جمال مهدى
كتب علينا اللاعبون الأسوياء الهم والنكد، فى معظم المناسبات الدولية أو العالمية، فلا يُطال من ورائهم سوى بضعا من الميداليات الحديدية التى لا قيمة لها لو أحرزوها، فى المقابل كان المعاقون على موعد مع السعادة، والمجد لهم أينما حلوا ببطولة يغرفون الذهب بالجملة، سواء كانوا بالجماعية أو الفردية.
لذا طالبنا كثيرا اللجنة الأوليمبية المصرية، بضرورة عمل التخصص الرياضى بعمله فى اللعبات التى تناسب قدرات الرياضيين المصريين، خاصة من النواحى الجينية والفسيولوجية والنفسية، فقد قام به ذوو الاعاقة بالدورات الأوليمبية الثمانى الأخيرة، منذ دخولهم مجال الدورات البارالمبية بدورة برشلونة فى العام 1992، فالتخصص يمحو الفشل الأوليمبى الذريع.
تخيلوا مصر الرائدة أفريقيا والضاربة فى عمق تاريخ الأوليمبياد قديما، ولها صولات وجولات بأبطالها القدامى، جاء مركزها رقم 75 على العالم بدورة البرازيل الأخيرة، وذلك بتحقيقيها الثلاث ميداليات برونزية، حققتها “سارة سمير” و”محمد ايهاب” فى رفع الأثقال، و”هداية ملاك” فى التايكوندو، وتخلفت مصر وراء دول كثيرة أحدث منها فى ممارسة الرياضة، مثل كينيا ونيوزيلندا وتايلاند واثيوبيا وأندونيسيا والبحرين وفيتنام والأردن وكوسوفو وبورتو ريكو وسنغافورة وماليزيا وغيرها.
لكن التخصص الرياضى نفذه ذوى الاعاقة فجاءت نتائجهم أفضل من الأسوياء، ففى الألعاب البارالمبية حدث ما طالبنا به، حيث ركزت اللجنة البارالمبية على اللعبات التى تستطيع مصر من خلالها تحقيق ميداليات ذهبية فى المقام الأول، ورغم أن عدد المسابقات التى شملتها الدورة البارالمبية يزيد ثلاثة أضعاف عن مسابقات الدورات الأولمبية العادية للأسوياء، الا أن مصر شاركت بنحو 45 لاعبا ولاعبة فى 5 رياضات فقط، هى رفع الأثقال 9 لاعبين و8 لاعبات، والكرة الطائرة جلوس 12 لاعبا، وتنس الطاولة 6 لاعبين ولاعبات، والسباحة لاعب ولاعبة، وهذا العدد يوازى ثلث عدد المشاركين بالدورة الأولمبية للأسوياء كما قلت، ولكن حدث العكس فى النتائج، حيث احتلت مصر المركز 30 على العالم بالدورة البارالمبية، أى أفضل بـ 45 مركزا عن ترتيب البعثة الأوليمبية للأسوياء، وحقق الرياضيون ذوو الاعاقة 12 ميدالية أى 4 أضعاف ميداليات الأسوياء منها 3 ذهبيات و5 فضيات و3 برونزيات، وجاءت الميداليات فى 3 لعبات من الخمسة المشاركة، وهى رفع الأثقال التى حققت 10 ميداليات من اجمالى 12 ميدالية، مقابل ميدالية واحدة كانت فضية لألعاب القوى وبرونزية واحدة لفريق الطائرة جلوس.
الحصاد أكبر وأفضل لأن ذوى الاعاقة كانوا أكثر حرصا على المال العام من الأسوياء، وشاركوا فقط فى اللعبات التى يمكن أن ينافسوا فيها على ميداليات، وحتى لا تكون المقارنة ظالمة سأعود للوراء منذ دخلت الدورات البارالمبية حيز الوجود بداية من برشلونة 92 وحتى ريودي جانيرو بالبرازيل من العام الحالى، أى على مدى 7 دورات متتالية، حقق الأسوياء خلالها 13 ميدالية منها ذهبية واحدة و4 فضيات و8 برونزيات، فى الوقت الذى حقق فيه ذوو الاعاقة 141 ميدالية منها 39 ذهبية و51 فضية ومثلها برونزية، وهو ما لم يدركه الاصحاء، وجاءت تلك الانجازات بروح التحدى وبالعلم والتخصص، وبجدعنة المصريين الحقيقية.
التعليقات