Site icon جريدة البيان

الكاتب الإسلامي أحمد فضل يكتب: لا يأس مع الإسلام ولا أمل بدون الإسلام (الجزء الثاني)

 

 

لا يأس مع الإسلام لان الإسلام هو نعمة الله عز وجل التى أنعم الله بها على الناس، ودينه الذى ارتضاه للبشرية جمعاء، وجنته التى يرتع فى جنباتها من أسلموا وأخلصوا دينهم لله عز وجل.

 

فكيف ييأس من أسلم لله ولامس الإيمان شغاف قلبه؟ كيف يياس من اعتصم بالله واتبع هداه ورضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا؟ قال تعالى(( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ*)) وقال أيضا جل فى عليائه ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*)) قال العز: اليأس من رحمة الله.. استصغار لسعة رحمته ومغفرته وتضييق لفضاء جوده، وذلك ذنب عظيم.

وقد حرم الله الياس على المسلم لان اليأس يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية.

فاليأس من رحمة الله يؤدى إلى القنوط من رحمة الله تبارك وتعالى والقنوط يؤدى حتما إلى الضلال وبالتالى إلى الانغماس فى المزيد من المعاصى والإفساد فى الأرض.

واليأس من إصلاح الأخرين ومعالجة مفاسد المفسدين، ومساوئ المسيئين يؤدى إلى عدم تقديم النصيحة وترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذا يتنافى مع مقصد حفظ الدين.

وكذلك اليأس من الشفاء يؤدى إلى عدم التداوى والاستشفاء وبالتالى زيادة سوء الحالة الصحية مما قد يؤدى إلى الهلاك، بل وإلى التفكير فى الانتحار وهذا يتافى مع مقصد حفظ النفس.

واليأس من التعلم والتعليم وعدم القضاء على الجهل يؤدى إلى انتشار الجهل والتخلف والتخبط والخرفات والخزعبلات وهذا يتنافى مع مقصد حفظ العقل.

والياس عن العمل والسعى فى الأرض لاستجلاب الرزق وسد الحاجة وحل المشكلات المادية يؤدى إلى السقوط فى حفر الفقر وبالتالى ضياع النفس والمال.

 

واليأس من تربية الأبناء وإهمال توجيههم وتأديبهم وتربيتهم التربية الصالحة النافعة يؤدى إلى ضياع الأخلاق والوقوع فى المحرمات وهذا يتنافى مع حفظ النسل والنسب والعرض.

ومن هنا نتيقن أنه بالفعل لا يأس مع الإسلام، وأن الإسلام هو دين التفائل والعمل والجد والاجتهاد ففيه أخبرنا ربنا بقوله (( إِنَّهُ لَا ياَْيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)) وقال تعالى (( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ*))
ودين الإسلام هو الدين الذى أعلمنا فيه ربنا جل في عليائه انه قريب من عباده يجيب دعوة الداع اذا دعاه ويكشف السوء عمن لجأ إليه ويكون عند ظن عبده به إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله قال تعالى ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ*)) وتامل معى فقد أخبر ربنا جل وعلا أنه قريب يجيب دعوة الداع دعوة من هم بالدعاء ولم ييأس ثم أمر ربنا عباده بالإستجابة إليه والإيمان به حتى يستجيب الله دعائهم ويرشدهم ويهديهم إلى صراطه المستقيم.

 

وقال تعالى (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ*)) وهنا ايضا بين ربنا أنه على المضطر ان لا يياس بل عليه ان يلجا الى ربه ويدعوه وحتما سيستجيب له ربه ويكشف ما به من سوء ولما لا وهو الذى قال (( اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ*)) وقال جل فى عليائه ((وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ*)). فمن الذى كشف الضر عن أيوب لما دعاه؟ إنه الله جل فى عليائه قال تعالى (( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ*)) ومن الذى رزق عبده زكريا بغلام بعدما كبرت سنه واشتعلت رأسه شيبا؟ إنه الله الوهاب الرزاق قال تعالى((وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ*)) ومن الذى نجى نبيه يونس وأخرجه من بطن الحوت لما لجأ إلى ربه وناداه فى الظلمات قال تعالى(( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ*)) ومن الذى نجى نبيه موسى ومن معه بعدما أدركه فرعون وجنده؟ قال الله عز وجل ((فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ* فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ* وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ*وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ*ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ*)) ومن الذى نجى نبيه إبراهيم بعدما ألقى فى نار مشتعلة؟ إنه الله القادر المعز قال الله عز وجل((قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ*قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ* وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ*)) ومن الذى نجى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعدما أحاط به الأعداء وهو فى غا ثور؟ إنه الله عز وجل قال الله تبارك وتعالى (( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ*)) فالناظر والمتدبر للقرآن العظيم وسنة سيد المرسلين فى دين الله الإسلام يعلم ان الإسلام كره اليأس للناس وحبب إليهم التفائل ونهاهم عن القنوط من رحمة الله ودعاهم إلى العمل حتى لو قامت القيامة فليس للمسلم أن يياس ويترك العمل والمحاولة والسعى من أجل نفع نفسه ومجتمعه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى(( يا ابنَ آدمَ ! إنك ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي ؛ غفرتُ لك ما كان فيك ولا أُبَالِي، يا ابنَ آدمَ ! لو بَلَغَتْ ذنوبُكَ عَنَانَ السماءِ، ثم استَغْفَرْتَنِي ؛ غفرتُ لك ولا أُبَالِي، يا ابنَ آدمَ ! إنك لو أَتَيْتَنِي بقُرَابِ الأرضِ خَطَايَا، ثم لَقِيتَنِي لا تُشْرِكُ بي شيئًا ؛ لَأَتَيْتُكَ بقُرَابِها مَغْفِرَةً))

فمهما كانت همومك ومصائبك لا تياس من روح الله ولا تقنط من رحمته ففضل الله عظيم وكرمه جزيل وعطاءه عميم ورحمته وسعت كل شئ.

 

 

Exit mobile version