Site icon جريدة البيان

كشف حساب.. “البيان” ترصد خطايا مجلس النواب فى حق الشعب

قوانين أقرها البرلمان نسفت العدالة الإجتماعية ونكّلت بالفقراء ومحدودى الدخل أبرزها الخدمة المدنية والقيمة المُضافة.. وخبراء: يخدم الحكومة وأجندتها الرأسمالية المتوحشة

كتب: عبد الشافى مقلد
عانت مصر مُنذ عزل محمد مرسى من رئاسة البلاد، فراغًا تشريعيًا أدى إلى ارتباك وتخبُّط فى إدارة شئون الدولة سياسيًا وإقتصاديًا وفى شتى المجالات.. السلطة التنفيذية المُتمثلة فى مؤسسة رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والهيئات والجهات المختلفة، تُعد جهات تنفيذ للقوانين والتشريعات التى تصدرها المؤسسة التشريعية وهى مجلس النواب..

 

فكان لغيابه مع التزامن فى عدم الإستقرار الذى عصف بالدولة أثرًا بالغًا أدى إلى فوضى وارتباكًا فى إدارة الأمور السياسية والإقتصادية إلخ، مما انعكس مباشرةً على مصلحة المواطنين لاسيما البسطاء، فكان البرلمان مخرجًا لهم من سياسات الحكومة المُحجفة والتقشفية التى تجور على الفقراء ومحدودى الدخل لا غيرهم، فهو المُمثل لهم والقائم على رفع مُعاناتهم وحلها وإصدار القوانين التى من شأنها إصلاح “الحال المايل”.. فجاء الشعب بـ 599 مواطنًا إلى مجلس النواب، ناصرًا لهم ومنتظرًا منهم،

 

وما إن كانت الصدمة سريعة ليتفاجىء ببرلمان أكثر قربًا للحكومة من برلمانات مبارك وشركاه، بل وأصبح بوابتها لتنفيذ سياساتها القاسية بإصدار القوانين والقرارات التى من شأنها إلحاق الضرر بالغالبية الكاسحة من الشعب وهم الفقراء ومحدودى الدخل، ولصالح الأغنياء، بالإضافه إلى مواقفه المستمرة الداعمة لها على الرغم من فلشها الزريع، ولعل الكوراث والأزمات التى تحدث بشكل يومى خيرُ دليل، دون موقف قوى منه ولو حتى بتقديم الإستجوبات وطلبات الإحاطة الفعلية.. غالبية المصريين يشكون مُر الشكوى من البرلمان لدرجة أن عدد كبير منهم يرى أنه المُحلل الشرعى لبطش الحكومة بالفقراء..

 
“البيان” ترصد فى تقريرها هذا، كشف حساب للبرلمان.. القوانين التى أصدرها وكانت ضد الصالح العام، ومواقفه وممارساته التى أفقدت ثقة المواطنين فيه..
قانون الخدمة المدنية
أثار قانون الخدمة المدنية الجديد الذى أقره البرلمان، وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا جمهوريًا به، جدلًا واسعًا فى الأوساط السياسية والشعبية فى الآونة الأخيرة، وذلك لأن الكثير من موظفى الدولة يصرون على رفضهم للقانون وذلك لتحفظهم على العديد من مواده، وهى:

 

المادة 24 من القانون والتى تنص:”لا يجوز بأية حال من الأحوال أن يعمل موظف تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى فى نفس الوحدة”.

 
المادة 27 :”يُعرض أمر الموظف الذى يُقدم عنه تقريران سنويان متتاليان بمرتبة ضعيف على لجنة الموارد البشرية، لنقله لوظيفة أخرى ملائمة فى ذات مستوى وظيفته، لمدة لا تجاوز سنة، وإذا تبين بعد انقضاء المدة المشار إليها فى الفقرة السابقة أنه غير صالح للعمل بها بطريقة مرضية، اقترحت خصم 50 % من الأجر المكمل لمدة ستة أشهر”.
المادة 33 ونصها:”تُحدد اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب على ألا تزيد مدته على أربع سنـوات، وللوحدة المنتدب إليها الموظف اتخاذ اجراءات نقله من الوحدة المنتدب منها، بعد هذه المدة وفى حالة رغبة الموظف، ووفقا لحاجة العمل”.

 
المادة 36 وجاءت كالتالى:”يستحق الموظف علاوة دورية سنوية فى الأول من يوليو التالى لانقضاء سنة من تاريخ شغل الوظيفة أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة، بنسبة 7 % من الأجر الوظيفى، على أن يحدد مجلس الوزراء نسبة العلاوة السنوية”.
المادة 61 الخاصة بالجزاءات التى يجوز توقيعها على الموظف هى:

 
الإنذار.. والخصم من الأجر لمدة أو مدد لا تجاوز ستين يوماً فى السنة.. والوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل.. وتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتيـن.. والخفض إلى وظيفة فى المستوى الأدنى مباشرة.. والخفض إلى وظيفة فى المستوى الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية.. والإحالة إلى المعاش.. الفصل من الخدمة.

 
أما الجزاءات التى يجوز توقيعها على شاغلى الوظائف القيادية هى:
التنبيه واللوم.. والإحالة إلى المعاش.. والفصل من الخدمة.
أثار هذا القانون سخط الموظفين والنقابات المختلفة وعدد من القوى السياسية، نظرًا للضرر الذى يُلحقه بهم وما له من آثار سلبية لا يُمكن تغافلها، على حد قولهم.
مشروع قانون القيمة المضافة
تواصل لجنة الخطة والموازنة فى مجلس النواب، مناقشة مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، الذى أعدته الحكومة ممثلة فى وزارة المالية، وأرسلته للبرلمان لمناقشته وإقراره وتطبيق تلك الضريبة على السلع والخدمات.

 
وقد أثارت تلك الضريبة جدلًا كبيرًا منذ بدء الحديث عن تطبيقها، إذ تعد إحدى أكثر الضرائب الاستهلاكية انتشارًا فى العالم، فهناك أكثر من 150 دولة حول العالم تطبقها، وهى ضريبة تطبق على الفارق بين سعر الشراء للبائع وسعر إعادة البيع، وذلك فى كل مرحلة من مراحل العملية الإنتاجية أو الخدمية.

 
وتحدث المتخصصون وعدد من النواب عن الكثير من السلبيات التى شملها مشروع القانون، والتى تنذر بعواقب ومخاطر تهدد سوق السلع والأسعار، الذى يعانى اضطرابا وارتفاعا فى الأسعار، مما يضر بحقوق المواطنين الفقراء ومحدودى الدخل، وتتلخص هذه النقط فيما يلى:
1. الجدل الكبير حول القانون أعطى فرصة من الوقت لبعض التجار والمصدرين والمستوردين لتخزين بعض السلع التى سترتفع أسعارها طبقا للضريبة الجديدة.
2. ارتفاع الأسعار غير المبرر بسبب استغلال البعض لحالة السيولة التى ستصاحب تطبيق القانون واستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة.

 

3. أن يشمل الارتفاع فى الأسعار سلعا ليست ضمن جدول الزيادة، باستغلال البعض حالة الجدل والضبابية حول القانون فى رفع سلع ليست ضمن الضريبة الجديدة.
4. اختفاء بعض السلع الأساسية لرفع سعرها ضمن هوجة الزيادات الجديدة.
5. رفع أسعار بعض الخدمات الهامة، حيث إن الضريبة لاتطبق على السلع فقط، بل أيضا على الخدمات؟.
وعلى الرغم من إقرار البرلمان للعديد من القوانين إلا أنه حتى الآن لم يصدر التشريعات التي نص عليها الدستور، حيث حدد في الباب السادس منه “الأحكام العامة والانتقالية”، القوانين التي يجب على البرلمان أن ينتهى منها خلال دور الانعقاد الأول، ومنها قانون العدالة الانتقالية وقانون الإدارة المحلية، علاوة على عدد من القوانين المكملة للدستور، بالإضافة إلى قوانين الانتخابات والهيئة الوطنية للانتخابات، وقانون السلطة القضائية وغيرها.
البرلمان فى مواجهة الأزمات.. خارج نطاق الخدمة.

 
لم يقم مجلس النواب بدوره المنوط به فى إصدار قرارات استثنائية كأزرع واقية في مواجهة العديد من الأزمات مثل أزمة ارتفاع الدولار، وفساد صوامع القمح، وإختفاء السكر وجنون ارتفاع الأسعار.. كما يعتمد حتى الآن على القوانين التي ترسلها الحكومة ولا يقوم هو بتشريع القوانين وإلزام الحكومة العمل بها.. فضلًا عن إهداره فرصا ذهبية لإصدار قوانين مؤثرة بل إنه أنهى دورته البرلمانية الأولى معطلا لنص دستورى يلزمه يإصدار جميع القوانين المكملة للدستور فى دورته الأولى، مكتفيا بإصداره قانون بناء الكنائس.

 
وشهدت الدورة البرلمانية حالة من التخبط وخلط الأوراق، وأشار المراقبون فى هذا الصدد إلى أن المنصة تعمدت إجهاض حقوق النائب فى التشريع، بدليل رفضه إصدار قانونين لنائب واحد وهو مصطفى بكرى يتعلقان بالاعلام والصحافة، بينما تشكك البرلمان فى قدراته وأرسل مشروع بكرى الثانى إلى الحكومة لإبداء الرأى لتتحول حكومة شريف إسماعيل الى خصم وحكم فى وقت واحد.
وقال المراقبون إن موافقة البرلمان على 340 قرارا بقانون فى بداية الدورة البرلمانية كانت قد صدرت بقرارات جمهورية فى عهد الرئيسين عدلى منصور والسيسي، هى التى أظهرت سلطته فى التشريع، ولكنه عجز عن إصدار عدد من المشروعات المهمة وراح ينتقى من مشروعات قوانين مقدمة من نوابه ما يراه مناسبا.

 
وفى الرقابة اختفت العديد من وسائل الرقابة التى تغنت بها برلمانات ما قبل ثورة يناير وأهمها البيانات العاجلة.
وتساءل الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية والبرلمانى السابق: أين أجندة هذا المجلس التشريعية والرقابية على مدار عام؟ وما هى أجندته التى تبناها من أجل تحسين أحوال الشعب المصرى؟.

 
وقال زهران: هذا البرلمان جاء لخدمة الحكومة وأجندتها الرأسمالية المتوحشة ضد الفقراء وضد الطبقة المتوسطة وفى خدمة الرأسمالية العالمية وصندوق النقد الدولى ولتمرير كافة قوانين الجباية التى ستقسم ظهر المواطنين.
ومن جانبه قال البرلمانى السابق، عبد الرحمن بهادر إن مجلس النواب بالوضع الراهن يعكس صورة سلبية عن نفسه، وأن نتائج دور الانعقاد الأول للمجلس غير مرضية للمواطنين.

 
أضاف:”المواطن يشعر وكأن المجلس لم يأتِ بأي نتائج منذ تشكيله، خاصة في تلك المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلد، فالمواطن يشعر فقط بارتفاع الأسعار، وعدم نظافة الشوارع، لذلك فإن الوضع الاقتصادي للدولة يجبر البرلمان على اتخاذ أو القيام ببعض الأمور غير المرضية للشعب، كقانون القيمة المضافة، والموافقة على ارتفاع أسعار استهلاك الكهرباء، مؤكدًا أن التحديات التى تمر بها الدولة ليست مبرره لفشل البرلمان.

Exit mobile version