Site icon جريدة البيان

مات الملك … عاش الملك

 

بقلم / الشيخ عصام البوهلالة

عند موت المعتصم العباسي واستلام خليفته السلطة قال فيهم الشاعر دعبل الخزاعي :
الحمد لله لا صبر ولا جلد ولا عزاء اذا أهل البلاد رقدوا :
خليفة مات لم يحزن له أحد :
وآخر قام لم يفرح به أحد .
أخيرا وبعد طول انتظار تم تسليم مقاليد السلطة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته «المبخوت» مصطفى الكاظمي واعضاء حكومته ومستشاريه سيئي الذكر ، إلى رئيس الحكومة الجديد محمد السوداني المدعوم من جهات إقليمية ! .
يتذكر العراقيون جيداً كيف بدأت حكومة الكاظمي أيامها الأولى وسنذكرها لاحقاً ، بماذا يبادرنا رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ؟ .
لقد بدأ الكاظمي مرحلته ب (الو : عماد) ومسرحيته المضحكة ، إلى تقديم برنامج حكومته الشهيرة «بالورقة البيضاء» ، وإرسال قوات مكافحة الإرهاب عند منافذ الحدود بحجة السيطرة على التهريب دون جدوى ، في حين أن المنافذ الشمالية الرسمية مفتوحة على مصراعيها دون حسيب أو رقيب ، إضافة إلى المنافذ غير الرسمية المنتشرة في تلك المناطق والتي يتجاوز اعدادها أضعاف ذلك ، اما نكبة تخفيض قيمة العملة الوطنية أمام الدولار التي أضرت السواد الأعظم من الشعب واستفاد منها مصاصي دماء العراقيين وهي كارثة حقيقية ، كذلك الاتفاقيات الوهمية المتعددة ، ومنها شراء الكهرباء من دول تعاني عجزا داخلياً حقيقياً في إنتاج الطاقة الكهربائية ، ومشاريع أخرى غير مجدية إقتصاديا ساهمت بتبديد ثروات البلاد ، الى تدهور الخدمات العامة ومستوى التعليم والصحة وحرق المستشفيات وفساد العقود والمشاريع الاستثمارية ، وبيع المناصب الوظيفية ودرجات التعيين والمراكز الأمنية ، وبيع الدولار في مزاد العملة بشكل فوضوي لم يسبق له مثيل في جميع الحكومات التي مرت على العراق بعد عام 2003 ، اما بروبكاندا الاستعراضات الوهمية ومنها استهداف منزله فقد كانت واضحة للعيان لدى الرأي العام الداخلي والخارجي وسيئة في إخراجها ، وسلط اراذل القوم على رقاب الناس وقتل شباب المتظاهرين ، إلى الوعود الكاذبة بالكشف عن المجرمين الذين استهدفوا الشخصيات العراقية البارزة ومنهم على سبيل المثال هشام الهاشمي وغيره .
أما موضوع منح الأراضي الزراعية لمجموعة من المتنفذين وبمساعدة المتملق وزير زراعته وأذرعه الإخطبوطية في الوزارة والتلاعب بملفات وعقود الأراضي وأكذوبة السلة الغذائية الكاملة ، وتسليم الأموال العامة دون وجه حق للقيادات الانفصالية الكوردية شمال العراق ، وانبطاحه بتسليم القرار السيادي لهم ، بالإضافة إلى تردي الملف الأمني الداخلي بشكل خطير وزيادة خلق الفتن والفوضى داخل المجتمع العراقي من خلال مستشاريه السيئين ومدير مكتبه حتى أنهم باعوا العراق بالتفصيخ العلني ، وختمها بفضيحة القرن المالية ، وهذه كلها جرائم كبرى لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم وتحتاج إلى وقفة حازمة لإحالة المتورطين إلى القضاء وانزال العقوبات المشددة بحقهم .
وقد رافق هذه المرحلة زيادة في ضحالة الدبلوماسية العراقية خارجيا ، وخاصة لقاءاته الدولية منذ تسنمه رئاسة الوزراء وزيارته الشهيرة إلى تركيا التي خرجت عن التقاليد والأعراف الدبلوماسية حيث الرقص والطرب ، إلى آخر زيارته الخارجية وكانت لواشنطن التي امتازت بالسرية لأستلام التعليمات الأخيرة من الامريكان ، حيث لم يتم استقباله فيها لأكثر من ثلاثة دقائق وأمروه بالعودة وتسليم السلطة .
هذا غيض من فيض ، وهي مقتطفات لمرحلة من الفساد والخراب والتخريب ، وكل ملف فيها يحتاج إلى كوادر متخصصة ومتمرسة للتحقيق في هذه الملفات وإعادة الأمور إلى نصابها ، ولم نجد أي إيجابية تذكر في مرحلة حكمه ، فقد تسلق على أكتاف المتظاهرين والدماء الزكية التي أريقت مطالبين بالإصلاح الحكومي وكانت النتيجة تراكم جرائمه .
وبعد مخاض عسير جاء خليفته محمد شياع السوداني ، هذا الرجل ليس لنا معه خلافا ، كما أنه ليس من سياسيي جيلنا ، وكنا نتمنى أن يخرج علينا بحكومة تعيد للناس بصيصا من الأمل بعد أن فقدت الثقة بالجميع ، لكن ما حصل من مزادات علنية لمجموعة مناصب وزارية خلال تشكيل حكومته ، جعلت الرأي العام مشمئزا منها لأنها حكومة محاصصة بامتياز بعد تلك الخسائر والتضحيات ، وهذه لن تكون حكومة {إنجاز} كما وعد ، بل هي حكومة ترقيع وتسيير أعمال وتصفية حسابات بين الخصوم جميعا ، مما يدفع البلاد نحو الهاوية ، والغريب ان هنالك مجموعة من المتفائلين يطالبون ( لنعطي فرصة ونجرب ) كما هو الحال في كل مرحلة ، وفي النهاية يرحل الحاكم وأعضاء حكومته ومستشاريه ومعهم المال الوفير دون حساب ، ويبقى الخاسر الأكبر هو الشعب العراقي

 

 

Exit mobile version