الخميس الموافق 10 - أبريل - 2025م

كيف نبدو تحت عجلات قطار العمر ؟!!

كيف نبدو تحت عجلات قطار العمر ؟!!

كتبت _ عبير محمود

 

 

هل يشيب القلب حينما يشيب الرأس؟!
هل تتغير مشاعرنا عندما نتقدم بالعمر ؟!
ماذا عن الألم والشعور بالوهن هل يتلاشي؟ والحب.. هل يبقي، يستمر، ينتظر، أم يتهاوي في طرقات العمر ونغدو عجزة لا يعنينا شئ ؟!!
قلت ذلك وأنا أتأمل صحراء عينيها البنية العجوزة، وملامحها الحكيمة الهادئة، فأجابت:

يا طفلتي القلب لا يشيب مهما غزي الشيب رؤوسنا، تزداد مشاعرنا بمرور الزمن، وتتوهج أكثر، لكن اكتراثنا بها يصير أنضج، يظل الألم والشعور المخيف بالفقد يتلوي داخلنا، والحب يبقي ويستمر لكنه لا ينتظر، بل يدهسنا تحت عجلات قطاره ليترك بداخلنا وصمة لا تُمحي أبداً ولا تهدأ حدتها مهما حدث، تأخذنا الحياة لممرات أكثر إلتوائاً وتعرجاً، ونخوض في أمواجها العالية حروباً مُنهزمة وأخري ناجحة بطريقة مُزهلة، لكن هناك شئ يظل عالقاً في مركز القلب، نتذكره كلما فرغنا إلي أنفسنا في زاوية الغرفة بمفردنا، وآوينا إلي فراشنا ليلاً، وكلما وددنا الرجوع إلي الوراء واحتضان أنفسنا القديمة وأشيائنا المبعثرة، وذكرياتنا التي تحفرنا حفراً وتملأنا حنينا كلما كبرنا..

قلت : ماذا ستفعلين اذا أمكنك الرجوع إلي الشباب مرة أخري ؟!
أجابت بعد تنهيدة عميقة : سأهتم بكل لحظة أحياها، سأقدس الوقت،ثم الوقت، ثم الوقت، سأهتم بإسعاد نفسي أكثر، وأتمسك باليد التي أفلتها في اعوجاج الطرقات ومظاهرها الخادعة، كنت لأتفاني في وهب قلبي لأحدهم لولا قتلني الكبرياء وقلة النضج والعادات المشوهه..
قلت لها وأنا أعترض عليها الطريق : ألا يغدو الحنين إلي الماضي بعد كل هذا خيانة ؟!
هل تعترفين بها الآن ؟!
أم كل هذا محض هذيان تقدم العمر !!

ابتسمت لي بسخرية وثقة قائلة:
الخيانة ليست في الحنين لذكرياتنا القديمة والوفاء بعهود القلوب التي سحقناها رغما عنا، الخيانة يا طفلتي أن تتركين إرثك من الذكريات من أجل حياة لم تختاريها أبدا، من أجل ابتسامات مزيفة وقناع أخفي حقيقتك، من أجل أن تعيشين سُنة الحياة لا الحياة نفسها …

تشوش عقلي وضجرت من سماع كلماتها الراضخة، ثم وقفت أمامها وأنا أحكم عليها كأي انسان عادي بالخيانة مهما كان المبرر..

ذهبت أرتب عقلي وأنظف ذاكرتي من وهم كلماتها المُرعبة..
مرت سنواتي الثقيلة وانا أجلس علي كرسيي الهزاز المفضل، يكسو شعري المشيب وأنا أتذكرها وأهمس لنفسي : لم تكن خائنة بقدر ما كان وفائها النادر في أوج عظمته..

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80949916
تصميم وتطوير