السبت الموافق 26 - أبريل - 2025م

مبيدات بير السلم.. سرطان الزراعة المصرية

مبيدات بير السلم.. سرطان الزراعة المصرية

• الدكتور حازم سرحان : المبيدات الزراعية يجب أن تعامل معاملة الأدوية البشرية

• الدكتورة مشيرة الشامي : العودة للطبيعة أولوية قصوي .. معدلات التلوث فاقت الحدود

• الدكتور محمد علي فهيم : إذا كانت الدولة جادة في مكافحة السرطان فلتغلق “حنفية” المبيدات

• المهندس محمود ناصف : مطلوب آلية جديدة للقضاء علي التهريب والغش التجاري

• الدكتور سعيد حلمي السعيد مصطفي : الأجنة والحوامل أكثر عرضة للخلل الوراثي وأمراض القلب

• الفلاحون : الإكتفاء باتهام الفلاح بالجهل فهو الجهل بعينه .. وأين الإرشاد الزراعي؟

كتبت / بوسي جاد الكريم

 

 

خلق الله تعالي، البيئة متوازنة بطبيعتها علي شكل منظومة متناغمة فلكل آفة العدو الطبيعي الحيوي الذي يتغذي عليها تحقيقا لمبدأ التكافل والتعايش وحفاظا علي استدامة الموارد وتجددها وبمرور الوقت وتحت زعم الوهم بـ” زيادة الإنتاج ” أصبح التدخل البشري في تشكيل البيئة ومواردها مخيفا بل مرعبا..

 

 

 

ويعد قطاع الزراعة أحد أبرز صور التدخل البشري ” المخل ” بتوازن البيئة الطبيعي وارتكاب الجرائم بحق الماء والهواء والتربة والنبات وبدلا من الإرتقاء بإنتاج الغذاء كما ونوعا فإن نوعية الغذاء أخذت في الإنحدار بسبب تلك الفوضي التي أصبحت تعصف بصحة البشر عبر إنتاج ” المبيدات “…
فهل المبيدات تمثل خيرا محضا كما يقول المتحمسون لها؟
أم أنها تمثل شرا محضا كما يؤكد المناهضون لها؟
أم أننا علي أعتاب كارثة محققة لأننا وقعنا في براثن مافيا تجار وصناع المبيدات المغشوشة والمقلدة؟!!

 

 

 

• المبيد دواء النبات

 

 

في البداية ، يجيب الدكتور حازم سرحان أستاذ المحاصيل السكرية بمعهد بحوث البساتين قائلا: إن المبيدات الزراعية يجب أن تعامل معاملة الأدوية البشرية من حيث التسعير ووضوح البيانات بالكامل حيث إن الأسعار تخضع لأهواء كل تاجر والمثير أن الوزارة تمنح خريجي دبلومات الزراعة لقب ” مهندس زراعي ” لمجرد مرور مدة معينة علي تاريخ حصوله علي مؤهله المتوسط وكأن مجرد مضي مدة علي حصوله علي المؤهل يعتبر خبرة إضافية له ولو كانت تلك المدة التي مرت علي الخريج قد مرت عليه وهو يجلس في الشارع!

 

 

كيف يسمح بتداول تلك المبيدات – وهي تعد سموما إن أسيء استغلالها – عبر سلسلة من البشر الذين يفتقدون لأبسط المعلومات عن ماهية المبيد فضلا عن طريقة استخدامه؟!!!

 

 

• مبيدات ” بير السلم ” !

 

 

من جانبها، تضيف الدكتورة مشيرة الشامي الأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية ورئيس قسم التكثيف المحصولي بمحطة سخا أن أضرار المبيد علي التربة والنبات والإنسان وموارد البيئة كافة فما بالنا بالمبيدات المغشوشة ومصانع (بير السلم)!؟

 

 

 

 

وتواصل تساؤلاتها المريرة؛
كيف نتسامح مع قتل الكائنات النافعة في التربة والهواء نتيجة الإسراف في استخدام المبيدات؟
كيف نرجو الخير من منظومة زراعية ضعيفة مهترئة يسيطر الجهل ونقص العلم علي عناصرها؟
أين دور الإرشاد الزراعي في توعية الفلاح الذي يقوم بالرش وهو يجهل الحد الحرج والحد الإقتصادي للإصابة بالٱفات؟

كيف نأمن علي مزارع يقوم برش المبيدات الفطرية والحشرية بينما يقوم بالتدخين والأكل والشرب وهو لا يعلم أنه يتجرع سموما قاتلة؟

 

وفي ختام مداخلتها طالبت “الشامي” بالعودة للطبيعة لأن معدلات التلوث فاقت الحدود ووزارة الزراعة لا تقوم بالدور المنوط بها القيام به.

 

 

 

• حتي السودان !

 

 

كما فجر الدكتور محمد علي فهيم أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية قنبلة بقوله إن سوق المبيدات المهربة والمغشوشة يمثل ثلثي 2/3 حجم المبيدات الزراعية المتداولة داخل السوق المصرية مما كان له الأثر السيئ في رفض معظم صادراتنا الزراعية حتي إلي دولة السودان وليس دول أوروبا علما بأن حجم الصادرات الزراعية لا يتعدي 5% من حجم إنتاجنا الزراعي..

 

 

 

وأضاف فهيم أن الفوضي والعشوائية هما عنوان سوق المبيدات المصرية إذ كيف يتم السماح بتداولها دون ضابط أو رابط؟ ولماذا لا يتم تكويد ( تفعيل الباركود) لكل مبيد ويلصق علي كل عبوة بياناتها كاملة ويكون لكل منها ” باركود ” يمكن اكتشافه بسهولة من خلال رجال التفتيش والرقابة وعمل نظام صارم يحقق تحديد مكان كل مبيد منذ لحظة إنتاجه مرورا بتداوله ووصوله إلي ” رف الموزع ” وحتي استخدامه الآمن عن طريق الفلاح ثم أضاف فهيم أن الموسم الزراعي المنقضي كان موسما فاضحا بكل المقاييس لأن التقلبات المناخية الحادة التي كانت مصر في القلب منها نتج عنها أجيال من الفطريات والحشرات التي أصبحت أكثر شراسة في مقاومة المبيدات الأصلية فما بالنا بتلك المصنعة من مواد فعالة ومواد حاملة رديئة؟؟

 

 

 

وعن الحل فقد أكد “فهيم” أن الآلية التي تنتهجها وزارة الزراعة لتعقب تجار السموم لم تعد تجدي نفعا لأنها تشبه ” ذر الرماد ” في العيون ولا بد من الإعتماد علي أوائل الخريجين في تشكيل لجان مبيدات علي أعلي مستوي يمكن من خلال كوادرها المدربة تقييم أثر كل مبيد وكل مادة فعالة جديدة من الإسكندرية حتي أسوان وعلي أرض الواقع وليس من خلال المكاتب المكيفة لأن التقلبات المناخية الحادة جعلت من الأمراض الثانوية أمراضا أساسية في المحاصيل ولابد أن نقبل التحدي وأن نكون علي قدر الحدث.

 

 

وإذا كانت الدولة جادة في مكافحة السرطان فلتسارع في إغلاق ” الحنفية ” التي تسهم في انتشاره عبر فوضي استخدام وتصنيع واستيراد المبيدات.

 

 

 

• مافيا التهريب

 

 

المهندس محمود ناصف مدير مبيعات قطاع شرق الدلتا بإحدي شركات إنتاج وتوزيع المبيدات والأسمدة يري أن تسجيل المبيد يستغرق ثلاث سنوات ويتم تجريبه في 26 محافظة وبعد أن تتم الموافقة عليه يوصي باستخدامه ولكن مافيا التهريب تقوم باستيراد مواد فعالة ومذيبات ” مواد حاملة ” رديئة ومليئة بالشوائب مما يسبب أمراضا سرطانية فتاكة !

 

 

وطالب الدولة أن تقوم بتسهيل تسجيل المبيدات خاصة لتلك المبيدات التي أقرها ووافق علي تسجيلها الإتحاد الأوروبي حتي تحد الدولة من ظاهرة التهريب ومحاولة التصنيع داخل أماكن غير مرخصة وغير معلومة للجهات الرقابية وعلي وزارة الزراعة أن تقوم بإعداد كوادر محترمة لديها العلم والدراية بماهية المبيدات ومكوناتها أما الضعف الحاد والقصور المعلوماتي لدي القائمين علي الرقابة علي الأسواق – ومنهم ذوي نفوس ضعيفة – فلا يفيد إلا المهربين وتجار السموم..

 

 

 

أضاف “ناصف” أن المزارع العادي لا يعرف فترة الأمان لكل مبيد ولا يجيد قراءة بيانات بطاقة الإستدلال الخاصة بكل مبيد مما يزيد من متبقيات المبيدات داخل الثمار ويزيد من تعرض صحة المواطنين للخطر الشديد ولا يخفي علي أحد أن سوق المبيدات لا يخلو من مبيدات معروفة بالإسم تسبب السرطان.

 

 

وفي الآونة الأخيرة بدأت بعض الشركات الوطنية في إنتاج واستخراج مواد فعالة داخل مصر مما يوفر مزيدا من العملة الأجنبية المهدرة في الإستيراد.

 

 

 

وعلي وزارتي الزراعة والداخلية أن تتضافر جهودهما وأن يضعا آلية جديدة للقضاء علي التهريب والغش التجاري الذي يضيع علي الدولة مبالغ طائلة من الضرائب والجمارك.

 

 

• تسميم الأجنة الحوامل

 

 

الدكتور سعيد حلمي السعيد مصطفي إستشاري طب الأطفال وحديثي الولادة وزميل مستشفي الأطفال الجامعي بالمنصورة كشف أن تناول الحوامل والمرضعات للأغذية الملوثة بالمبيدات الكيمائية يؤدي إلي خلل وراثي في الأجنة والإصابة بأمراض القلب الوراثية.

 

وبالنسبة للأم التي تقوم بالرضاعة فإن تلوث غذائها كفيل بإصابة الرضيع بنقص معدلات النمو العقلي والجسمي وانخفاض معدلات الذكاء.

وشدد علي أن الجهات المعنية مطالبة بأن تسارع في مواجهة هذه المشكلة الخطيرة.

 

 

• أين دور الإرشاد الزراعي؟

 

 

علي صعيد العاملين في مهنة الزراعة ، ذكر الحاج ممدوح عبد العظيم – مزارع – أنه بدلا من اتهام الفلاح بالجهل وعدم درايته بقواعد خلط المبيدات ونسب الرش فلماذا لا يعود دور الإرشاد عبر مهندسين متخصصين بحسب كل منطقة ولا يكونون مجرد أكاديميين بل يستطيعون تقديم النصح الصادق والمعلومة الصحيحة للفلاح وأن تقوم وزارة الزراعة بإلزام كل الشركات بتقديم نشرة وافية مع كل مبيد ونسب تخفيفه وطريقة رشه ؟

 

 

وواصل غاضبا؛ “الإكتفاء باتهام الفلاح بالجهل فهو الجهل بعينه“.

 

 

 

وأوضح “مجد عطيه مجد” – مزارع – أنه يجد صعوبة شديدة في التمييز بين المبيد الأصلي والمبيد المغشوش وأنه كرجل لا يجيد القراءة والكتابة يضطر للإعتماد علي تاجر المبيدات في تشخيص وعلاج الأمراض وللأسف فإن التاجر لا يبحث إلا عن مصلحته الشخصية وإن تصادمت مع مصلحة المجتمع بأسره.

 

 

وطالب بتشديد الرقابة علي التجار ومنافذ البيع حتي يضمن الفلاح سلامة كل البضاعة المعروضة داخل المحلات وعدم تعرض الفلاح للغش والتضليل.

 

 

• إضاءات

 

جدير بالذكر أن حجم المبيدات المغشوشة داخل مصر يصل لـ 17 % ، وبحسب دراسة صادرة عن وزارة الزراعة، فإن عدد المركبات المسجلة في مصر، بناء على الاسم العام 205 مبيدات، و573 مستحضرًا تجاريًا، وتعد المبيدات الحشرية ذات السمية الحادة الأعلى تسود في الدول النامية، بينما تسود مبيدات الحشائش في الدول المتقدمة، وتصل كمية المبيدات الرواكد في قارة أفريقيا 100 ألف طن تصل تكلفة التخلص منها 500 مليون دولار.

 

تمثل مبيدات الحشائش تمثل 48٪ من الاستهلاك العالمي، يليها المبيدات الحشرية 25٪، يليها المبيدات الفطرية 24%.

 

ويعتبر معهد إيكاما الصيني هو الجهة الوحيدة المانحة لشهادة التسجيل، التي تعبر عن جودة وأمان المبيد، وتعتبر الهند أكبر دولة مصدرة للمبيدات إلى مصر بكمية تبلغ 1600 طن، تليها الصين 900 طن، ثم ألمانيا 880 طنًا، وبلجيكا 700 طن. وتستورد مصر المبيدات من 27 دولة، وتصل حالات التسمم بالمبيدات في الدول النامية إلى 13 ضعف الدول المتقدمة، والتي تستهلك 85٪ من الإنتاج العالمي.

 

 

ويرجع ارتفاع حالات التسمم الحاد بالدول النامية ومنها مصر، إلى ضعف نظم الرقابة والنقص في التدريب والوعي وانخفاض مستوى أدوات الحماية الشخصية، بالإضافة إلى قصور التشريعات.

 

 

أما المحافظات التي سجلت أعلى نسبة في الإصابة بمتبقيات المبيدات على زراعتها، فهي الإسكندرية والبحيرة والقاهرة والجيزة، اللاتي سجلت أعلى معدلات في تلوث الزراعات بالمبيدات ومتبقياتها.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81297250
تصميم وتطوير