بقلم/محمد حسان
منذ قديم الزمان والمواطن العربي يحلم بحاكم قوي يحترم شعبه ويقتنص أي فرصه لإسعاده والزود عنه وتحقيق رغباته ، ليس فوق القانون ، يُحاسب ويُحاكم ، ويُعاقب ويُقتص منه لو أخطأ وظلم ، يأخذ الحق من الظالم للمظلوم ومن القوي للضعيف ، لا يعرف النوم مادام في شعبه جائع وبين رعيته فقير .
ولكني أقول لنفسي هذه المفاهيم أصبحت مثالية أكثر من اللازم وبالفعل هي أحلام ، ليس لها وجودٌ على أرض الواقع ولا بين البشر ، فهذه مفاهيم لا تعرفها بعض الحكومات ولا الأنظمة الديكتاتورية ولا تؤمن بها أصلا ولا بمبادئها وتعتبرها أعمالا بلهاء ومن آمن بها فهو سفيه والعاقل هو من ضرب بها عرض الحائط ، فزماننا لا يحفظ سوى أسماء الأقوياء الذين يضربون بيد من حديد ويدوسون على الضعيف ، فلا يُحترم ضابط ضعيف ولكن يُعمل ألف حساب للضابط الشديد الظالم الديكتاتور فتجد اسمه في لحظه وصل للكبار فيتقلد على الفور المناصب الكبيرة رغما عن أنف أقرانه ممن هم أكفأ منه ولكنهم لايبطشون بالغير وكلنا يدور في هذا الفلك ويلمسه بنفسه في عمله ومن حوله .
بعض الحكومات لا تؤمن بالنظريات الحديثة في الحكم ، ولا بما يسمى بالإدارة المعاصرة، ولا تعرف أفكار ابن خلدون الإنسانية، ولا مبادئ نيلسون السياسية، ولا تؤمن بحريات المواطنين، فلا حرمة لحقوقهم ولا حصانة لممتلكاتهم، بل كل ما لهم مستباح، وما عندهم مشاع، تملكه الحكومات غصباً، وتصادره ظلماً، وأنهار عذاب لكل من تمرد، أو شكا وتذمر.
في بلاد العرب لا مكان في الحكم للعقلاء ، ولا الشرفاء، فهؤلاء جميعاً رفقاء اللين والضعف والجبن والعجز والخوف ، فهم يعيشون في الخيال الحالم ،ويتوهم من يحكم أنه لا يجوز للضعيف أن يحكم القوي، فهل يقوى القلم على العصى ، أو المداد على الدم ” هم يرون ذلك ” .
يرون دائما أنهم الأفضل والأكثر وعياً وحكمة، والأشد عزماً وقوة، وأنهم الأصلح للحكم والإدارة، وأن نهجهم أقوم، وأنهم القادة الملهمون جاد الزمان بهم علينا وتفضل .
أراهم أنا كالأنعام لكنهم لا يعلمون ، فعقولهم خفيفة، ورؤوسهم مخمورة، ولا يحركهم سوى الطرب، ولا يرضيهم غير سياط الجلادين تنزل على الظهور فتكوي، وعلى الأجساد فتدمي، فيكونون لغيرهم درساً وعبرة.
أيا عربُ أما آن للظلام ان يندثر و للموج الجائر أن ينحسر وللنار المتقدة أن تنطفيء أما آن أن يطلع النهار بعد طول الليل ، خلقنا الله أحرارا على هذه الأرض وأنبت لنا وليس لكم فقط نباته وأشجاره وزهوره ننتفع بها نحن معكم ولستم أنتم فقط ، أما آن للحلم أن يتحقق ويأتي عمر بن عبد العزيز بعدله الذي ملأ الدنيا شرقا وغربا ، حتى نفخر مرة ثانية بعروبتنا أما آن أن نفخر بحكامنا العرب أما آن لهم أن يتعرفوا على كل ما هو حديث في عهدنا وأن يطبقوا فينا كلام الله ورسوله . حقيقة أتالم ولا أرى بصيص من النور يهديني ولكن ليس لي من الأمر شيء غير دعاء لله الجبار أن يأخذ بأيدينا للتعرف على أنفسنا وحقيقتنا وأن يهدينا الى ما فيه الراحة والأمل في غد مشرق لكل الأمة العربية من هذه الحروب المستعرة في كل مكان ، وأملي أنه حتما سيسطع الفجر .