لأول مرة .. جامعة القاهرة تجبر أبناءها على شراء الكتب !! والطلاب : كتب تافهة وغالية
ميزانية الجامعة تتخطى المليارى ونص المليار جنيه .. وإدارتها تنتشل عشرات الجنيهات من جيوب طلابها !!
مسئولو الجامعة مبررون : نريد محاربة (( بين السرايات )) .. والقرار لم يعمم لقياس نسبة نجاحه
تقرير / إبراهيم فايد
فى حلقة جديدة من مسلسل الجدل والانتقادات التى لاقتها جامعة القاهرة فى الفترة الأخيرة إثر بعض تلك القرارات المتعنِّتة فى نظر الطلاب والحكيمة الهامة فى نظر مُقِرِّيها .. تعرضت الجامعة فى اليومين الماضيين لموجة جديدة وعنيفة من الاحتجاجات والتى وإن لم تكن بالشكل الميدانى المعتاد إلا أن مواقع التواصل قد ضجَّت باعتراضات رُوَّادها من طلبة الجامعة التى يتعدى أعداد منتسبيها الربع مليون طالب على أقل تقدير بطلاب الفرق المختلفة لمعظم الكليات -منتظميهم ومنتسبيهم- وكذا الدراسات العليا وغيرهم .
وقد أتت تلك الاعتراضات مؤخرًا عقب صدور قرار يفرض على الطلاب دفع مبالغ طائلة فى بداية العام كرسوم ومصاريف الدراسة -بعد الزيادة- بالإضافة لسعر الكتب الدراسية والتى كانت والمتعارف عليه على مدار عشرات السنين أنها اختيارية وللطالب اقتناء ما يراه مناسبًا لتحقيق أقصى استفادة فكرية وذهنية ، وفى المقابل لا يقتنى الغير مناسب له ؛ لا سيَّما أننا فى عصر التكنولوجيات المتقدمة والسماوات المفتوحة والأبحاث والعلوم على اختلافها تملأ فضاء الأثير التكنولوجى الذى يسد أفق الغلاف الجوى ، الأمر الذى يتيح لطلابنا استلهام جذور المعرفة من مناهل شتَّى .
وفى تحاوراتنا الطلابية حول ذاك الأمر .. أوضحوا أن ردود المسئولين على مناشداتهم ومعارضاتهم لذلك القرار كانت تتلخص فى أن القرار صادر عن المجلس الأعلى للجامعات وليس قرارًا فرديًا لجامعة القاهرة ، وهو الرد الذى لم يلقْ القبول الكافى لدى الطلاب ؛ حيث أن ما يرونه على أرض الواقع مخالف لذلك تمام الاختلاف ؛ فهذا القرار لم يمَسْ جميع الكليات بل إنه لم يُطَبَّق على كل أقسام الكلية الواحدة ، وعلى سبيل المثال كلية الآداب جامعة القاهرة صدر القرار فقط على أربعة أقسام منها من أصل سبعة عشر قسمًا !! وتحديدًا أقسام (( اللغة العربية – الإجتماع – التاريخ – الفلسفة )) ، وكذلك لم ينتشر صداه إلا بحرم جامعة القاهرة دون باقى الجامعات ، وهى لمن لا يعلم تعد الجامعة صاحبة المرتبة الأولى على مستوى مصر فى تكدير صفو الحياة الطلابية بعد قرارات عديدة متعاقبة لرئيسها الهُمام “جابر بك نصار” الذى جُعِل هو الآخر فى مرمى نيران الكثيرين – طلبة وخريجين ورجال قانون ونواب برلمانيين ورجالات الإعلام وأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ووو ….. إلخ – إِبَّان العديد من القرارات المشبوهة والغامضة التى أقبل على اتخاذها فى الفترة الأخيرة كان على رأسها هدم المساجد والزوايا المنتشرة بمختلف أنحاء الجامعة واستبدالها بمسجدين أحدهما للطلاب والآخر للطالبات ، مرورًا بقرار تركيب تكييفات تمر امتداداتها وتوصيلاتها عبر مواسير تنبعث عشوائيًا خلال ثنايا القبة الأثرية للجامعة ما جعلها تبدو مُشوَّهة مبغوضة للناظرين ، وقرار منع المنتقبات من التدريس ، ومؤخرًا قرار عدم الاعتداد ببيانات الديانة لدى الطلاب فى الأوراق والشهادات التى تصدر عن الجامعة ، كل تلك القرارات وغيرها جعلت الكاميرات مسلَّطة على الدكتور المبجَّل “جابر نصار” ليبدو ويكأنَّه توارث الجامعة عن أجداده لا مجرد موظف عام بها ليقضى فترة خدمة إدارية وتؤول من بعدها لغيره !!
وفى عودة لصلب موضوعنا وسياقه الأساسى نستعرض لكم شكاوى الطلاب التى صاغوها بألسنتهم فى لقائنا معهم ، وكذا من خلال مناشداتهم على مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها مما وردتنا من رسائل واستغاثات سيطر عليها الغضب والحنق والضيق نتيجة الشعور بقهر إدارة الجامعة لهم ، وتتلخص تلك الشكاوى فى بضع نقاط نلخصها فيما يلى :-
- إجبار الطلاب على شراء الكتب الدراسية ودفع ثمنها بالكامل فى بداية العام مع مصاريف الكلية وإلا لن تتسلم كارنيه وبالتالى لن تستفيد بأية خدمات جامعية كخدمات مكتبات الجامعة ومعاملها الالكترونية والتسجيل فى الرحلات والأنشطة والأسر الطلابية والأهم من ذلك الخدمات الصحية بمستشفيات الطلبة .
- بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ليس لهم أية كتب ولا يحبِّذوا أن تكون لهم كتبًا خاصة بهم ويطلبون من طلابهم شراء مراجع بعينها ، ومع ذلك تصر إدارة الجامعة على أن يدفع الطالب ثمن الكتب بالكامل بما فيها كتب تلك المواد التى لم يطبع محاضريها كتبًا !!
- تتعنت إدارة الجامعة وإدارة كلية الآداب تحديدًا فى التنازل عن ذلك القرار بحجة أن الجامعة هكذا تضمن أن يحصل الطالب على الكتب منها ولا يتعامل مع مكتبات (( بين السرايات )) ، لكن هذا حكم جائر أن يُؤْخّذ طالبى العلم بذنب تجار كل غايتهم الكسب المادى ليس إلا .
- من إحدى المبررات التى سأم منها طلاب جامعة القاهرة تلك التى صرَّح بها وكيل كلية الآداب وغيره من مسئولى الكليات أن هناك نظام بالجامعة للدفع عن غير القادرين ، وبالرغم من ذلك من يذهب لشئون الطلاب يطلب الحصول على كتب دراسية لسوء ظروفه المادية لوفاة والده أو أيًا كان السبب يبدأ رحلة الروتين والبيروقراطية العقيمة لمدة ثلاثة أشهر وفى النهاية يضطر الاستدانة ليحصل على الكتب !! .
- معظم أعضاء هيئة التدريس إن لم يكن جميعهم يرفض دخول الطالب للمدرج وحضور المحاضرة إلا بالكتاب ، رغم أن الطالب لا يحتاج للكتاب غالبًا أثناء المحاضرة ويكون معظم تركيزه على محاولة الفهم والاستيعاب ، بينما الدكتور الجامعى أصبح لا يسعى لغير المكسب المادى لا البناء المعرفى لدى الطالب رغم أنه يتقاضى رواتب خيالية بالنسبة لمعظم فئات الشعب ، وبالتالى لا يتعين عليه النظر لصغائر الأمور تلك .
- إرتفاع أسعار المصاريف الدراسية والكتب بشكل مبالغ فيه بالنسبة لطلبة انتساب مع العلم أن معظمهم إما متزوجون ويعملون من أجل توفير قوت واحتياجات أُسَرِهِم ، أو سيدات حوامل أو متزوجات ويحاولن بقدر الإمكان التوفيق بين الدراسة والأسرة .. وبدلًا من أن تشجعهم الجامعة وتدعمهم اتَّجهت لمعاقبتهم على توفيرهم أماكن لزملائهم وعدم استفادتهم من جهود محاضريهم واستغنائهم عن جلَّ خدمات الجامعة !!
- ارتفاع اسعار الكتب بشكل مبالغ فيه ، فالطالب لا يكاد ينتهى من ثمن الكتب حتى تظهر له أبحاث وطباعة وتصوير ومراجع واستعارات واشتراكات ودمغات ومواصلات وسكن للمغتربين وتصبح الدنيا عبئ مادى وعبئ ذهنى وعبئ امتحانات وعبئ دراسة وعبئ غربة وعبئ قهر إدارة الجامعة وأعباء فوق أعباء لا يعلم مداها إلا الله .
وكما يتضح لنا أن تلك الشكاوى تعوق أجيال كاملة عن أداء مسيرة التنمية المعرفية والمشاركة الأكاديمية فى بلد يسعى لفرض قيودٍ تُكبِّلهم فلا يكادوا يتفلَّتون من قيدٍ إلا ويجدون الآخر ، وتعقيبًا على ردود مسئولى الجامعة على طلابها أن تلك القرارات تهدف للقضاء على نشاط منطقة (( بين السرايات )) فإنَّه -فى نظرى- أيًا كان نشاطهم محمودًا أم مكروهًا .. ألم تجدوا من يتحمل عبئ ذلك سوى الطلاب ؟! فالأولى ياسادة ياكرام أن تراقبوا محاضريكم وأعضاء هيئة تدريسكم وتشدُّوا على أيديهم علَّهم يرتدعوا عن التعاملات المشبوهة مع دور الطباعة والمكتبات الخارجية لتحقيق أرباح مادية خارج إطار الجامعة .
وللتوضيح برسمية أكثر كان لنا ذاك الاتصال الذى أجريناه بـ “فتحى عباس” المستشار الإعلامى لجامعة القاهرة ,,
والذى صرَّح بأن القرار جاء بالفعل لمحاربة (( بين السرايات )) ، وأن القرار لم يتم تطبيقه على الجميع لأنها مجرد مرحلة ابتدائية كبالونة اختبار لقياس نسبة نجاح القرار ، ومن ثَمَّ يتم تطبيقه على الجميع إذا ثبت نجاحه ، مشيرًا إلى أن هذا الأمر تم إقراره فقط فى الكليات النظرية التى يكثر فيها شراء الملازم ، والجامعة بقرار من مجلس الجامعة منعت الملازم واتَّجهت لمحاربة توزيعها بين الطلاب لأنها ضارة بالعملية التعليمية ، كما أن الكتب مرجعية ومدعومة من الجامعة ، ولكن بعض الطلاب يفضلون الملازم رغم أن الجامعة تدعم الكتب للطالب وكذلك تدعم الأساتذة فى طباعة الكتب وتعوضهم ماديًا ، أما بالنسبة لإجبارية شراء الكتب ودفع ثمنها مع مصاريف العام الدراسى من أجل استخراج الكارنيه ؛ فقد اختتم حديثه مؤكدًا أن هذا غير صحيح وإذا حدث هذا مع أى طالب فله حق الشكوى لإدارة كليته وعلى الفور سيتم اتخاذ القرار اللازم وأن باب إدارة الجامعة وشئون الطلاب مفتوحة لاستقبال شكاوى أى طالب يجد عكس ما تم ذكره أو يجد أى تعنُّت من الجهات المختصة داخل كليته -وهو ما أعلنه الطلاب كلامًا دبلوماسيًا لا يمت للواقع بصلة- .
كما نراها جميعنا تلك القرارات الغير مسئولة والغير مبررة والغير مقبولة لكل ذى لُبٍ وحصاة ، غير عابئةٍ بأحوال المواطن المادية وتلك الظروف القاسية اقتصاديا التى تعيشها مصر ، وبدلا من أن تتضامن إدارة الجامعة مع شبابها الذى يعانى العمل ليلًا ليجد ما يعينه على الدراسة الجامعية نهارًا بما تتطلبه غالبًا من مصروفات ومتاعب مادية وجسدية ومعنوية ، فأبت إلا أن تكون عبئًا إضافيًا على أعباءٍ توارثها المجتمع وياليتها تثاقلت على كاهل أعضاء هيئة تدريسها ممن يتقاضون الآلاف شهريا بل لجأت لمص دماء طلابها بل وحتى هددوا من يلجأ لجمع توقيعات الطلاب لتوصيل صوتهم بطرق سلمية بأنه سيتم تحويلهم للتحقيق فى إشارة خفية لهم لبدء نفير الاحتجاج والتخريب والاستهانة بحرم الجامعة التى ما لبثنا أن استمتعنا بصفائها بضعة أشهر !!
مع العلم أن ميزانية جامعة القاهرة وفق ما نُشِرَ مؤخرًا تتجاوز المليار ونصف على أقل تقدير ، بل قد تزيد وتتجاوز الاثنين مليار وفق تصريح صدر العام الماضى على لسان د. “يسرى إبراهيم” أمين عام الجامعة حين قال أن ميزانية الجامعة تخطَّت المليارى جنيه و500 مليون جنيه !! وهنا لابد من وضع علامات استفهام كثيرة والمجال لا يسنح للحديث عن طرق الحصول على تلك الميزانية وسبل صرفها ولكن دعونا نستغل فرصة ذاك الغناء الفاحش ونطالب بحقوق طلابها وهو الأهم من عقد اتفاقيات ثنائية مع جهات أجنبية لأسباب واهية أو زراعة حدائق وتأسيس ملاعب وإقامة مشروعات ترفيهية ورصف طرق داخل الجامعة واستحداث رفاهيات ليست لشئِ سوى للمفاخرة بالجامعة تاركين أبنائنا بين شِقَّى الرُّحى وما بين مطرقة الحالة الاقتصادية وسندان ضغوط الدراسة .
أين وعود السيد الدكتور المبجَّل “جابر نصار” بتيسير الأمور على أبناء الجامعة ؟
أين تصريحاته البرَّاقة وكلماته المعسولة دوما فى مداخلاته الهاتفية ببرامج الـ Talk Show حول مجانية التعليم ؟
أين دور وكلاء التعليم والطلاب بالكليات من ذويهم -الطلاب- ؟!
لما لا يتحدثون باسمهم بدلًا من طردهم من مكاتبهم (بدون ذكر أسماء) ؟
كذلك أين دور عمداء بعض كليات الجامعة العريقة ممن هددوا الطلاب بالتحويل لمجالس تأديبية وفصل من الجامعة لمجرد المطالبة بالتيسير (مع عدم ذكر أسماء أيضًا) ؟
لتعلموا أن مناصبكم تكليف قبل أن تكون تشريف ، ولتعلموا أيضا أن الكراسى لا تدوم وأنكم مسئولون عمَّن اقتضت الضرورة لأن تعولوا من أبنائكم الطلاب ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثيه الشريفين :-
” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ” … إلى آخر الحديث . والطلاب رعيةٌ فى ذممكم .
وقال أيضًا : ” كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيِّع من يعول ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .