النفسية والإعلامية ضد مصر، واستخدموا مذيع أمريكى استخداما كاملا، ولا أعرف هل حصل على الثمن، أم ضللوه واعتقد هو أنهم يمكن أن يكون ندا لرئيس دولة كبيرة مثل مصر. لكن ما أعرفه أنه خرج من هذه الجولة خاسرا تماما. وهو ما أصاب قناته أيضا.

 التعليقات

  1. يقول abdul Razek:

    محمد الباز هذا كاتب مرتزق حقير

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79659774
تصميم وتطوير