بقلم / ياسر الشيخ
مِنَ الناس مَنْ يقضى حياته متطلعا الى الافضل دائما .. يحثها على القفز الى المستحيل كى يرتقى سلم المجد … محققا احلاما تراوده … ومن الناس صنف لا يتطلع الى الافضل .. ولا يحث نفسه على القفز نحو الرقى… واضعا احلامه اسفل نعليه … ومنهم من يهوى الصعود متسلقا عبر اكتاف الآخرين غير عابئ بما يحدث لهم من ألم ونَصبٍ جراء تسلقه هذا وضغطه بنعله على اعناقهم لحظة الصعود وهذا مقصدنا الذى نغوص لبعض الوقت فى اعماقه … فهؤلاء طبقة منا غير ان طينتهم التى خلقوا منها تخللتها ذرات طمع وحقد وغل دفنت فى جزيئاتهم الى حين…فلا ترى منهم عوجا ولا عيبا بل تراهم العين فتبهر بهم ايما انبهار لكونهم قد جعلوا من هيئتهم صورة اقرب الى هيئة الملوك والاكاسرة .. واستقدموا لانفسهم حراسا تشبها بالملوك الاكاسرة… يجلس هؤلاء على مقاعد وثيرة تحيط بهم من كل صوب وحدب باقات الورود دُفع ثمنها من رصيد موظف يرى السوق قد اكتظ بالبضائع ولا يقوى على الاقتراب منه.. …ويستقلون سيارات اقتطع ثمنها من قوت ارملة تسعى على ايتام فلا تجد فى اكياس القمامة ما يسد رمقهم…. اما موائدهم فقد صفت بها من اصناف الاطعمة ما يكفى لاشباع نصف شعب بات لا يجد قوت ليله فيُكملها نوما عساه ان ينسى جوعه الكافر… قد تصيب احدهم وعكة من وعكات التخمة التى جلبوها بطعامهم وشرابهم فتقله طائرة خاصة الى اقصى الغرب كى تزول وعكته وقد خصمت من رصيد مريض لا يجد دواءً بمستشفى حكومى مما اقاموه بطول البلاد وعرضها هياكل خرسانية لا فائدة ترجى من خلفها سوى انها مقابر للاحياء.. حينما يتكلمون تجدهم يلحنون فى القول زينة وزخرفا … يطرب حديثهم القلوب الوديعة التى لا تعرف ديدنهم الذى يحوى فى طياته النفاق والمكر والدهاء بل والكذب… حديثهم متوحد متفرد لا يختلف باطنه عن ظاهرة … جميعهم يحفظون العبارات المنمقة المغرية التى تنفذ بنعومتها الى البسطاء… لم يختلف حديثهم منذ وجدوا فعبر ازمنة متعاقبة ظلت عباراتهم متوحدة متفردة .. غير ان الجديد يزيل حرفا ليضع بديلا عنه آخر بما لا يخل بسياق القول … عهدناهم فى كل عصر لااختلاف بين قديمهم وحديثهم… حينما يجلسون فوق مقاعدهم الوثيرة والمراوح تدور فوق رؤوسهم ..او اليوم وهم اسفل اجهزة التكيف التى استحدثت مع حداثة عصرهم… اما افعالهم واقوالهم فلم تتغير قيد انملة… لصوص .. فاسدون… مرتشون… غير ان الاحترام الذى يبدونه لنا لا يوحى بمكنوناتهم التى تطفو فور ان ياخذ احدهم رصاصة الرحمة من الكبير الذى يحركهم تحريك المخرج المسرحى لعرائسه من خلف ستار المسرح… على مدار عقود مضت وايام مازالت وهم يسرقوننا …يسرقون دوائنا .. طعامنا .. ملابسنا … حريتنا.. ارضنا… كنوزنا… آرائنا… كلامنا … هوائنا.. شواطئنا… مدارسنا… لم يتركوا لنا شئيا مما يقال انه وطن لنا غير انهم اوسعونا سبا ولعنا ذات يوم اننا لسنا الا شرزمة جاهلة لا تعى ديمقراطية ولا حقوق انسان … واليوم اغاروا علينا بمسميات جديدة اننا لسنا اهل لثورة تعيد رمانة الميزان الى وضعها الطبيعى فى المنتصف ويتحقق بها العدل المفقود بين طوائف الامة… لصوص .. مرتشون… فاسدون… ولكنهم محترمون…!! لا غبار عليهم فهم اتقنوا ان لايترك الجانى بصمة توحى لمتعقب انهم لصوص او مرتشون او فاسدون… هم يعلمون ان ذاكرتنا جد ضعيفة .. وان عواطفنا تغلب حماستنا واندفاعنا.. هم يعلمون انهم هم القانون لانهم وضعوا نصوصه حسبما اشارت عليهم ضمائرهم الفاسدة كى لا يحاكموا فيما بعد بنصوصه … لصوصيتهم لا تخفى على احد ولكن لا نص فى القانون يجرمهم.. مرتشون حتى الثمالة غير ان الرقباء عليهم يوأزرونهم فى مرتشاهم… فاسدون حتى النخاع الا ان المستفيدون من فسادهم يتسترون عليهم فلا يضرهم اذى…. زرفت عينا ارملة فى الطريق وهى ترى موكباً يتبختراحدهم فيه ولسان حالها يقول: بذخهم يكفى قريتى لعشرات السنين فلا يجدوا بيننا جائع ولا فقير معدوم… هى لا تدرى ان هؤلاء لا يشعرون .. لايعقلون.. لا يفقهون…بل هم لصوص مرتشون فاسدون.. واخرى وقفت تستجدى طبيبا ان ينجى وليدها من الم اصابه ومن بين عبراتها تنظر الى صورة فى صحيفة لخبر: نقل معالى (…..) بطائرة خاصة على نفقة الدولة لاصابته بصداع نصفى من جراء العمل المتواصل لخدمة المواطنين !!! تعجبت ان هذا اللص المرتشى الفاسد يُفعلُ معه هكذا .. ووليدها يتاوه من آلامه والمستشفى تطالبها بشراء الادوية من خارج المستشفى بل وعليها دفع مبلغ من المال نظير علاجه ..! وآخر ساقته قدماه الى حيث افراح اللصوص… المرتشون ….الفاسدون…. وقف بجوار سور المنتجع يتسمع القول من الخارجين وعيونهم تملائها علامات الذهول مما رأؤا وقد راح كل منهم يصف ما بداخل المنتجع * ياله من حفل رائع اسطورى ذكرنى بالف ليله وليله .. ** لا انه حفل قريب الشبه باساطير الشاطر حسن *** ان اكاسرة الفرس واباطرة الرومان ما كانوا يقيموا مثل هذا… * فاتورة الحفل فاقت المائة مليون … ** جنيه؟؟!! * بل دولار اصابت الرجل المتصنت لوثة نقل على اثرها الى مستشفى الخانكة ولسان حاله يردد : مائة مليون دولار وامى ماتت من غير حقنة انسولين له يا زمن…. الم اقل انهم لصوص مرتشون فاسدون… الم نصفهم انهم طفيليون متسلقون .. لا عقول لهم ولا قلوب ..دينهم دينارهم وقبلتهم نسائهم … يعبدون الدرهم والدينار … تراهم ركعا سجدا امام مصور لتتزين مكاتبهم بصور سجودهم …وهم يمصمصون شفاههم فى كل خطبة جمعة منصتين الى الامام ثم ما يلبثوا ان يعقدوا صفقاتهم بعد اداء الصلاة مع الشيطان من اجل مزيد من السرقات … لا يعنيهم تمزق وطن .. لا تتاثر مشاعرهم بغرق امة… فليس فى قاموسهم الشيطانى رحمة .. بل مكتوب فى صحيفتهم التى يحفظونها انا ومن بعدى الطوفان كم من اناس لا ذنب لهم غرقوا فى مراكبهم … وآخرون شويت لحومهم فى قطاراتهم.. وهناك من مات كمدا لظلمهم له… كم من مصاب جلل وقع لنا وهم فى حينه يواسوننا بمعسول القول وفى المساء يركضون الى مواخيرهم وقد تناسوا ما كان بالصباح… ان فقد العدالة فى الارض ليس معناه فقد لعدالة السماء بل هى مؤشر قوى ان هؤلاء اللصوص المرتشون الفاسدون قد حانت ساعة حسابهم وتأجل الحكم … وساء أكان الحكم براءة ام ادانة اعدام او سجن مشدد فهذا لن يكون القول الفصل فى جرائم هذه العصابة التى كانت بحق ….. لصوص.. مرتشون … فاسدون…ولكنهم.. محترمون ولا يحاكمون!!!