Site icon جريدة البيان

مثقف يتهاوي


مثقف يتهاوي

 

 

بقلم الدكتور/على يوسف

 

 

لي صديق فيلسوف وشاعر كبير كنت في زيارة له منذ مدة ليست بعيدة،قال لي هيا يا علي نجهز لحناً جنائزياً تترنم فيه الجوقة بخيبتنا وإنسحاقنا نحن المثقفون علينا أن ننتحر بثقافتنا او تنتحر بِنَا،قلت ولماذا كل هذا السواد ياسيدي ؟

قال اولاً الحكام يريدون من المثقفين أن نوظف ثقافتنا من أجل مباركة قراراتهم ومواقفهم دون أي هامش من حرية تقييم أو إرشاد.

 

 

ثانياً الشعب هو الآخر يقف لنا بالمرصاد إذ أن أساس ثقافتنا هو التنوير وإحداث ثورة ضد المفاهيم الدينية الخاطئة والاجتماعية التي تكرس للجمود والضياع.

 

 

ثالثاً أصبحنا ذبائن دائمين للسجون والزنازين كأننا إرهابيين أو قطاع طرق .

 

إما أن نخرج من تلك القرية الظالم أهلها و إما السجن والهوان وقلة القيمة يصدق علينا قول جبران

هو ذَا الصبحُ فقومي ننصرف
عن بلادٍ ما لنا فيها صديق
ما عسي يرجو نباتٌ يختلف
زهره عن كل وردٍ وشقيق
وجديد القلب أنّى يأتلف
معْ قلوبٍ كل ما فيها عتيق

 

قلت له أنت تهزي ياسيدي ولا تنظر للشاطئ الآخر للنهر
لماذا كانت دعوة الأنبياء الم تكن للثورة علي المفاهيم الدينية والاجتماعية البالية ،الم تنجح نجاحاً منقطع النظير،زعماء الإصلاح والفكر في كل الدنيا الم يقودوا شعوبهم للعدل والحريّة والكرامة الم ينجحوا في معظم بلدان العالم،الحرية والديموقراطية الحقة الم تعد ديدن وضمير سامي وسامق ليس للبلاد الغربية فقط الم يعد ينعم بها بلاد في مجاهل آسيا وإفريقيا.

 

حركة تحرير العبيد كم عاني فيها المصلحون ولكن الم تنجح الآن ،وهل تجد عبداً واحداً في العالم؟

 

أنت تتحدث أثناء المعركة ولا تتحدث بعد إنتهائها حيث سيسجل التاريخ تقييمه العادل والشريف والمشرف بإذن الله
عيبكم أيها المثقفون أنكم لا تريدون أن تقودوا الناس للحرية وإنما تريدون أن يقود الناس الحرية إليكم.

 

كثير من الفلاسفة ماتوا وهم أحياء حين باركوا للدكتاتورية هايدجر فيلسوف ألمانيا الأشهر الم يمت نهائياً بعد مباركته لنهج هتلروعاش بعدها في عداد الاهمال والنسيان.

مشاعل الحرية خلقت لتحملوها أنتم فإن تقاعستم علي حملها فالتحملوا مشاعل العار والشنار والتراجع والإنسحاق.

 

قال محمود درويش

رسموا علي الجدرانِ صورة قاتلي
فنمي علي الجدرانِ نبعُ سنابلي

Exit mobile version